جائزة نوبل، حتى الآن، هي أعلى جائزة من حيث القيمة المادية والمعنوية يمكن أن يحصل عليها إنسان، أسسها السويدي (ألفريد نوبل) عام 1901، وها هي، ظلت صامدة لأكثر من قرن وعقد من الزمن.
عدد الحاصلين على هذه الجائزة في الولايات المتحدة وحدها حتى الآن هو 353 شخص، وتقول الإحصاءات، أن حالياً، كل عام تقريباً يجب أن يحصل على نوبل أكثر من أثنين أو ثلاثة يحملون الجنسية الأمريكية!!، وهذا بالفعل يحدث منذ عام 1992، أي أن هذه الإحصائية صحيحة ومستمرة في صحتها كل هذا الوقت، فعدد الحاصلين على الجائزة في الولايات المتحدة كل عام يصبح أكثر من أثنين أو ثلاثة منذ أكثر من 20 عاماً، فبالنسبة للولايات المتحدة، الحصول على مثل هذه الجائزة الكبيرة أمر إعتيادي.
بالنسبة لألمانيا وحدها أيضا، فعدد الحاصلين على نوبل من ألمانيا حتى الآن هو 102، وكانت ألمانيا محظوظة في تاريخ هذه الجائزة، فعند أول صدور للجائزة كان نصيب ألمانيا هو جائزتين في كلاً من الفيزياء والطب، والسنة التي تليها أيضاً حصلت ألمانيا على جائزتين في الأدب والكيمياء، عكس الولايات المتحدة التي بدأت في حصد جوائز نوبل لأول مرة عام 1906.
نذهب إلى فرنسا، عدد الحاصلين على الجائزة من فرنسا حتى الآن هو 66، وتعتبر فرنسا هي الأكثر حظاً في تاريخ هذه الجائزة، ففي أول صدور لها إستطاعت أن تحصد ثلاثة جوائز في السلام والأدب، وإستطاعت أن تحصد نفس العدد من الجوائز عام 1903، لكن هذه المرة كانت جميعها في الفيزياء.
نذهب إلى الدول العربية قليلاً ونرى بعض الإحصائيات، عدد الحاصلين على جائزة نوبل من الدول العربية مجتمعة التي عددها 22 دولة هو.. 6، ستة من العرب هم من إستطاعوا أن يحصلوا على نوبل.
لنكمل بعض الإحصاءات عن العرب في تاريخ هذه الجائزة، أول مرة حصل عربي على جائزة نوبل على الإطلاق كانت عام 1978، بعد 77 عاماً من إنشاء الجائزة، وكانت من نصيب الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات وحصل على جائزة نوبل للسلام بعدما وقع إتفاقية السلام مع إسرائيل في الولايات المتحدة، ويعد أول عربي ومسلم يحصد الجائزة، بعد 77 عاماً!.
بعدها بـ10 أعوام، يأتي الروائي والأديب المصري نجيب محفوظ ليحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1988، ليعد بهذا أول عربي يحصل على جائزة نوبل للآداب، بعد 87 عاماً من إنشاء الجائزة، وحتى الآن، لم يحصل عربي عليها غيره.
بعدها بـ6 أعوام، يحصل ياسر فرحات على نوبل للسلام، لجهوده في تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وحصل عليها عام 1994، ليعد أول فلسطيني يحصل عليها، بعد 93 عاماً من إنشاء الجائزة.
بعدها بـ5 أعوام، يحصل الكيميائي المصري أحمد زويل على نوبل في الكيمياء عام 1999 لأبحاثه في مجال الفيمتوثانية، ليعد بذلك أول عربي يحصل على نوبل في الكيمياء، بعد 98 عاماً من إنشاء الجائزة.
بعدها بـ6 أعوام، يحصل محمد البرادعي على نوبل للسلام عام 2005، لجهوده في الحد من إنتشار الأسلحة النووية، وهو ثالث عربي وثاني مصري يحصل عليها، بعد 104 سنة من إنتشاء الجائزة.
وفي النهاية، وبعدها بـ6 أعوام، تحصل الكاتبة الصحفية اليمنية توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام في عام 2011، لتصبح أول إمرأة عربية تحصل على نوبل، وأول شخص يحمل الجنسية اليمنية يحصل على نوبل، بعد 110 سنة من إنشاء الجائزة.
بعد كل هذا نجد الآتي:
- أن نسبة العرب التي حصلوا على جائزة نوبل من إجمالي الحاصلين عليها لا تتجاوز 1%.
- أن 4 من أصل 6 حصلوا على نوبل في السلام، وهذا يعني أن أكثر من 66% من نسبة العرب الحاصلين على نوبل حصلوا عليها في مجال السلام، ولا يتبقى إلا الأدب لنجيب محفوظ والكيمياء لأحمد زويل.
- فرق الأعوام بين كل جائزة وأخرى لا يقل عن 5 سنوات ولا يزيد عن 10 سنوات.
وضعوا أيضاً في الإعتبار أن الولايات المتحدة تحصل كل عام على جائزة في مجالين أو ثلاثة.
ويجب أيضاً أن نعلم أن بيتر مدور الذي حصل على نوبل في الطب عام 1960 كان من أصل لبناني، لكنه كان يحمل الجنسية البريطانية آنذاك، لهذا لا يدخل في إحصائية العرب الحاصلين على نوبل.
ونفس الأمر لـ إلياس جيمس خوري الذي حصل عليها في الكيمياء عام 1990، فبالرغم من أنه من أصل لبناني لكنه يحمل الجنسية الأمريكية، فلا يدخل في هذه الإحصائية أيضاً.
بعد كل هذا..يوجد عدة أسئلة تدور في بالي:
- لماذا 22 دولة في العالم، يحصل منها على نوبل 6 فقط؟
- لماذا أكثر من 66% من الحاصلين على نوبل من الجنسية العربية حصلوا عليها في السلام؟
- أنا أعلم جيداً أن العالم العربي مليء بالمثقفين والأدباء والعلماء المشهورين، ولكن مع ذلك لم يحصلوا على نوبل أبداً، هل لقلة شهرتهم مثلاً؟، أم أن القائمين على الجائزة يرون أنهم لا يستحقونها؟
كل هذه الأسئلة إجاباتها مرتبطة بعدم حصول العرب على نوبل بكثافة، وفي الحقيقة، حاول الكثير الإجابة على هذه الأسئلة ولكنهم فشلوا.
لكن عدم حصول العرب على نوبل بكثافة ليس لغزاً، فعندما تفكر في خارج نطاق هذه الأسئلة، تجد معظم الحاصلين عليها كانوا يقيمون بالخارج لفترة، أو أنهم مشهورون لأنهم رؤساء دول أو سياسيون، عندما يحصلون على الشهرة الكافية بالخارج يحصلون على نوبل، لكن الحصول على الشهرة في بلادك فقط ليست كافية على الإطلاق.
هنا أمامك حلاً واحداً، هو السفر إلى الخارج وتكافح لعرض فكرتك وشهرة نفسك،أو تترجم رواياتك وتحصل على شهرة في الخارج، وإنتظر قليلاً وإحصل على نوبل، وإذا كنت تعارضني في هذه الفكرة، فأجب على هذا السؤال: لماذا العرب حصلوا على 6 جوائز فقط بينما في الدول الأخرى العشرات والمئات يحصلون على نوبل؟.
في النهاية، لم أكتب هذا المقال محاولاً إحباط أي شخص، بل العكس تماماً، أنا أحاول أن أشجع الجميع لزيادة عدد الجوائز، ولكن نصيحة مني، حاول أن تأخذ نوبل في أي مجال وابتعد كل البعد عن نوبل للسلام.
-
محمد جمالما ندمت على سكوتي مرة، لكنني ندمت على الكلام مرارا (عمر بن الخطاب)