داعش المارد الذي أصبح حديث السياسيين الغربيين والقادة الاقليمين، قوة عسكرية تهزم جيش وتخرجه من مدينة بأكملها ثم تتعدي الحدود وتجول بين الشام وبلاد الرافدين، تضرب النظام السوري تارة وتقصم ظهر المعارضة السورية تارة أخرى، لا تحاور جهة سياسية ولا تفاوض قوة عربية أو غربية، ماضية في خطاها كأنها عاصفة تغزوا الصحارى بحرية وارتياح.
لا زال السجال والجدال قائمين فهناك من ينسبها للإسلام ويجعلها نواة دولة الخلافة وهناك من يعتبرها في أقصى درجات التطرف والإرهاب، ولا يزال المفكرين العرب منشغلين بنسبتها والحكم عليها، كذالك هم منذ نكبة 48 يقفون بأقلامهم لوصف الأشخاص والجماعات كأنهم عند بوابة منظر خلاب يدققون في توصيف جماله أو قبحه، ثم تندثر تلك الجماعات وتموت تلك القصص وتعود أخرى لنعاود الكرة مرة أخرى !
سلبية في التفكير وأحكام مسبقة عبثية، فمن يضع نفسه في خندق الاسلام يضع الآخرين وان لم يرد ذالك في خندق المتهمين ومن يصف نفسه بالتحضر والعصرنة يصف الآخرين بالتخلف الى حين اعطائهم وسام العولمة.
ان داعش هي مثال صارخ عن النفاق الذي تغلل في الوطن العربي هي عبارة عن عنوان المصالح السياسية الضيقة التي تضع المواطن تحت الأقدام أو خلف الستار في أحسن الأحوال، هي صرخة لا تعبر عن أعضائها الذين اجتمعوا من مختلف الدول بل تعبر بشكل أكبر عن من صمت كمدا حين ضاع خبزه بين يدي الحاكم و ردهات نخبه السياسية.
أغلب من يتكلم عن داعش بالمدح أو بالذم لم يعايش قسوة أن يحتل وطنك ويهجر أهلك ويقتل قادتك ليأخذ القاتل وسام الشرف الغربي ويقال لك انتهت الحرب سنرجع الى ديارنا.
منذ 67 ولا زالت الهوية الاسلامية العربية تتعرض لطعنات الأنظمة الغربية قبل العربية كأن الوطن العربي أصبح سلة مهملات أو حديقة نفايات يدار من بعيد خشية رائحته الكريهة.
الأزمة أكبر بكثير من داعش أو النصرة أو غيرهما، يجب الوقوف أمام الماء والتحديق في الصورة المعكوسة المكدرة ببقايا الهزائم والنكبات، حتى يرى الداء الذي يتجدر في عروق الأمة الاسلامية بخفاء ودهاء.