الرحلة المعرفية في فنون وآليات المناظرة و تقنيات المرافعة
معهد الفضاء المدني بالتنسيق مع مركز الشباب للأبحاث والتنمية بالمغرب
نشر في 01 فبراير 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
قدم لنا معهد الفضاء المدني بالشراكة مع مركز الشباب للأبحاث والتّنمية بالمغرب الشقيق مساقا مهما نظرا لما يشتمل عليه من فنون وآليات المرافعة وتقنيات المناظرة وقبل الخوض في التّفاصيل أود أن أقدم خالص تحياتي لمعهد الفضاء المدني على جهوده الطيبة في نشر العلم والمعرفة ومحاولة تحقيق التقدم والرقي لدى فئات كبيرة من المجتمع العربي .
ما هية المناظرة:
المناظرة في اللّغة مأخوذة من النظير أو من النظر بمعنى الإبصار أو الانتظار وحسب التعاريف الواردة في القاموس بشكل عام، فإن المناظرة هي :
" نقاش رسمي يدور حول قضية معينة ويتم في جلسة عامة تُقدَّم فيها حجج مُتَعارضة أو مُتصادمة، وغالباً ما تنتهي بتصويت من الجمهور أولجنة تحكيم حيث يُفْضي هذا التصويت إلى ترجيح كفَّة حجج أحد الطرفين."
وبناء على ذلك نستخلص أنّ المناظرة مسابقة رسمية تحكمها ضوابط معينة تقام في إطار محدد ويديرها حكم أو رئيس هيئة تحكيم
أهمية المناظرة :
تتجلى أهمية المناظرة في :
- تعزيز الثّقة بالنّفس والإتزان وتقدير الذات لدى المتعلمين اكتساب معارف متعددة والخوض في علوم شتى خارج نطاق المواد الدراسية للمتعلمين.
- توفير أنشطة تعزز الإنخراط الحيوي والفعال للمتعلمين.
- تعزيز القدرة على بناء وتنظيم الأفكار.
- تطوير مهارات التفكير العليا ومهارات التفكير النقدي.
- تنمية مهارات التحليل والبحث العلمي وتدوين الملاحظات لدى المتدربين.
- تطوير قدرة المتعلمين على الإتزان وتقديم الحجج البناءة واستخدام المنطق والأدلة.
- تطوير القدرة على بناء وتقديم الخطب الفعالة.
- التشجيع على العمل الجماعي.
- توطيد مفهوم التركيز في الحديث والحوار والاستماع والاصغاء في الاذهان.
وانطلاقا من هذه المفاهيم والمعاني تعلمنا من المعهد عبر مدة المساق تقنيات المرافعة حيث تقوم على:
- تحديد المشكلة
- تحديد الأهداف
- العمل الجماعي
- تحديد المستهدفين
- تحليل المستهدفين
- القيادة ودورها في العمل الجماعي .
وتتجسد هذه الآليات حسب رأي الأستاذة نجاة في" أنّ للمشاكل دورة حياة تنقسم إلى ثلاث مراحل (النشوء – الإكتمال – الأزمة ) و معالجتها تكون أسهل عندما تكون في المرحلة الأولى متتبّعين خطوات محدّدة في مجملها سبعة:
1- التّعرف على المشكلة
2- تحليل المشكلة.
3- وصف المشكلة.
4- البحث عن الأسباب الجذرية.
5- إيجاد حلول يمكن الإختيار بينها.
6- تنفيذ القرار.
7- قياس النتائج.
طرائق المناظرة:
01- ابدأ النقاش عن طريق طرح الأسئلة
يمكنك أن تصل للنقطة الجدلية موضع النّقاش من خلال جسّ النّبض وطرح مجموعة من الأسئلة الافتتاحية التّمهيدية. لاحظ أنّ هذه النّوعية من النّقاشات غير الرّسمية لا تخبرك بوضوح في البداية عن الجانب من الرأي الذي يعتنقه الطرف الآخر وما يؤمن به بالضرورة، لذلك اطرح الأسئلة من أجل تضييق نطاق الحوار واكتشاف الأجزاء التي يمكن أن تنطلق شرارة النقاش من عندها.
يمكنك أن تتعرف على طبيعة اهتمامات الطرف الآخر ومستوى خبرته من خلال محاولة استكشاف عقليته بسؤال مثلا : اسأله بشكل مباشر عن رأيه: "ما هو موقفك من العنصرية ومحاولة علاجها باستخدام التمييز الإيجابي أو المساواة في فرص التوظيف بين الأقليات؟"
02- استوعب موقع الطرف الآخر في الجدال.
اطرح على الطرف الآخر الأسئلة اللازمة من أجل توضيح أيّ مناطق خلل أو ارتباك غير واضحة فيما يقوله. لا يملك أي شخص رؤية متماسكة وكاملة عن العالم، لكن يظل من الصعب للغاية أن تتناقش مع شخص مشتت الذهن وغير قادر على التفكير بطريقة صحيحة. حاول أن تجبره بطريقة لطيفة على التقيد بجزئية واحدة متسقة من النقاش يمكن البناء عليها وإجراء عرض منطقي لوجهات النظر حولها.
03- اعرض حجتك المضادة.
بعد أن تعيد صياغة ما يقوله بطريقة محترمة، يأتي الدور على عرض وجهة نظرك المخالفة. حاول أن تشرح جوهر ما تؤمن به وكيف أنه يثبت حقائقًا مغايرة لما يحاول الطرف الآخر إقناعك به. اهتم بعرض فكرة مماثلة في القوة للفكرة المضادة ولا تكتف فقط بقول إنه مخطئ، لكن حاول التفكير في حجة منطقية حقيقية يمكنك أن تجادل في سبيل إثبات صحتها.
على سبيل المثال، إذا قال إنّه يجب أن تمنح الحكومة تسهيلات ضريبية وجمركية للأفراد الراغبين في نقل سياراتهم الخاصة من الدول الخارجية، فلا تقل له: "رأيي الشّخصي أنّها فكرة خاطئة للغاية وذات نتائج كارثية."
بدلًا من ذلك، اعرض فكرة مضادة تقدم وجهة نظر مغايرة ومقنعة: "أنا أعتقد أن الحكومة بحاجة إلى التّركيز على إنشاء مصانع سيارات محلية بشرط أن تكون صديقة للبيئة وذات استثمارات ضخمة تضمن إنتاج السيارات بجودة عالية تنافس المستورد."
قدم مجموعة من الأمثلة والأدلة التي تدعم حجتك وتفسر سبب اقتناعك الشخصي بهذا الأمر دونًا عن غيره.
04- قدم تفنيدًا ذكيًا ومنطقيًا لوجهة نظر الطرف الآخر.
بعد أن تعرض وجهة نظرك المضادة، حاول أن تعود من جديد لوجهة نظر الطرف الآخر واعمل على نقدها والتقليل من جدواها بالأدلة والبراهين التي تنفي مصداقية وجهة النظر تلك وفي نفس الوقت تثبت جدوى وجهة نظرك التي قمت بعرضها.
05- قم بالرد على ادعاءات الطرف الآخر ونقده لوجهة نظرك.
سوف يخالفك الطرف الآخر الرأي دون شك في الكثير من الأشياء المتعلقة بوجهة نظرك التي عرضتها، فتذكر تعليقاته الجدالية جيدًا واهتم بالرد عليها بوضوح وثقة بمجرد انتهائه من الكلام وعودة الحديث إليك من جديد.
06- تعرف على المغالطات المنطقية.
عندما يطرح الطرف الآخر وجهة نظر يبدو أنّها تفتقر إلى المنطق والحكمة، فلا تفوت هذه الفرصة على نفسك، بل أمسك بها وقم بتصحيحها بأسلوب متزن وراق. تتضمن المغالطات المنطقية الشائعة على الأنواع التالية: المنحدر المنزلق، وحدث بعده إذاً هو سببه، والتحريف، وعدم الترابط، والشخصنة.
07- تعامل بهدوء وبساطة.
لا تحاول مناقشة موضوع لا يرغب الطرف الآخر (صديقك أو قريبك) في مناقشته. إذا كان الطرفان راغبان في إجراء النقاش، فكن متأكدًا من إظهار الكثير من الود والحديث الهادئ والاحترام المتبادل. من المهم للغاية أن تتعامل بلطف وأدب مع الطرف الآخر حتى في أكثر لحظات الاختلاف في أثناء النقاش.
08- لا تواصل قول وإعادة الأفكار نفسها مرارًا وتكرارًا.
تقع العديد من النقاشات في فخ الدائرة المغلقة التي لا تنتهي بسبب أن كلا الطرفين يرفضان قبول الهزيمة أو الإقرار بصحة وجهة نظر الطرف الآخر. إذا وجدت نفسك عالقًا في مناقشة لا يبدو أنها سوف تنتهي أبدًا، فلا تواصل الحركة وسط هذا النطاق الخانق. حرر نفسك قائلًا: "أنا أحترم وجهة نظرك. أختلف مع ما تقوله لكن ربما تتغير رؤيتي تلك مستقبلًا. اسمح لي بفترة من الوقت لإعادة الحكم على الأمر رجاءً."
09- أنهِ النقاش بشكل ودي.
لن يرغب أي شخص في التحدث إليك إذا كنت تنفعل عاطفيًا بشكل زائد عن الحد أو كنت غير ملتزم بالتعامل مع الطرف الآخر بالقدر اللازم من الاحترام. حافظ على التعامل اللطيف، خاصة في وقت إنهاء المحادثة. ربما أنك تخالف وجهة نظر الطرف الآخر لكن ذلك لا يعني أن تقطع علاقتك به نهائيًا أو أنه من المستحيل أن تكونوا أصدقاءً.
أمّا ما تعلق بالمناظرات الرّسمية فهناك قواعد تضبط سيرها ومنها :
01- التزم بالقواعد والمعايير المهنية لإجراء المناظرة.
تختلف القواعد دون شك من موقف لآخر، إلا أنه توجد مجموعة من الأساسيات الشائعة في غالبية المناظرات. يفضل أن ترتدي ملابسًا رسمية بحيث تظهر على هيئة مُناظِر جاد وتأكد من أن ذلك يصاحبه سلوك متوافق مع جدية المناظرة. في المناظرات المهمة وأي مناظرة ترغب في الانتصار بها، احرص دائمًا على ارتداء بدلة كاملة أو أي زي رسمي مماثل. ارتدِ مثل رجال السياسة أو الأزياء الخاصة بالعمل في البنوك مثلًا. حافظ على ارتدائك لسترة البدلة ورابطة العنق كل الوقت ولا تفكر أبدًا في نزعهما
02- كن مستعدًا لمناقشة الموضوع.
في البرلمان البريطاني على سبيل المثال يقوم أحد الفريقين بتمثيل موقف "الإثبات" بينما يناظر الفريق الآخر من موقف "النفي". يسمى الفريق الموافق على موضوع النقاش بالفريق المؤيد، بينما يسمى الفريق الآخر بفريق المعارضة.
03- قدم تعريفًا بسيطًا لموضوع المناظرة إذا دعت الضرورة.
قد يكون التناظر حول "عدالة عقوبة الإعدام وفاعليتها" من الموضوعات المتعارف عليها والواضحة، لكن ماذا إذا كانت المناظرة حول أن "السعادة أنبل من الحكمة"؟ قد يكون من المهم وقتها أن تقدم تعريفًا بسيطًا عن الموضوع والخلفيات الفلسفية والعلمية والفكرية المختلفة التي تمهد للمناظرة.
04- كتب خطابك في الوقت المحدد.
أبقِ عينيك على الساعة وقم بتعيين جهاز لضبط الوقت قبل الموعد النهائي لتجهيز خطابك بدقيقة، بحيث تجد فرصة إضافية لمراجعة وجهة نظرك. يعتمد الوقت المحدد للكتابة على نوعية المناظرة. فيما يخص البرلمان البريطاني على سبيل المثال، عادة ما يكون الوقت المحدد هو 7 دقائق. اتبع النصائح التالية من أجل تحقيق مستوى كتابة أفضل: قم بتدوين أفكارك الرئيسية أولًا، ثم وفر لها مجموعة من الإثباتات والمزيد من التوضيحات، مع التأكد من احتواء خطابك على بعض الأمثلة أو الحكايات التي تدعم وجهة نظرك.
05- وفر ما يدعم وجهة نظرك.
إذا قلت: "أنا من رأيي أن عقوبة الإعدام يجب أن يتم إلغائها"، فكن جاهزًا بالتعليقات التي تثبت أن هذه هي وجهة النظر الصحيحة. قدم العديد من الحجج الداعمة ووفر أدلة لكل حجة منهم. تأكد من حسن اختيارك للأدلة والآراء التي تدعم وجهة نظرك، وإلا قد يستخدمهم المنافس ضدك أو يطلب أن يتم حجبهم من محضر الجلسة وعدم الاعتماد عليهم في وقت اتخاذ القرار النهائي
06- اختر ما تقوله في حديثك بعناية.
إذا كنت لا تعرف ما الذي تتحدث عنه، فلا مبرر للجدال والمناظرة من الأساس إلا في بعض حالات الضرورة بالطبع. إذا كنت لا تعرف القدر الكافي من المعلومات عن الموضوع مثار الجدال، فحاول إجراء محاولة من البحث السريع عن المعلومات الغامضة والمهمة التي تصعب من محاولة رد المنافس عليك.
مثال توضيحي
السؤال المنهجي:
لماذا حكم علينا اليوم الفصل بين القيادة السياسية وتحركات المجتمع المدني الذي غالبا ما نجده معارضا للسلطة؟
بيان المشكلة:
أين تكمن المشكلة التي تعيق بناء العلاقة بين المجتمع المدني والسلطات؟ اختر قضية ذات صلة ببرنامج "بناء وحفظ العلاقات بين منظمات المجتمع المدني والسلطات"
موضوع بيان تعريفي:
القضية.............................................................
الهدف..................................................................
تحديد أصحاب المصلحة......................................
-
محمد يسين لهلاليأستاذالشّرعيات بالمعهد الوطني لتكوين الإطارات الدّينية