ماذا لو عرفنا الفرق بين الدين والتدين؟!
ماذا لو عرفنا الفرق بين ثقافة الاختلاف والخلاف؟!
ماذا لو عرفنا الفرق بين العفو عند المقدرة والغفران عند العجز؟!
ماذا لو عرفنا الفرق بين التسامح والنسيان؟!
ماذا لو بحثنا في المصطلحات لنعرف: هل الدين أخلاق وممارسات وتكليفات وعبادات، أم إعجاز علمي انحصر في بودقة فئة بعينها آثرها وفضلها دون غيرها بملكية الحقيقة؟!
ماذا لو عرفنا أن المعرفة والحقيقة ضد الإيثار والاستحواذ؟!
ماذا لو عرفنا أن نصف الحقيقة كذب وتضليل؟!
ماذا لو عرفنا أن المرأة خلقت من ضلع أعوج ليس عن نقص أو عجز أو تقليل لمكانتها في الإسلام - كما يدعي بعض المستشرقيين - وإنما دليل على ضعف في البنية الجسمانية وأنها تحتاج إلى الرعاية والحماية والحب والإهتمام والقوامة؟!
ماذا لو عرفنا أن النساء لسن ناقصات عقل ودين، لأنهن لو كن كذلك لما سبقن الرجال في سن التكليف، وكذلك لأصبح جزائهن أقل وأخف وطأة وحدة من الرجال، وكذلك لطلبت المرأة من ربها الإنصاف والعدل - وحاشاه ألا يتصف بهما - لأنها كيف تعاب وتوصم بما فرض عليها وإنما فطرت عليه نتيجة خلقتها لما يسرت له؟!
ماذا لو عرفنا أن شهادة الرجل لا تعادل شهادة امرأتين دائماً، بل إن هناك حالات عديدة لا تقبل فيها إلا شهادة امرأة، فمثلاً وليس حصرآ: حالات الحمل والولادة والعدة والرضاعة وغيرها الكثير لا يقبل فيها إلا شهادة امرأة.
ماذا لو عرفنا أن نصيب الرجل من الميراث ليس مثل حظ الأنثيين دائماً، بل إن هناك حالات عديدة ترث فيها المرأة أحياناً مثل الرجل وأحياناً أكثر من نصيب الرجل وأحياناً أخرى لا يقاسمها الرجل مطلقاً في ميراثها ويصبح خالصاً لها وحدها دون غيرها.
ماذا لو عرفنا أن الله الذي أجاز للرجل الزواج بمثني وثلاث ورباع هو أيضاً الذي قال في محكم كتابه أيضاً: ( ولن تعدلوا) .
ماذا لو عرفنا أن زكاة العلم نشره وليس أسره، وأن أي كلمة توجه لنا أصبح لزامآ علينا البحث عن حقيقة قائلها، وعن توجهاته الفكرية والدينية والأيدلوجية، وعن حقيقة مبتغاه، فهل هي كلمة حق يراد بها باطل أم أنها حقيقة خالصة مبتغاها مرضاة الله. فإن الحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال هم الذين يعرفون بالحق والدليل والحجة.
وأخيراً. إذا كان الجهل أو التجهيل فريضة فرضت علينا في مجتمعاتنا العربية وأصبحت صناعة الجهل سمة المرحلة، فعلينا أن نجعل من علمنا قربانآ تقربآ إلى الله وتأريخآ لنضالنا المعرفي وأن نجعل من شهداء الكلمة والفكر أمثال هوميروس وسقراط وهيباتيا وماري كوري وغيرهم الكثير نماذج نحتذي بها وسط ظلمة طريقنا، حتى نستطيع أن نببدد ظلام ذلك الجهل بنور معرفتنا المستنيرة التي تقبل ثقافة الاختلاف وتقبل بكل آخر شريكاً في المسيرة.
فلنقرأ يا أمة كليم الله، فلنقرأ يا أمة كلمة الله، فلنقرأ يا أمة القرآن، فقد كان أول تكليف إلهي لنبينا في أول آية نزلت عليه هو: ( اقرأ) .
بقلم: د / فاتن ناظر
-
دكتورة فاتن ناظرإذا كان في الكتابة حياة ففي القراءة حيوات