نحو ذاتك لتنفيها - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نحو ذاتك لتنفيها

الحقيقة تكمن داخل كل فرد منا، لا أحد يمكنه أن يجعلك تدركها مادمت لم تسعى لها سعي الوحوش في البرية !

  نشر في 21 شتنبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

 و إذ نحن في حاجة دائمة إلى التحدث عن ذواتنا فنحن ننفي ذاتنا بالتحدث عنا و متى حضرت الأنا بهتت معاني الحياة.

الأنا هي وحشٌ جشع لن يشبع أبداً مهما منحته من امتيازات و مهما حاولت إشباعه بكل الطرق فهو لن يهدأ و كلما كبرت الأنا داخل الإنسان كلما زادت ضآلته و زادت تعاسته.

إن الروح لا ترتقي و النفس تنافسها و الروح لا ترضى المنافسة، لأنها الروح أرفع من ذلك و أسمى.

كم من الصعب أن تتحمل تأديب الحياة لك كما من الأصعب أن تؤدب ذاتك، و لذا ربما هي فقط الحياة تحاول أن تساعدنا في هذه المهمة. لطالما كان الفلاسفة يدورون حول حقيقة وجود الإنسان في الكون و الغاية من كل شيء حضر بحضوره إلى هذا الكون و أعتقد أن الإجابة يمكن أن يصل إليها أي إنسان، فلا الدين و لا الأنبياء ينفعون الإنسان ما لم يفتح قلبه للنور و كان يريد أن يمتص الحكمة من هذا الوجود.

لن تنتهي هذه المعضلة، سيكتب القادمون كما كتب الأسبقون حول هذه الحياة و هذا الوجود و قلما نجد من يفتح كتب الحكمة و الرحمة و السلام!

لماذا يضع الإنسان نفسه في مواطن الحزن و الكدر مستشهداً بالقدر و النصيب ، إذاً فكيف لله أن يحاسبنا و لكن نحن في الحقيقة أحرار... أحرار أكثر مما نتصور و هذا هو الرعب الحقيقي في وجودنا على الأرض!

هل كان ليسمح الله بكل هذا الدمار إن لم نكن أحراراً..؟

أتذكر إحدى المرات حيث دخلت في جدال حول أن الله ليس شرطاً أن يأخذ بحق المظلوم في الدنيا و قد قوبلت باتهام و صدود ... و بعض التهم التي أصبح الجميع يستسهل استخدامها كالكفر و الإلحاد!

و السؤال يا سادة... هل إن كان كذلك حقاً، فلم لم ينتقم الله من ذلك الرجل الذي قتل مئة شخص طوال حياته و لم يفعل خيراً قط ثم يتوب الله عليه و يدخله الجنة فقط لأنه مات على مقربة من بلدة الصالحين؟ و الذين قتلوا على يديه أين حقهم؟!

الله عادل بلا شك.. قطعاً.. و لكن أيضاً قطعاً نحن لسنا ربانيين و لسنا رحيمين و لسنا صالحين.. لازلنا نطعم الأنا التي تنتظر التعذيب للآخر بدلاً من أن نتمنى السعادة لبعضنا البعض.. و إن قلنا ذلك فنحن كاذبون ، و ليعلم كل منكم أن الله كامل الصفات و لكننا لم نعي بعد كيف يكون عدل الله و كيف تكون رحمته؟ إنه الله... و ليس الله كمثلنا.. 

و أستشهد بشيء قد كتبته منذ بضعة أيام:

إن لم أضع نفسي موضع السؤال و التأرجح لما كنت سألحظ الإجابات التي تظهر لي أثناء سعيي إليها، لولا الحمقى و الأشرار و السيئين لما كنت عرفت معنىً للهداية و النور و الخير..

كيف يمكنني تقبل التحدث مع عقولٍ مريضة؟ إنه لا شيء سوى التساؤل عن التخبط الذي هم فيه و بدلاً من ادعاء الفضيلة عليهم فإني أستمع إليهم و إلى هراءهم المحض و الجميل أنهم يمنحونني الشك و الشك يمنح اليقين فإذا أنا في تساول دائم فذلك يمنحني المعرفة المستمرة فسؤال أجد له إجابة يتبعه سؤال..

و في نهاية هذا كله، فكله عبث عدا أنني أحاول معرفة الله، لا أدري كيف نحيا على هذه الأرض و نحن لا نعرفه؟

نظن أننا نحسن صنيعاًو نعرفه..

إن أول المعرفة به هي فهم أسمائه و صفاته و في ذلك مجال كبير للفهم و الاستزادة... فالله و إن كانت له صفات الرحمة، العدل، الغضب فليس عدله كعدلنا و لا رحمته كرحمتنا و لا غضبه كغضبنا، و ليس هو بالانفعال و الشعور... فنحن نحب الله غير حبه لنا..و من مبالغات الصوفية ما تحمله على الله من صورة شاعرية، و كذلك من مبالغات المذاهب الأخرى ما تحمله على الله من السلطة و التعذيب في النار او التنعيم في الجنة..

إن كنت ترى الله أحدهما فأنت لا تؤمن بالله، و لا تعرفه أنت فقط تؤمن بإله يجعلك و يجعل فكرة عبوديتك له أشبه بالعبث و اللعب و كأن الله خلقك هكذا..عبثاً..لعباً..فرضاً لسلطته..مزاجاً عنده.. - تعالى الله عما تصفون و تفقهون-.



  • 25

  • آيــآ
    شخصٌ يحتضن ذاته برفق ~ مهتمة بالفنون ككل و بالكتابة.
   نشر في 21 شتنبر 2018  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات

WAEL منذ 2 سنة
رائع ....
0
آيــآ
أهلا بمرورك الكريم
Anne Shirely منذ 4 سنة
أظنك نجحتي فعلا في جعلي أتوه و أسئل نفسي .. أسلوبك جميل
2
آيــآ
أهلا بك ، ذلك يشرفني، يوم سعيد
Anne Shirely
يومك أسعد صديقتي
اسلوبك جميل يا آيه ..سلمت أناملك
3
آيــآ
مرحبا بك نانسي ، بوركت
طرح مكتمل بجميع جوانبه جعل اقلامنا
بارك الله فيك على هذا الموضوع المفيد والنافع
كل الشكر والتقدير
استمتعت بالقراءة
3
آيــآ
جزيت خيراً عنا، كل الاحترام المتبادل و المودة.
مي اسين منذ 6 سنة
ان تعريف الله كسلطة للعقاب و المكافئة يتم ترسيخه للبعض منذ نعومة الأظافر ،فيتم تناسي و تجاهل صفاتة واسمائة الحسنى سبحانه ،لتطغى على عقولنا هتين الفكرتين السطحيتين عن فكرة الوجود ،و الحقيقة هي اعمق من ذلك و نعم اتفق معك عن كونها تجعل الفرد يفكر ان عبادة الله اشبه بالعبث الذي هو متنزه و بعيد كل البعد عنه ،و هذا ما جعل ايماننا ناقص و غير متزن ،اما الحرية فهي كالعادة تساؤل له عدة تؤيلات و اجابات و لكن هناك اجابة اعجبتني للدكتور ذاكر نايت حيث يقول فيها ان الانسان له الحرية في اختيار طريق الخير او الشر اما النتائج عن اختياره لذلك الدرب هي ما يسمى بقدرك ،فلإنسان يختار طريقه ولكن عليه ان يتقبل النتائج
4
آيــآ
نعم، بالضبط يا مي.
أهلاً بك هنا..أسعدني تفاعلك الجميل مع المقال.
مي اسين
شكرا لك اية اتطلع لقراءة المزيد
أحمد صوفي منذ 6 سنة
التناقض في النفس البشرية شيء خُلقنا به، ربما ليثبت مدى حريتنا في التصرف، نجرب هذا وذاك فتذهب كل نفس في اتجاه تختاره، وقد تغير المسار للإتجاه المعاكس ذهاباً وإيابا لتخلق فوضى ما بعدها فوضى، فيُثار التحدي الاصعب وهو جهاد النفس.
1
آيــآ
صحيح،فجهاد النفس يكون أكبر كلما زادت حريتك و لكنه أبقى كذلك عندما تزداد حريتك و تعرف ذاتك و تكون مالكاً لزمام أمرك فتنفي هذه النفس ... لأن النفس لا تأتي بخير .
سلام يا اية ، لقد قمت بتتويهنا رغم اننا عندنا المنهج ولكننا لا نسير عليه ، ندعي بأننا نحبه ولكننا عند أوامره مقصرين ، ندعي اننا ننصب العداوة لشيطان ولكننا نسعى وراء شهواتنا ، ندعي بأننا مؤمنون ولكن العديد منا يكذب ربما لا يعلم الاخرين عن الايمان بأنه لا يجمع بين الكذب والصدق في شخص واحد ، هناك سورة في القران من لا يحفظها فليعلم بأنه منافق ، وإن كان منافقا لن تستقر في قلبه ، رغم ان النفاق له 4 علامات وهو كأسمك يا اية يقول عليه الصلاة والسلام اية المنافق ثلاث :إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ) وفي حديث اخر : وإذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر ، بالنسبة الى معرفة الله ، نحن مولودون على الفطرة ، الفطرة محبة الله وطاعته ، اما المعرفة فهي بعد سن البلوغ يتم المحاسبة على العلم .
4
آيــآ
هذه المقالة اقرب الى الخاطرة، و هي نقد للذات و ليس بحث عن الله فالله بين لمن طهر قلبه لانه الحق و الحق لا يظهر في الاجواء الضبابية و هذا كل ما كنت ارومه بمشاركة هذه الخاطرة، احياناً يجب علينا ان ندع القارئ يتوه ليسأل نفسه.
اهلا بك في الصفحة محمود.
.سميرة بيطام
ما شاء الله
آيــآ
بعض مما عندكم ❤️

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا