لقد تحرر العالم من ذل العبودية المتمثلة في شراء الفرد لأخيه الآخر في الإنسانية ، و استملاكه كسلعة تُشترى و تباع مثل باقي السلع ، و يحق له حينها بالتصرف به كيفما شاء و أراد ، أستطيع أن أطلق على هذا النوع من العبودية بالعبودية المادية ، سأتحدث عن عبودية من صنفٍ آخر ، نوعٌ يختلف تماماً عن النوع الأول ، يحتاج الإنسان لعمقٍ في مستوى الوعي لديه ليتمكن من التحرر من هذه العبودية ، و أستطيع أن أسميها بالعبودية المعنوية أو بالعبودية الفكرية ، و سأطرح بعض الأمثلة الشائعة في المجتمع لتبيان هذا النوع من العبودية لنصل في نهاية المطاف للتخلص من هذه العبودية .
عبودية الرأي الآخر ، وهي عبودية تجعل الفرد مقيداً بالأغلال المتمثلة بآراء الآخرين اتجاهه و باتجاه أفكاره ، و هذا القسم خطير جداً و يأتي على شكلين الأول يكون الفرد خائفاً من إبداء آراء مخالفة لآراء الآخرين - آراء المجتمع - أما الشكل الثاني فيأتي بتصديق الفرد لأفكار الآخرين السيئة اتجاهه ، فعلى سبيل المثال يعتقد الفرد بأنه أحمق فعلاً حين يُرمى بهذه الصفة من قبل الآخرين ، و يظل حبيساً لهذه الفكرة الخاطئة ولا يستطيع الفكاك منها .
عبودية الرأي المُسبق ، وهي عبودية الفرد لآراءه المسبقه قبل التجربة و التحقق ، و تعمل هذه العبودية على نسقين ، الأول سلبي و الآخر إيجابي ، يتمثل النسق السلبي بإطلاق أحكام سلبية خاطئة عن أمرٍ قبل التثبت من صحته ، فمثلاً يعتقد من يملك شيئاً من الذكاء بأنه دائماً و أبداً على حق في أي مناقشةٍ أو مناظرة ، وهنا تفقد المناقشة فائدتها لوجود شخصٍ له فكرة مسبقة مفادها بأن الطرف الآخر مخطئ ، و يستمر بالدفاع عن أفكاره و معتقداته حتى لو قام الآخر بدحضها مستنداً بالأدلة و البراهين ، أما النسق الآخر و هو الإيجابي فهو حين يضع الفرد أفكاراً مثاليةً عن شخصيةٍ معينة ، و يبقى يدافع عنها و يبرر لها أخطائها حتى لو كانت واضحةً كوضوح الشمس ، فهنا أيضاً يكون الفرد عبداً لأفكاره المسبقة الخاطئة .
وهناك العديد من الأمثلة عن العبودية المعنوية أو الفكرية ، يستطيع الإنسان أن يكتشفها حين ينظر للأمور بمنظارٍ متسلحٍ بوعيٍ عميق ، و من هذا المنبر أود القول بضرورة تحرر الإنسان من عبوديته المعنوية مثلما تحرر من عبوديته المادية ، عندها سيتمكن الفرد منا من الإرتقاء بنفسه و بمجتمعه ، و سيكون ذا شأن كبيرٍ حيث سيساهم في تطور المجتمع بخلق أفكارٍ تساهم في عملية عمارة الأرض ، و تحطيم الأفكار و المعتقدات الخاطئة و التي تساعد في عملية هدم المجتمعات البشرية .
عمار محمد
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم