إن التناقض الذي نعيشه في عصرنا الغريب حاليا صار مخيفا جدا !

كيف لأمة تتمرغ في الفشل وإنحطاط التعليم وولوج المستوى الثقافي فيها مرحلة السبات العميق منذ زمن غابر أن تنتج لنا ملايين المتعلمين في زمن قياسي !

كيف نتابع أخبارنا فنجد ثلاثة أرباع شعبنا بعيدا كل البعد عن الإجتهاد والتعلم والتفكير ثم يصدمنا بشهادة !!!!

لعل الأثمان البخسة التي نشتري بها العلم هي الدافع ، أن تقدم مليار معلومة مجانا وتضفي عليها منحة كل ثلاثة أشهر وغرفة معيشة لوجه الله بدون دفع الأجار ووجبات مضمونة ستنتج لك فردا مشبعا بالكسل يحمل شهادة فارغة جاءته راكضة ولم يسعى إليها ويخرج أنفه كل صباح منتحت بطانيته المتعفنة من كثرة إلتصاقه بها لينتقد كل هذه المجانية ، وأن تهتم بالكم لا الجودة وتسمح ل70 بالمئة من الطلاب أن يلجوا الجامعات الضيقة فيأكلون ويشربون ويتنعمون بكل حق حتى ينسوا الغاية من الأساس فيطغى المتعلم على الجاهل والمثابر على الكسول وتنتهك آية "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب " وهل بعد إنتهاك كلام الله حياة ! ثم إن هذه النسبة العالية ستجد أنصافها أطباءا أو معلمين والنصف الآخر سيبقى متخبطا في النقطة نفسها يعيد البكالوريا أكثر من أربع مرات ليظفر بمرتبة في القطاعين السابقين .

فصرنا كلنا أطباء ولا عملية تنجح في البلد وكلنا مدرسين و مامن طفل يفهم معلومة في قسمه .

وبقي أولئك الذي لم يستهوهم التعلم وغادروا المدارس في سن مبكرة عملة نادرة ، خمسون حلاقة مقابل ألف معلمة لن تضيع الفرصة في السخرية من شهادتها التي تمنحها راتبا ضئيلا تحصل عليه هي من زبونة واحدة وقد كانت في أيام ألقها نائمة على الدوام لم تسعى لهكذا ثراء .

و مئة متسكع مقابل ألف طبيب سيتهجم عليه في عيادته ويقتله دون عقاب لأن القانون لا يحمي المغفلين وكان عليه أن يتخذ إجراءات الأمن لوحده وأن يتعلم فنون القتال والملاكمة بدل سبع سنواته العجاف دون فائدة.

هذا هو عصر التخلف البحت لا التقدم كما يظنون .

عصر أمة تصرف خزائنها غير آبهة مقابل عمليات قيصرية تافهة تخدع بها الشعب لتلد من أرحامها ذرية كل عقولها مسبوكة من ذهب و قليلا من فضة ثم تربي الأقل ثمنا وتبيع الذهب بثمن بخس إلى أمم أخرى !!

أمة يتعين عليك أن تنام ليلك ونهارك فيها وتضع حدا لمستواك التعليمي وتكتشف ثغرة تسرق منها مالا لتؤسس به مشروعا ناجحا شرط أن لا تسمح للعلم أن يتدخل فيه أو تواصل تعليمك وتقبل بإختلاط الحابل بالنابل وتثابر فتظفر بالمعدل نفسه أنت وصديقك الكسول وينجح الكل ويتكاثر العدد ثم تكدسه الدولة في صناديق مطارتها وتعبؤه إلى الأمم التي تتقن العناية ببذور غيرها وتجعل منك آلة خادمة لها في ديار الغربة أو تتقبل واقعك المظلم وتبحث عن وظيفة إعداد كؤوس الشاي الساخنة في مقهى الحي لصديقك المتسكع والفاحش الثراء وهو يتأمر عليك ويسخر من تعبك المهدور هباءا ...

هل سمعتم عن خلية نحل فيها عشرون ألف ملكة وبضع مئات من الشغالة  !!! .....تشبيه عظيم للدكتور مصطفى محمود رحمه الله عن حالنا ...

أمة كلنا فيها ملوك ويحكمنا بضع شغالة 💔