الروح والنفس
الروح هي النفس أم جزء منها أم ماذا؟
نشر في 19 يونيو 2023 وآخر تعديل بتاريخ 20 يونيو 2023 .
مما هو معروف لدى الكثيرين أن الإنسان عندما يموت تخرج روحه، لكن في الحقيقة هذا ليس دقيقاً، إذ هنالك لبس بين لفظتي الروح والنفس، ولو تدبرنا القرآن وقرأناه بدقة لحللنا اللبس ذاك، ففي الآيات :
(كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ)
(اللَّهُ یَتَوَفَّى ٱلۡأَنفُسَ حِینَ مَوۡتِهَا)
(وَمَا كَانَ لِنَفۡسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ)
نجد الموت مرهوناً بخروج النفس لا الروح. ولا توجد آية واحدة ارتبط فيها الموت بخروج الروح.
أما لفظة الروح فوردت بدلالات متعددة، منها :
(وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا)
(وَكَذَ ٰلِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ ..)
(فَإِذَا سَوَّیۡتُهُۥ وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی فَقَعُوا۟ لَهُۥ سَـٰجِدِینَ)
وأنا أميل للرأي القائل إن الروح هو الوعي، ففي الحديث من أذكار الصباح :
(الحمدلله الذي عافاني في جسدي، وردّ علي روحي، وأذن لي بذكره) أجد أن الروح تعني الوعي، فحينما ننام نفقد وعينا ولكننا لا نموت، ما زال جسدنا فيه طاقة وتعمل أعضاؤه الداخلية كالقلب والرئتين.
وإذا أنزلنا هذا المعنى (الوعي) على بعض الآيات التي وردت فيها كلمة روح، نجده يستقيم، ففي الآية :
(وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی) يعني أن الإنسان صار واعياً. وهنالك أقوال لبعض المفكرين يقولون إن الإنسان كان موجوداً قبل خلق آدم، وأن آدم المقصود به هو الإنسان العاقل، لذلك اعترضت الملائكة على خلق الله تعالى لآدم، إذ كان الإنسان قبل آدم موجوداً ومفسداً في الأرض غير عاقل.
ونجد أيضاً في تذييل الآية:
(وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِۖ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنۡ أَمۡرِ رَبِّی وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا) وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً، تذييل مناسب للآية التي وردت فيها لفظة روح، ومناسب لمعنى الوعي، فعلاقة العلم والوعي مطردة.
كذلك الإرتباط ـ لو تأملنا ـ حتى بين:
(وَنَفَخۡتُ فِیهِ مِن رُّوحِی) (وَمَاۤ أُوتِیتُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ إِلَّا قَلِیلࣰا).
وأيضاً وصف القرآن بالروح :
(وَكَذَ ٰلِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ)، فقراءة القرآن وتدبره وفهمه يزيد من وعينا.
أخيراً
الروح ليست النفس، فعندما ينام الإنسان يفقد روحه (وعيه) لذلك يسمون النوم الموتة الصغرى، وعندما يموت موتته الكبرى يفقد روحه ونفسه، والله أعلم.
-
Rahma yosif albajjaryمهتمة بالفكر والمجتمع والأدب