خِدعةٌ مبارَكَة!
(خدعةُ الإنتماء لحركة حماس)
نشر في 19 ماي 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
[ خدعةٌ مبَارَكة/ خدعة الإنتماء لحركة حـ ـماس ]
مثل آلاف المواطنين في قطاع غزة .. مواطنة لا تتجاوز الـ 27 سنة من قطاع غزة، وقد شهِدت في عمرها ذاكَ مشاهد حيّة من معاني الاقتتال الفلسطيني الداخلي، وحروب صهيونية فاجرة ضد "المقاومة" التي كانت على رأس قائمتها الحركة الإسلامية "حـ ماس"، كما تُصنَّف بذلك .. مواطنة شهِدت سجون واعتقالات ومفاسد غير متناهية ومفاهيم مغلوطة وصراعات كبرى وشعارات "فاتنة"!
(أمَّا قبل) .. بلادٌ هشَّة، لا تتجاوز مساحتها 360 كم مربع، تقبع تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي، وحُكم السلطة الوطنية الفلسطينية -حركة فتح-، ويملؤها الحواجز وصعوبة الحركة من منطقةٍ لأخرى داخله لكن مع توافر حياة "شبه عادية" من ممارسات الناس في قطاع غزة في وظائفهم ومعيشة فيها كهرباء وماء ورواتب وما شابه!
الفرق كان؟ كانت السُّلطة الوطنية الفلسطينية التي تحكم القطاع بالتوازي مع جيش الإحتلال الإسرائيلي سُلطةً فاسدة و سِيطها سيء جداً، يملؤها الظُلم والضياع والجهل والإنحلال والكثير من التجبّر والفساد. في فترتها: كانت جماعة "حـ ماس" مازالوا في طور المقاومة الخفيّ، أو شبه الخفيّ. إنّي أذكرهم! كان المواظِب منهم على الذهاب للمسجد "يُجرُّ جَرّاً" لدى أجهزة المخابرات الفلسطينية التابعة لسلطة فتح في قطاع غزة. تحرّكاتهم كمُصلّين وحَفظِة قرآن وأصحاب "البخَّاخات الوطنية" على جدران الشوارع واليافطات "الإسلامية" المختلفة .. كل هؤلاء كانوا لدى أجهزة المخابرات الفلسطينية التابعة لسلطة حركة فتح معروفين! لقد ظُلموا! نعم ظُلموا! مَن ينكر!؟ لا أحد!
كان هناك العديد من المظالم التي شهدنا عليها في تلك الفترة (ما قبل 2006- 2007م )، نَعم. سُجِن عناصر "حـ ماس" وعُذِّبوا وقُهِروا. الاختلافات والصراعات الحادة التي كانت ما بينهم وبين أبناء السلطة أو حركة فتح يشهد عليها الجميع، لا ولن يُجادلك في هذا إثنين من ذي قبل! جماعة تنادي باسم الدِّين و"الإسلام هو الحل" وشعارات "المقاومة المسلّحة" و"سحق إسرائيل" بل وعدم الإعتراف فيها، وغيرها الكثير الكثير من الشعارات التي "ترنّ رنّ" في كل كيان المواطن البائس الذي سَئم الإحتلال الإسرائيلي وتعقيدات التحرك من منطقة لأخرى والسجون والاعتقالات أمام صمت أو تعاون مشترك ما بينه وبين عناصر سلطة حركة فتح!
(أمَّا بعد) .. اِنتمينا! مثلي مثل آلاف المواطنين في قطاع غزة، انتمينا لمناصرة حركة حـ ماس. كانت شعاراتهم "تُغرينا". تلك المشاهد "المذهلة" من استعراضاتهم العسكرية، وملابسهم، وتسلّحهم، وأقوالهم وأناشيدهم المدجّجة بالعنفوان والقوة، وتلك "الطَّهارة" التي كنا نراها بأمّ أعيننا "الحمقاء" وقد دَمْدَمَت وجوههم ولِحاهم وأيديهم! كان فوزهم بالانتخابات التشريعيّة مُدويّاً. رأينا فيهم كل الأمل! كل الكرامة والحياة وعِزة الانتصار .. يا رَجل تكّةً واحدة وكنا نعتبرهم الوجوه الأخرى من "آلهة!!". جعلونا نرى الجِنَان بين أيديهم ومن أفواههم .. نستشعر (تحرير فلسطين) من تحت أقدامهم، حتماً حتماً! لا ..لا، لَم يكن هذا مفعول "الحشيش" أو المخدرات العاديّة .. إنه ليس بهيروين ولا ماريجوانا .. إنه "أفيون التجارة بالدِّين" وعقل شعبٍ بأكمله كان قد أنهكَه الإحتلال ومظالم سُلطة بأكملها لُطِّخت أيديها بدماء الفساد والإنحلال والظلم.
في 26 يناير 2006 دخلت حركة حـ ماس الانتخابات باسم (كتلة التغيير والإصلاح)، وتم الإعلان عن نتائج الانتخابات بفوزٍ ساحق لها بواقع 76 مقعداً من أصل 132 مقعدا. لقد فازت حركة حـ ماس في الإنتخابات التشريعية فوزاً كبيراً. وصلوا لمراتب السُّلطة شيئاً فشيئاً ، ثمّ اعتلوا (بالسلاح) بقية مواطن حُكم سلطة حركة فتح في قطاع غزة. لاحقوا من تبقّى من عناصر حركة فتح بأسلحتهم، سحقوهم سحقاً، حدّ أن وصل في عناصر حماس "سحل" بعض عناصر فتح والتنكيل بدمائهم على الملأ. لقد انتقموا لأنفسهم ولمصالحهم أفظع انتقام!
حتى بعد ذلك .. رأيناهم "أبطال"! هُم (ردُّوا اعتبار) للمظالم التي عاصروها .. كثير منا لَم يقُل لهم "أخطأتم"، بل "سلمتم"! عناصر فتح أنفسهم إمَّا فرُّوا من البلاد أو تبقّوا بالبلاد يتجرّعوا من نفس الكأس التي أذَاقوها لعناصر حـ ماس من ذي قبل.
بعدها .. مَرّت الشهور تلو الشهور، والسنوات تلو السنوات. خُضنا مع حركة حـ ماس "حروباً" طاحنة. حرباً واثنتين وثلاثة. رأيناهم رأس المقاومة الأعظم. ناصرناهم .. لا يقدر مخلوق بشري على وجه قطاع غزة بأكمله أن يقول لعناصرهم المسلّحة العسكرية "لا" .. كنّا نعبدهم! أو بالأدق "نعبد الوهم" فيهم!
(أمّا الآن) .. بالونات كبرى من الاستعراضات العسكرية، وقوتهم الجبارة، ومقاومة إسرائيل .. لَم ننتبه! لقد أوهموننا أنهم كذلك. أوهمونا أنهم القوة الفذّة، أنهم "شمشون الفلسطيني الجبّار"، "روبن هود" عصرنا وقضيتنا .. أبطال الوطن العظماء. ثمّ ماذا؟! مئات الشهداء مقابل "اللاشيء"، مئات الجرحى مقابل "اللاشيء"، مئات البيوت المهدّمة والعائلات المشردّة مقابل "اللاشيء"، مئات (الصفقات) باسم دمِنا وقضيتنا وأوجاعنا مقابل أيضا (اللاشيء!). سنةً فوق سنةً فوق سنة، صرنا نرى كل شيء يتغير، الشعارات السابقة تتوارى للخلف، المشاهد تختلف، الحركة توسِّع صفقاتها وعلاقاتها وحتى "ميثاقها التأسيسيّ" تُغيِّره. عناصر وجهات الموالاة والمعارضة تتبدّل وتتغيّر حتى فيما يتعلق بإسرائيل نفسها. الواسطات لأبناء قيادات حماس تعلو روائحها في كل قطاع غزة، والأملاك الفارهة والأموال الكثيرة تُدرّ درّاً في جيوبهم وجيوب عائلاتهم. الفساد يأكل الحركة أكلاً، الاقتتالات الداخلية المُرعبة. والتنافس على كراسي دوائر الحركة، والدماء التي تُسفَك لأجل "رأسٍ أعلى من رأس" وقائدٍ فوق قائد ومصلحة على مصلحة .. وبِغمضة سنوات عدّة .. نجد أنفسنا أمام حركة مقاومة إسلامية تتحول إلى حركة (مقاولة) إفسادية!
حركة يصل فيها الأمر أن يُزَجَّ بالسجون كل من يقول في وجهها "لا" بصوت حق مُوجِع. تزجّ عناصر "السلفيين" الذين كانوا "إخواناً لهم" صفاً جنب صف، وتسمّيهم "المتطرفين". حركة على استعداد أن تعمل "المعكرونة بالبشاميل" من أجساد ولحم عناصرها أو أبنائها الذين اكتشفوا حقيقتها أو يحاولوا قول كلمة الحق المُرَّة علناً ضدها وفتكاً بما فيها من فساد وظلم! حركة سرََقتنا ونهبتنا وكذبت علينا ليلاً نهاراً. حركة ترفع السلاح في وجهِ الأبرياء والضعفاء من أبناء شعبها لأجل مصالح قياداتهم الفُجَّار وأبنائهم المتجبّرين والمُستعلِين في الأرضِ فساداً وكِبراً و"بلطجة"!!
لَم نفهم بَواطنهم جيداً. لَم نفهم ماذا يعني أنّ "السُّلطة أمَّارّة بالسوء" .. ويا ليته أي سوء أو أي سُلطة! إنه الأفظع من ذلك بكثير. لقد (تاجروا فينا) تجارةً رابحة .. وكَسِبوا، لوحدهم!
تهانينا! لقد خُدعنا .. شعبٌ بأكمله، مازال يدفع ثمن ذلك، ثمناً باهظاً! بصحكتم أو صحّتنا جميعاً! 🥂🥂🥂
#يارا_العفيفي
-
Yara S. Alafifiفلسطينية الهوى والمنشأ، والمولِد الكائن بتاريخ 29 يناير للعام 1993م في قطاع غزة،، وإنّي أَطرقُ لـِ [الحرية] باب.. أو أحاول!
التعليقات
لكن، أن يخرج فرد منها، ممن عايشها و يعايشها و يقول فيها كلمات من 'الكذب و الخداع و التجارة بالدين' فلعله يزلزل كل أمل و كل حلم بأن يوما ما سيكون هناك مسلمون أبطال ينصرون الحق,
أعتقد و الله أعلم، أن سياسة الحركة في مواجهة الكيان الغاصب لم تتغير و لن تتغير، و أظن بأن التجاوزات التي تؤلمك في السياسة الداخلية هي لا تعدو أن تكون مشاكل تسييس داخلية، اقتصادية و اجتماعية بسبب الحصار الذي تعيشه المنطقة, و هناك مشكل أتباع يتجاوزون مبادئ الحركة و توجهاتها من أجل مصالحهم و لكن هذا يحصل في أي زمن و أي مكان.
رسالتي لك لا أهدف من خلالها لقمع صوتك الحر، بل من حقك الدفاع عن نفسك و وطنك، لكن أن تخرجي في منبر عالمي و تتحدثي عن حركة اسلامية أنها كاذبة و فاجرة و تتاجر بالاسلام فهو خطير لما يسببه من فتنة "و الفتنة أشد من القتل" و إن من أسوء ما نهش في جسد الأمة الفتنة.
تم التشهير بالعلماء و التشهير بالنماذج الاسلامية ففقدنا الثقة في كل شيء له علاقة بالاسلام مع علمنا أن الاسلام دين الحق و هو الحل لهذه البشرية.
رسالتي لك، التغيير يبدأ من الذات و المحيط، كوني لبنة تغيير بما تقدمينه لبلدك و هو من الجهاد لأن فيه صبرا كبيرا، التغيير يحتاج للوقت، و لكن لا تكوني بغضبك على بعض المواقف تزرعين بكلمتك فتنة بين المسلمين.
كان الله في عونكم و سدد خطاكم و نفع بكم الامة جمعاء,
تحياتي لك و أعتذر للإطالة
ملاحظة: لن تجدي من يُعجب بما كتبت لأن الكثير لا يرى حقيقة هذه الجماعة التي تعيث في الارض فسادًا باسم الدين وباسم القضية، فإلى الأمام ولا تبالي ..