الحقيقة المُطلقة التي لا يُنكرها أحد أن الصراع الوجودى بين الحق و الباطل لا ينتهي الي قيام الساعة .. و لكن أحياناً يتسائل الكثيرون لماذا يتمادي الباطل هكذا و لا نري انتصاراً للحق ؟!
بل و أن البعض منهم قد يضعف أمام الفتن و تزل قدمٌ بعد ثبوتها كالمرأة التي نقضت غزلها من بعد قوة الإبرام .. و أسئلة كثيرة لا تنتهي و أحاديث نفس قد تميلُ بصاحبها ميلاً عظيما إلى شفا حفرةٍ عميقة قد ينتهي عمره بداخلها و لا يخرج منها على قيد الحياة
فتذكرت موقف حدث مع الإمام أحمد بن حنبل .. حيث رُوي في بعض الأثر .. عندما سُجن ابن حنبل في محنة خلق القرآن فى عهد الخليفة العباسي المأمون .. قد جُلد مئات الجلدات لكي يرجع عن الحق و لكنهُ رفض أن يتنازل أو أن يستخدم أسلوب التورية بين الحق و الباطل .. و ظل ثابتاً على طريق الحق .. و في احدي المرات و في لحظات ضعف كاد يركن اليهم من شدة ما رآه من تعذيب و إهانة و ألم لـ تمسكه بجذور الحق و ثباته عليه
فاذا بصوت لص معه في الزنزانة يقول له يا امام : لقد جُلدتُ مثلك أكثر من مرة كي أدلهم علي مكان المسروقات و لم أعترف .. فسبحان مَن جمعنا علي مصيرٍ واحد في أمرين متناقضين .. أنا أجلد في أمرٍ باطل فعلته و لم أعترف به .. و أنت تُجلد في أمر حق و لم ترجع عنه .. فاياك أن تتنازل و تعطي الدنية من دينك .. فأدرك ابن حنبل أنها رسالة من الله لـ تثبت به فؤاده .. و من باب الأمانة في النقل هناك مَن يُشكك في صحة هذا الموقف
فالشاهد منها إذا صحت أو إن لم يكُن لها أثر .. الأهم هو المضمون و ما ينفعنا من قصة اللص و الإمام .. أن لا تغتر بثباتك و لا تلوم و تنهر مَن يشعر بلحظات ضعف مثل هذه .. فالأَولى أن تأخذ بيده و لا تكن عوناً مع نفسه المهتزة عليه .. فـ مهما بلغ ايمانك و ثباتك قد يأتي عليك لحظات ضعف تُبعدك عن الطريق الصحيح فيقول الله في كتابه الكريم لأكمل الخلق أجمعين :
"وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا "
بالفعل هي ظاهرة طبيعية أن الانسان قد ينتابه لحظات ضعف و بعض الاهتزاز من هول ما رأى من أذي و فتن و عقبات على طريق الحق و من تأخر الفرج و النصر الذي وعد به الله عباده المؤمنين .. فمن أعظم الفتن التي تمُر على القلب ... " أن ندعو ربنا في كل يوم اللهم ارفع الكربَ عن المظلومين فيزدادوا كرباً "
و لكن تذكر أن من رحمة الله بنا أن الله لا يُحاسبنا علي النتائج إن صدقت النوايا فى القلب و أقرها العمل بالجوارح .. و لا يُشترط أن تري انتصارك في الدنيا ... فغلام الأخدود ضحي بحياته من أجل أن تؤمن قريته و تخرج بأكلمها لتُعلن ايمانها بالله في وجه ملك ظالم لم يرحم منهم أحد و أحرقهم في أخدود من النيران .. و أغلبنا يعرف موقف المرأة التي كادت أن ترجع عن الحق أمام نيران الأخدود خوفاً علي ابنها الرضيع و كادت تركن اليهم شيئاً قليلا .. فاذا برضيعها يتكلم في مهده .. لا تخافِ يا أماه فإنّا على الحق
فلولا أن النفس تميل و تهتز ما خلق الله لها الثبات كي تبقي علي طاعته و نُصرة دينه و علي طريق الحق .. و الأهم أن تبحث دائماً عن موضع قدميك أين تقع و كما أن الحقيقة الأبدية هي أن الصراع بين الحق و الباطل لا ينتهي فأيضاً النتيجة النهائية المُقدرة التي لا تتغير هي انتصار الحق .. و أنت الآن في امتحان داخل هذا الصراع الدائم .. نجح فيه مَن نجح و رسَب فيه مَن رسَب
و يبقَى الحق واحد لا نصف له .. فلو كان للحق نصفاً أو التبس بهِ مثقال ذرة من باطل لـ صار باطلاً ................... " فطوبي لـلقابضين على الحق إلى آخر الدهر "
-
ناشط بحركة 6 أمشيرإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ..... سأظل أكتب ما أومن به حتي أبني لهذا العالم مدينة من العدل جدرانها الحروف وأعمدتها الكلمات ..... يسكنها كل شبيه لها