بين أحوال وأهوال قبل انقلاب الأحوال - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بين أحوال وأهوال قبل انقلاب الأحوال

  نشر في 20 ديسمبر 2019 .

بين أحوال وأهوال قبل انقلاب الأحوال

هيام فؤاد ضمرة...


الأمر المؤسف أن اللعبة العبثية التي لعبها الثنائي الانجليزي والفرنسي سايكس بيكو على الوطن العربي الموروث عن الامبراطورية العثمانية في أوائل القرن المنصرم، وتقسيمه إلى دول وأقوام منفصلة بمجرد جرة قلم متجنى لا مبادئ له، غير المبادئ الاستعمارية البغيضة الطامعة دوما بالهيمنة والتحكم، لضمان الاستيلاء على الخيرات، وتصريف الأعمال الخاصة على حساب حق الشعوب الشرق أوسطية ومقدرات أوطانهم الغنية.

المؤسف أن فصلها إدارياً وسياسياً جعل تاريخ هذا الوطن ينزلق في الغياب، ويتحول الوطن الذي كان يعيش قلب مؤمن واحد إذا أصاب البأس عضوا تداعت له كل الأعضاء بالحمى والسهر، وانتفضت لتحقيق العلاج الفوري بعزم القلب الواحد نفسه، واشتد الساعد ليجمعهم على الهدف الواحد، قلوب تتحد وعضد يشتد عوده ويقوى أواره، هكذا كان العرب وكان هذا شأنهم مع كل معتدٍ غشيم.

اليوم وما أبشعه من وجه يحمله الوطن العربي في حاضر هذه الزمان، أشلاء ممزقة، وأوطان مفرقة، وأحوال مفقرة، وأمراض دخيلة مصنعة، تلوك تاريخاً مجيداً انسلخت عنه عنوة وجبروتاً، بمساعدة فئة تاريخها عريق بالخيانة من أجل الحصول على السلطة والجاه، لينالوا ما ينالوا من فقدان قرار، وغفلة احتضار، ولعنة أنصهار، وفرقة أمصار، يسرقها من ذاتها موج الفقر، والموت العنيف القهار، ويهددها الفناء في أقرب مواجهة مع أعداء الأمة والدين بالقوة والذل والانصياع دون أدنى اعتبار.

وهم أي بنو يعرب يشتهون لو أنهم ما تعروا لرجل الغرب الحقود الحسود، الذي يحمل تاريخا دموياً عنيفاً يدركه كل الشاهدين الأخيار، فيا ويل لكم أمة يعرب كيف هانت بكم كرامتكم وسجدتم لعدو ليس له أي مقدار بالاعتبار الإنساني مع العربي غير سلاح يلوح به وقدرة على جز الرقاب لا يمنعهم عن فعلها ضمير قد يؤمل منه الصحو والمراجعة.

فصلوا دول حوض البحر الأبيض المتوسط العربي غربه الإفريقي عن شرقه الأسيوي، وفصلوا الشمال الشامي والعراقي عن جنوبه الجزيرة العربية، صارت الأمة مجموعة مجالس دول هشة لا يلتئم لها اجتماع إلى ليلحقة انفكاك وتشرذم وكيل اتهامات وعداء وخلع عبايات الانتماء بلا أدنى تردد.

وتم تسليم السلطة إلى أشخاص أو أسر تم اخضاعهم لإرادة مستعمريهم وتقييد حرية قرارتهم ضمن الأمور الوطنية والاقتصادية والسياسية الضيقة وحصر التطوير ضمن النطاقات الضيقةوالأبعاد المحدودة، فالمستعمر لا يترك مكانا وضع قدمه فيه إلا بعد أن يحكم قبضته عليه عن بعد.. هكذا بدأ الحال واستمر عليه، وهكذا سيستمر عليه الوضع وإلا تلقى الوطن الضربات غير المياشرة

الشعوب وحدها من بيدها أن تشد وثاق العرب في القارتين الأسيوية والإفريقية إلى بعضهما، وتكسر حاجز البعد، وتهدم أسوار الفرقة التي أرادها له الغرب لتضعف فيهم القوة ويحط عليهم الفقر والمرض والكلل، فيسهل التحكم بهم وبمصيرهم.

الأمل اليوم مرتبط بالشعوب لا بالحكام والإدارت، يمتلك مواطنو الوطن العربي قوة لا يستهان بها لو أنهم فجروا حراكهم السلمي بوعي وحرص وحسن إدارة، وأصروا على نيل الأماني وتحقيق الانجازات ورصد النجاحات، لو أنهم وعوا حقوقهم في محاسبة من هم في موقع المسؤولية عن سلامة ما هم مسؤولون عنه، لو أنهم ساءلوا المسؤولين عن سبب نمو ثروتهم بالوقت الذي عم تنهار فيه حسابات دولتهم، لو أنهم درسوا ما يتم توقيعه من اتفاقيات دولية وكيف تم التوقيع عليها وما حجتهم في قبولها، المسؤول مسؤول لكنه ليس مواطناً فوق القانون، إنه موظف ليس للحكومة، إنه موظف لدى شعب الحكومات، عليه أن يكون أميناً له بقدر أمانته لحكوماته.

يفتقد أصحاب القرار - وما هم بالصورة العملية بأصحاب قرار- بوصلتهم للعبور، لأنهم محوطون بأسوار لا يمكنهم تجاوزها والقفز من فوقها، يتملكهم الخوف من أن يأتيهم الرد بالعبث بأمنهم وقلب الأحوال ضدهم، أو ضرب اقتصادهم بالطرق الشيطانية المبتكرة، لا يملكون الحيل المضادة، ولا المخططات الذكية التي ترد ألاعيب المعتدين فيتراجعوا على أعقابهم خائبين.

العقول العربية ليست غير فاعلة بالصورة التي يظنوها، ولكنها تحتاج لحكومات تستعين بها لتكون مولدة للأفكار، تعصف أذهانها في معترك العمل، ولا تحتاج لإدارات يتحكم بها متسلطون خائبون يخشون فعل الأذكياء مما يكشف غباءهم ويحط من قيمة قيامهم بالدور المناط إليهم، إن من نالوا مواقعهم عبر الحيل والدهلسات والوساطات لا يمكنهم أن يجيدوا الأدوار بأمانة وضمير.

على الشعوب ألا تعتمد على الأحزاب وحدها بمهمة المراقبة على السلطة التنفيذية ورجالاتها ومؤسساتها، فقد ثبت أن الأحزاب ليست إلا حكومات متقزمة ينتابها ما ينتاب الحكومات من أمراض وتقاعسات وانتهاكات، ولهذا على الشعوب أن تتداول مهماتها إلى جانب أعمالها الخاصة في الحياة.. لن يكون الأمر بهذا القدر من الإجهاد، فسيجد وسيلته المثلى بالبحث والمتابعة بحزم وإصرار.


  • 2

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 20 ديسمبر 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا