حصار هواة المنصورة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حصار هواة المنصورة

  نشر في 09 شتنبر 2015 .

مسرحية الحصار أو الطاعون التي كتبها ألبير كامي . تعدد تقديمها في مصر في الفترة الأخيرة ؛ وربما يعود هذا التعدد . أن غير الملمين كلية بفلسفة كامي ، يرون في المسرحية حالة من التصدي لنظام غاشم يفرض نفسه على المدينة . من قبل بطل العرض . ومحاولة بعث الثورة في نقوس البسطاء المعذبين ، مع التضحية الواجبة التي تمثلت في قبوله الموت فداء لحبيبته .

ورغم تعارض هذا المفهوم أو هذه الرسالة مع المضمون العام لقناعة بعض من قدموه . لأنه يعتمد عل نظرية المخلص أو البطل الفرد التي يحاولون بشتى السبل التصدي لها . والتأكيد في أحاديثهم أنهم يرفضونها وأن الحل أو الطريق من وجهة نظرهم هو الحل الجمعي ، بحيث يكون هناك وعيا عاما محركا للتغيير لا يتوقف على فرد أو يرتبط به.

والحقيقة أن نص كامي يرتبط بفلسفته التي تدعو للتمرد على الواقع . من خلال تلك المدينة التي تستلم لحالة من فقدا الوعي والتسليم بالحكم العاجز تقريبا عن تلبية احتياجات المواطنين يمثله ملك عاجز تقريبا وقاص وكنيسة . ثم يخيم الوباء على المدينة . فيخلق نظاما أكثر بشاعة ؛ والخوف من الموت يخلق اللا حب واللا شرف ،بل وتنعدم تقريبا حالة التواصل الإنساني . فتختفي حالة التعبير عن المشاعر . وتظل هذه الحالة من الاستسلام سائدة إلى أن تصيب حالة من التشنج واليأس بطله العاشق/دييجو . فيصرخ صرخات التمرد . التي تميز كتابات كامي . ونتيجة تمرد دييجو يدعو الأهالي للتمرد من ظل هذا الموت.

يلاحظ هنا أن تمرد دييجو ، لم يكن عن بطولة فهو في بدايات النص كان يواجه شخصية السكير الذي يسخر من ثالوث الحكم ومنهم القاضي والد حبيبته. ولكن ما دفعه للتمرد هو وجوده على عتبة الموت , وإداركه ساعتها قضية الموت الفلسفية التي تشغل كامي . بل وقبوله بهذا الموت . وتتأكد فلسفة كامي في مواجهة الموت بل والذهاب له من خلال عرض دييجو حياته ثمنا لإنقاذ حياة حبيبته . فهو يدرك طبيعة الحياة العبثية . وبدلا من الخوف والفرار من الموت فهو يذهب إليه بإرادته , أي أن عدم الخوف من الموت كان هو المحرر فتقول سكرتيرة الطاعون لدييجو: هل ما زلت تشعر بالخوف؟ ويجيبها دبيجو لا, فترد السكرتيرة : إذن فلست املك شيئا ضدك!, ويتغلب دبيجو على الموت في نفسه وفي نفوس الآخرين, لا عن طريق البطولة والكبرياء بل عن وعي بموقفه اليائس الذي لا مخرج منه .

الكثير أن لم يكن كل المعالجات التي سبقت لهذا النص ركزت على أن الطاعون هو نظام قمعي ومستبد وليس وباء يأتي نتيجة حياة المدينة السابقة .وحاولوا أن يلصقوا صف البطولة على دييجو عن طريق الحذف لا الإضافة , وهذا شيء لا الومهم عليه؟

ولكن سعيد منسي حينما قام بمعالجة هذا النص ليصبح نص عرض تقدمه فرقة هواة المنصورة على مسرح أم كلثوم بالمنصورة . كان يحاول ان يقدم وجهة نزره في بعض ما يحدث الآن . ولك تكن تهمه فلسفة كامي عن قريب ولا من بعيد من وجهة نظري . وكنه في نفس الوقت سواء بوعي أو يدونه اقترب جدا من هذه الفلسفة . حينما لم يصور دييجو أولا على أنه شخصية البطل . يل شخصية الباحث عن حياته حتى وان تعارضت مع رغبة الناس والأصدقاء . ثم أكد أسباب عملية التحول بعد ذلك عند مواجهته الموت . فاستمسك بالحياة ولو حساب التهديد بحياة الطفل الرضيع . وصولا لأراكه بالا جدوى من الخوف والمواجه والتمرد . فحافظ على المونولوجات الطويلة التي كانت على لسان دييجو تشرخ فلسفة كامي من وجهة نظر ثانية ومن وجهة نظر أولية في نص العرض في عرضه لسكان المدينة عن أقدراهم الخالية نمن الشعور أو المعاني . ويريد ان يأخذهم من السلبية والاستسلام وقلة الاكتراث. باختصار كان يريدهم ان يعوا بقرتهم على المستحيل وهو قدرتهم على مواجهة الوباء/ الطاعون/ الموت .

ولكنه يتأرجح بين فكرتي البطولة وما ذهبت إليه خاصة في مشهد النهاية / فهذا المقنع او الملثم الذي كان دائما يقول كلمات البحث عن الذات أو المواجهة . يخرج به منسي من فضاء التخيل لواقع التواجد حينما يجري حديثا مباشرا بينه وبين الطاعون . وفي نهاية العرض يطل علينا هذا ويبين لنا عن وجهه لنرى دييجو نقسه!! لتتضارب الدلالات . هل دييجو يملك قدرة ميتافيزيقية؟ أم انه تحول بعد موته لهذا الرمز بدلا من الآخر؟ أم أنه كان متخفيا طول الوقت في شخصية دييجو ؟ لايوجد مايؤكد شيء . مع التاكيد بان هذا اضر بالمفهوم العام لنص العرض نتيجة التأكيد على معنى ما ، حتى وان كان يعارض وجهة نظرنا.

مع ابراز أن منسي اطاح بالسطة الثالثة وهي الكنيسة التي لم نجد لها أي أثر في نص العرض . بكل الدالات على ذلك . وربما اراد التركيز على مفهومه الخاص به . الذي ربما يتعارض مع المفهوم العام ، وطبيعة توجهه برسالة العرض . ولكنه حر فيما يذهب اليه.

وللحديث على تفعيل نص العرض هذا على خشبة المسرح . لابد ان نذكر ان فرقة هواة المنصورة فرقة لها طبيعتها الخاصة من حيث نشاتها ومصدر امدادها البشري . فهم تقريبا مجموعة واحدة من البشر لهم نفس الاتجاهات والدراسة وربما الظروف . واطارهم الجمعي مع بعضهم البعض يفوق كثيرا تلك اللحظات الي يقضونها معا في غطار الثقافة الجماهيرية . فتواجدهم الجمعي له أمكنته المتعددة من خلال الكلية، او الجامعة بالنسبة لنزر يسير منهم . علاوة على تكيفهم مع بعضهم البعض كأصدقاء . وهذا يفسر نجاحات تلك الفرقة مع الأشخاص المنتمية لهذا التجمع الأولى واحفاقه مع المخرجين الآخريين حتى وان كانوا مخرجين لهم ثقلهم . وغذا تحدثنا عن السعيد منسي ففقط نذكر انه كان المؤسس الأول لتلك الفرقة وهو من استجلب معظم القدماء فيها وهو ايضا من استجلب من قدم على التكوين الأولي في الأغلب . مع التأكيد بأنني لست ضد طبيعة هذا التكوين واختياراته لعقد من الزمن على الأقل . ولكن في نفس الوقت ففي عمليات التسابق التي تسير عليها عروض الثقافة الجماهيرية ليس هناك تكافؤ فرص. بين الفرقة وهي تعمل مع مخرج من مكونها وأي فرقة أخرى والعكس صحيح لو عملت الفرقة مع محرج ليس من مكوناتها حاليا. فالعلاقة المتبادلة بين الأفراد وطاقم الاخراج هي الفيصل في مدى جودة خروج العمل وهو العلاقة الأهم والأغلب والتي لا يمكن أن يصمد أمامها أي شيء آخر.

وعلى هذا فالأداء التمثيلي كان في المجمل جيدا . مع التأكيد بأن محمد علي/ دييجو ، وأحمد جابر/ القاضي،وأحمد يوسف/ الحاكم / ممثلون جيدون بالفعل وأثبتوا هذا مرارا . وتؤكد ريهام فتحي/ سكرتيرة الطاعون أنها ممثلة من الطراز الثقيل فهي واعية بما تقدمه ولها تواجدها على خشبة المسرح بما تملكه من قبول وقرة عل التعبير وتمكن من جهازها الصوتي . ومعهم بقية الممثلون نانسي عادل ،هنا ابراهيم،إسراء الجمل،طه محمود،أحمد مصدق،أيمن شهاب،أيمن القباني،بسم مجدي،أحمد الشيوي،أحمد والي،محمد عماد الدين،مصطفى مجدي، سامي البنا،حنان سلامة،آية أحمد،مي السباعي، محمود خالد،محمد عبد الخالق، محمد فؤاد،محمد صابر، محمد حامد.

وأعلم أيضا ان الممثلين أدوا أدوارهم بدون وجود ماكيير يساعدهم . وكان هذا الماكيير مطلوبا جدا خاصة للمثلين الذين يؤدون شخصيات أكبر من أعمارهم الحقيقية . وأعرف أن قلة ما هو مرصود لهذا البند يجعل المخرج يوفره ليوم عرض لجنة التقييم. فمتى يعي المخرجون وإدارة المسرح ان السيد الجمهور ربما اهم من لجنة التحكيم التي يقدر أفرادها على التعامل مع القصدية المنقوصة نتيجة قلة الإمكانيات

وأعتقد أن المساحة لا تكفي للحديث عن كيفية تفعيل النص على خشبة المسرح من خلال الحركة المسرحية والمعادل البصري والموسيقى . ولكن في عجالة اعتمد منسي على أسلوب الفوتو مونتاج السينمائي في اغلب فترات العرض . بل واستعان ببعض الشرائح السينمائية ليؤكد على الحالة العامة للمنظر المسرحي او المكان أو الحدث الذي يتم ؟ بحيث يعطي بعدا أكبر من المعادل البصري الذي صممه مهند الديكور محمود الغريب . وأعتقد ان حالة الاستعانة بشرائح السينما كانت عن تفاهم بينهما لأن محمود الغريب وضع الخطة ليبين تلك الشرائح للتغلب على قلة الامكانات التي تمنعهما من تجسيد كل ما يطمحان إليه على خشبة المسرح . وقد سار الغريب ومنسي تقريبا عل توجهات كامي بتصوير الفضاء الخارجي الذي يدور به الحدث . ثم استدعاء المكان المغلق من خلال الجدث نفسه أو الإيهام . ولكن تكون هناك بعض القطع او الاستخدامات التي تتشابه مع معادل بصري سابق لمعالجة من معالجات النص السابقة . وربما يعود هذا أن التشابه الموجود بين بعض الأهداف هنا وهناك لتشابه في نفس الآلية والمنظر العام.

ولكن في العموم هو عرض جيد يضاف لسجل سعيد منسي وفرقة هواة المنصورة ولو توافرت له بعض الإمكانيات القليلة من مصادر إضاءة ، وتنفيذ المعادل البصري كما هو في الأوراق لكان أكثر جودة



   نشر في 09 شتنبر 2015 .

التعليقات

Mahmoud Elhlwany منذ 9 سنة
كل تعليق يظل بينك وبين الكاتب الى أن يجعله عام " صديقي العزيز مجدي ، سعدت بقراءة مقالك هنا ، كما أشكرك لأنك من لفت نظري إلى هذا الموقع . وولدي ملاحظة أرجو أن توليها بع
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا