العنف والبث المعادي.. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

العنف والبث المعادي..

العنف والبث المعادي..

  نشر في 05 شتنبر 2017 .

العنف والبث المعادي..

هيام فؤاد ضمرة..


لم يكن فعلا ارتجاليا غير مقصود ولا غير مدروس قيام شركات الانتاج الأمريكية ببث الكم الهائل من مشاهد العنف وطرق القتل الوحشي ووسائل الاجرام غير الانسانية المختلفة، وعرض مناظر الدم المسال أو المتناثر بكل مكان دلالة الأسلوب الوحشي بالقتل على مدى سنوات طوال ممتدة عبر كم عظيم من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والسينمائية التي انتجتها على مدار عقود وبثتها على شعوب العالم بشكل متواصل غير رحيم، حتى بات الانسان يتلقى من العنف ما لم تعرفه البشرية قاطبة فيستقبل عقله مناظر القتل والدم والتقطيع والتعذيب الوحشي من بشر يمكن وصفهم بالوحوش وما هم بوحوش كون الوحش لا يقتل لأجل لذة القتل لأن الله خلق فيه فطرة القتل من أجل الغذاء والبقاء..

هذا حقيقي فقد بدأ العنف من هوليود خيالا مجنوناً وتطور في العقل البشري الأشد جنونا، هوليود وضعت الجذور وحطت حجر الأساس بلا مبالغة أو تجني.. فهل اتخذت قرارها لصناعة العنف دون دعم أو دفع من جهات وضعته ضمن خططها لمستقبل سوف يقوم على العنف والجنون وغرائب الأحداث؟

وهوليود جزء من العقل الأمريكي وجزء من أدوات الترويج والعمل، فلا غرابة أن تتخذ قرارها بمباشرة التأسيس لفكر العنف وسياسة العنف، فما يشاهده المشاهد ويعيش مع وقائعه عادة ما يترسخ ضمن رؤاه ويتبرمج على خلايا دماغه، وقد أسرف العالم مشاهدته ومتابعته لأفلام ومسلسلات العنف حتى تبرمج دماغه على تقبل فكرة العنف وغدا جاهزا لمرحلة التوحش وما أسهل تشريب العقل البشري بالرؤية الجديدة الانفعالية

وأمريكا التي نشأت على جبال من الهياكل العظمية لشعوب الهنود الحمر ما زالت تعيش حقيقتها بداخلها وتسعى أن تجر العالم لارتكاب ما ارتكبت حتى تتساوى الرؤوس في الاجرام، هذا واقع الحال كما يبدو أمامنا، وكما اشتغلت عليه هوليود بايعاز مخابراتي صريح، ففجأها أن كان هناك تقبل منقطع النظير من الجمهورالذي انتعشت به شبابيك التذاكر على مداخل دور العرض فراح يجري نهر أعماله بلا حدود.. وها هو العالم يدخل في نفق العنف في كل بقاعه من الكرة الأرضية حتى تلوثت المشاعر والأحاسيس وانقلبت القيم على نفسها فأصبح ما كان مقبولا غير مقبول وما كان راصدا للضمير الانساني متحللا عنه كليا، فقد انهارت القيم الانسانية أمام صناعة العنف التي اشتغلت عليها هوليود بتوجيه المخابرات الأمريكية نفسها على ما يبدو، أو أنها تعثرت به لتستغله أسوأ استغلال

والعنف من حيثما يبدأ نبعه وينتهي مسيلة وينتشر فيضه مرفوض ومدان وليس ما يبرر لجماعة ارتكابها العنف بحق أفراد أو جماعات فتروعها وتفسد أمنها وحياتها وتهددها وتتعدى على حقوقها وتشرد شعوبها، ومن هنا تبرز أهمية الانسان في قدرته على فرز المفاهيم الاجتماعية والفكرية التي تسهم في بناء تفاعل انساني سليم من خلال عدة وسائل معرفية تتعاطى التفاصيل الدقيقة في التعامل الانساني وتبيرزها بمشاعر الرحمة الانسانية والتسامي والتسامح والتقبل بين مكزناته المختلفة بعيدا عن العنف والاضطرابات النفسية، إن مجرد رفع شعارات القضاء على الارهاب في مجتمع هو أبعد ما يمكن عن العنف والارهاب سرعان ما كانت الأيدي اللئيمة العدوة تشتغل بالخفاء لافتعال أعمال عنف لا يتقبلها العقل البشري مستغلة حركة العصيان الشعبي الذي ما عاد يحتمل مظاهر استبداد الحكام الذين أطلقوا أيدي مسؤوليهم برقاب الجمهور من العامة، كان الأمر يبدو مرتبا له بكثير عدوانية وكثير كيد ومثل هذه الأعمال لا تقوم إلا مخابرات دولة تعيش على القتل والوحشية من أجل تحقيق مآربها في التمكن من وجودها الاحتلالي البغيض من أجل التخلص من شعب يطالب بحقوقه وبوطنه فتعمل على سحق انسانيته على مذبح العنف والارهاب، ولأن المجتمعات العربية باتت تعاني حالة الضلال العقائدي بتنا نحس بحالة الانحراف الفكري ودخول مفاهيم لا تتناسب والعقيدة السمحة وهي ما كانت تعتبر بوابة عبور للعقل الانساني المريض

والمجتمعات من عادتها أن تتأثر بالعوامل البيئية الداخلية والخارجية في بناء فكرها ومعاملاتها فيرضخ العقل في مجتمعاتها لعدة عوامل ذات تأثير بليغ أحدها سطحية التفكير وضحالة الثقافة مما أدي بالعقل إلى الدخول في منزلقات فكرية تأخذ صاحبها لمفاهيم مغالطة غير حقيقية بعيدا عن العقلانية والتوازن، ولأنه يعاني أيضا من علة في التحليل والتدبير فإنه يتجاوب لعقلية البث التي تأتيه بالغالب من الخارج، وهذا ما جعل العقل العربي بالذات أن يكون أكثر تأثرا تحت وابل المؤثرات الخارجية والداخلية، شعوب مقهورة تتوق للحرية، وأرض محتلة وشعوب مهاجرة وأوضاع اقتصادية متردية وانتشار بطالة سببها توقف الحكومات عن خلق مشاريع اقتصادية تتناسب وتزايد التعداد السكاني وتزايد اعداد الشباب المتهيئ للعمل والانتاج مما تخرجه سنويا وسائل التعليم، وتضخيم الشؤون الحياتية الداخلية مقابل المتابعة لحضارة تتسارع على مقربة منه،

ولا يخفينا أن الجهات التي اشتغلت على بث العنف قد رسخت ثقافته بأسلوب معولم يعزز انتشار مفاهيم العنف والتطرف والإرهاب لتفرض من خلاله هيمنتها وسلطتها على العالم تحت معاذير شتى ومسوغات عديدة، من جملتها اتهام شعوب بذاتها بأن عقيدتها العنف رغم حمل هذه العقيدة مسمى الاسلام وهو السلام وتقبل الآخر المختلف والتعايش الآمن، لكنها ثقافة العدو المتربص الذي يصنع الذرائع لغاية أن يصدق نفسه قبل غيره مما نستطيع تسميته بصنع فكر العنف والتمييز والعنصرية وجميعها هي ثقافة غربية المنشأ في أصلها والتاريخ يمنحنا كثيرا جداً من هذه الحقائق التي تسمى جرما حقيقيا في العرف الانساني

للأسف الشديد بعض المحللين العرب راحوا يحللون العنف من جوانب ضيقة جدا حتى كادت عباراتهم أن تكون بمثابة رصاص موجه للصدور العربية والمسلمة وتخلق تناقضا بالواقع وانحرافا للحقائق أفقدت الأمانة العلمية دورها، والحقيقة أن العدو استغل ثقافة العنف بطرقه الخبيثة داخل العقل العربي بالعموم، فما زال هذا العالم يعاني الأنيميا للحقيقة والتعرية المضادة لسبر وجه الحقيقة وكشف ملابساتها


  • 1

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 05 شتنبر 2017 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا