لماذا سوف أصوت ؟
المشاركة في الإنتخابات الجماعية
نشر في 28 غشت 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
أذكر أنه في صغري و في بداية سنوات شبابي كنت من الداعين للمقاطعة و أفتخر أنني لست مسجلا في اللوائح الإنتخابية و لن أصوت و ما إلى ذلك.
مع مرور الأيام و انفتاحي على العديد من الثقافات و العلوم بدأت هاته القناعة تتغير تدريجيا إلى أن شاركت في الإستفتاء على الدستور و الإنتخابات التشريعية.
سلم الوعي
تختلف قياسات الوعي لدى الإنسان باختلاف المدارس، لكن المعيار الذي أتبناه هو معيار هاوكينس للوعي، و هو معيار غير دقيق لكنه أصل لمسألة مهمة حيث أنه وضع سلم الوعي من 0 إلى 1000، حيث أن الصفر هو أدنى درجة و 1000 هي أعلى درجة، دون الإطالة في الحديث عن سلم الوعي فالبنسبة لي أهم شيء تعلمته أن هذا السلم ينقسم إلى قسمين رئيسين أقل من 200 (و هو المستوى السلبي حيث يعيش أكثر من 78 في المائة من سكان الأرض حاليا) و فوق 200، و تبقى عتبة ال200 هي مرحلة المسؤولية، أي أن الشحص يتحمل مسؤوليته كاملة و لا يعتبر نفسه ضحية للأخرين من سحرة و ماسونية و سلطة و أمريكا و المجتمع و المدرس الفلاني و الحزب الفلاني و الدولة الفلانية.
إعجابي بهذا السلم و تعرفي عليه نقلني نقلة نوعية في حياتي، و أهم شيء استمتعت به هو شعوري بالتفاؤل و الحيوية لمجرد تقبلي عقلي شيئا فشيئا لهاته الفكرة، و كخطوة أولى قمت بالتخلص من متابعة مجموعة من الصفحات السلبية على المواقع الإجتماعية و كذلك مقاطعة نشرات الأخبار و المواقع الإخبارية، و شيئا فشيئا بدأ محيطي يتغير و بدأ المتشائمون و السلبيون و المحبطون و المثبطون يختفون عن حياتي.
ما العلاقة؟!
قد يتساءل البعض عن علاقة هاته المقدمة عن الوعي و تحمل المسؤولية مع عنوان التدوينة، هاته المقدمة لها كل العلاقة مع هاته التدوينة، لأن المشاركة في عملية التصويت رغم الظروف و "الإكراهات" هي ضرب من ضروب تحمل المسؤولية، مع تعدد أفكار و ميولات و إيديولوجيات الداعين للمقاطعة فإنهم و عن حسن نية يتفقون في نقاط كثيرة من بينها أن هاته الإنتخابات ما هي إلا مسرحية، و أن الحزب الفلاني كان يسير الجماعة الفلانية و لم يأت بجديد، و أن نفس الوجوه الفاسدة تتكرر في كل انتخابات، و أنهم لن يشاركوا حتى تتغير الأمور و ما إلى ذلك، هاته الحجج و الدلائل كلها تبدو منطقية، لكنها للأسف لا تناسب قناعاتي و أفكاري، فكلها توجه أصبع الإتهام للخارج و تنكر أن المواطن طرفا فيها.
الداخل و الخارج
شخصيا أؤمن ايضا أن التغيير يبدأ من الداخل و ليس من الخارج، ما جرى في 2011 في بعض الدول العربية أو ما يسمى ب"الربيع العربي"، هو تجسيد لهاته العقلية أن مشاكل الدولة سوف تحل فقط بتغيير الأنظمة عبر الدم و الخروج للشارع لأن "الدولة" و "الحاكم" هو المسؤول عن كل شيء و الشعب مجرد "ضحية" لمؤامرات صهونية و ماسونية و أمريكية و القائمة طويلة للمسؤلين عن هذا الوضع، و باختصار الكل مسؤول إلا المواطن، هذا المواطن يرفض و بشدة أنه طرف في منظومة الفساد، و أن مستأنس بهاته المنظمومة بشكل أو بآخر، و تجد العديد من "الواعيين" يتحدث بفخر عن الديموقراطية في الغرب و في الهند و يغفل أن دور المواطن كبير في هاته الدول، و أول دور يلعبه هو المشاركة في اختبار في من سوف يمثله، و إن كان لا يثق في اي أحد لماذا لا يتقدم بترشيح نفسه ؟
اللعب في المساحة الضيقة
يرد البعض أن المشكل ليس فقط في المرشحين و نزاهتهم إلا أن المشكل في صلاحياتهم المحدودة و أن كل شيء مدبر من جهات معينة و ما يحدث هو فقط مسرحية و هو يرفض أن يساهم في تأثيثها، لنفرض جدلا أن هذا الإفتراض صحيح، و رغم ذلك فإن هاته المجالس المنتخبة لها دور و لو بسيط في تسيير صغريات الأمور، فإن تيسرت صغريات الأمور فإن كبرياتها سوف تتيسر تلقائيا سواءا شاء "المفسدون" أم أبوا.
لهذا سوف أصوت إن شاء، كنت أود أن أملك الشجاعة الكافية للتقدم لأنتخابات، لكن ربما في مرة قادمة إن شاء الله، ايا كان لون المنتخَبين في هاته الإنتخابات أرجو من الله أن يعينهم على وزر ها.
-
ضياء الحق الفلوسطالب علم في مدرسة الحياة. مولع بسباقات الطريق مولع بالبرمجيات و مسابقات البرمجة و التكنولوجيا الحديثة. مولع أيضا بالتدوين والرسم والتصوير.