توقفت الاستغاثات من تحت الأنقاض, لم تعد تسمع الأصوات ,خفت الأنات, ثم ما لبث أن ساد صمت القبور..و المعابر لم تفتح وفرق الإنقاذ و الآليات الثقيلة لم تدخل التراب السوري و الشعوب العربية تتناقل صور لضحايا تحت الأنقاض هذا طفل يجلس وحيدا, و هذه طفلة تحمي بمرفقها أخاها ,وهذا مسن يطلب الوضوء للصلاة, وتلك الرضيعة التي ولدت تحت الأنقاض لحظة وفاة أمها تتهافت عليها طلبات التبني من المشاهير, صور و مشاهد حركت شاشات الهواتف وانتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل بأصنافها توتير, إنستغرام, فيسبوك, تيك توك, لكنها لم تلمس القلوب ولم تحركها لو حركت القلوب لتدفقت الشعوب العربية إلى الشوارع و أمام السفارات تطالب بفتح المعابر و إغاثة ضحايا الزلزال, كان دوى هتافها عاليا نصرة لشعب مغلوب على أمره..

تشيرالإحصائيات أن كل ساعة تأخير تسجل 50 حالة وفاة , مما يعني أن 50 من الأرواح كانت تزهق كل ساعة في المناطق المنكوبة بسوريا في غياب المساعدات من فرق الإنقاذ والآليات والمعدات الثقيلة .. تلقت تركيا مساعدات من 56 دولة بينما يتجاهل العالم الضحايا في سوريا و كأن السوري بات مواطن من الدرجة الثانية حياته و مماته سيان..ارتفعت حصيلة الضحايا إلى 3317 حالة وفاة وهي في ارتفاع مستمر ومجلس الأمن و الأمم المتحدة يتداولان الجملة ذاتها: الأمور معقدة في سوريا ..دول سقطت منها الحلول الدبلوماسية و عجزت عن ممارسة الضغط حتى تفتح المعابر لدخول المساعدات في حينها لا بعد فوات الأوان ..اتصالات..لقاءات..تصريحات ..مشاورات..بيانات والضحايا تحت الأنقاض تستغيث. شعب من 12 سنة وهو يدفع ثمن ذنب لم يقترفه عقاب جماعي قدر عليه ..سنوات من القتل ,و التعذيب ,و الذبح ,و التنكيل ثم حصار جائر وتدني في مستوى المعيشة فلا كهرباء و لا ماء ولا بنزين ولا تدفئة في الشتاء.. انعدمت أبسط مقومات العيش الكريم .وهو يكابد تتزلزل الأرض فجأة و وتبتلعه في جوفها في لحظات..ليعيش تجربة النبي يونس عليه السلام حينما إلتقمه الحوت..فيعايش الخوف والأمل واليأس في ذات الوقت وينشد في الظلام الخلاص والنور .. صراخ ودعاء وكلمات التوسل تحت الأنقاض و صراخ العجز والقهر فوق الأنقاض..والشعوب العربية تلهو بصور الناجين والعالقين وتسعد بإنقاذ طفل و الآلاف تحت الركام ..متطوعون بآليات بدائية و بأيديهم ينبشون الركام و يخرجون الأحياء تارة.. فيعلو التهليل والتكبير و يخرجون الموتى طورا فتختنق الحناجر مرددة لا إله إلا الله..جدلية الحياة و الموت ..شعب يحيط به الموت من كل جانب حتى عبر المعابر التي لم تفتح لمرور المساعدات بل لاستقبال جثامين ضحايا زلزال تركيا, الموت جوا و برا و حتى بحرا ها هو نهر العاصي يغرق قرية" التلول" التي قد خلت من ساكنيها, ومع كل ذلك الهول لا نجده إلا محتسبا ..صابرا.. جلدا..!!

أما آن الأوان أن يستفيق ضمير العالم من سباته..ترى ما هو الرقم المقدر في الفاتورة التي على الشعب السوري أن يدفعها من لحم و دم حتى يبدأ العالم في التحرك فعليا على الساحة السورية ؟ متى يتحرك العالم لنجدة الثكالى والأطفال اليتامى و يتخذ فعليا إجراءات عملية بحجم المذابح و الأرواح التي يقوم برصدها الإعلام ليلا نهارا ..ما يحدث في سوريا منذ سنوات و حتى اليوم هو سلسلة من القتل الممنهج والإبادة الجماعية ..فلتسقط كل الحسابات الدولية..إن الصمت أمام ما يحدث في سوريا من دمار شامل هو خيانة للإنسانية..إن الساكت عما يحدث هو شريك في الجريمة ..فليكن الرد جماهريا ..يجب إيقاف هذا النزيف الدموي المستمر..يجب إدانة هذا القتل الممنهج اللامتناهي إدانة عربية عالمية..إدانة علنية تدوي كصرخة في وجه من جعلوا سوريا مسرحا لحروبهم ..إدانة مستمرة غير منقطعة حتى يرفعوا الحصار عن سوريا..حتى يرفعوا أيديهم عن سوريا.

                                                                                                         لبنى حمودة