في البحار الاستوائية، وباستخدام زعانف تشبه الأجنحة، تقفز الأسماك خارج البحر محلقةً بمسافة قد تصل إلى ٢٠٠ متر وذلك قبل أن تغطس مجددًا في البحر.
كما أن بعض الأسماك في المحيط الهادي والهندي تستطيع بلوغ سرعات تصل إلى ١١٠ كيلومتر لكل ساعة، وهي سرعة هائلة. إن كنت لا تتخيل، لم يصل إلى عُشر هذه السرعة أي بطل سباحة من قبل!
كل هذه المميزات وجدت بفضل شكل السمكة، الجسم المتطاول مع الشكل الانسيابي في وجود زعانف وذيل، وليس شرطًا؛ ففي كل نوع يحدث به بعض التعديلات التي تساعده على النجاة، وهذا بالطبع يختلف في ٣٣٠٠٠ نوع من الأسماك في البحار والأنهار والمحيطات.
وتبعًا لنوع الحركة، تنقسم الأسماك إلى نوعين، أولهما الحركة المدفوعة بالجسم والذيل، والذي يشكِّل ٨٥٪ من الأسماك، حيث يناسب الكثير منهم الذي يحتاج إلى سرعة وقوة دفع قوية. وأما النوع الثاني، فهي الأسماك التي تتحرك بكامل جسمها، ولكن رغم هذا هناك أنواع أخرى كالسلمون، التي تعتمد فقط على جزء من جسمها (Subcarangiform). ولتستريح خذها قاعدة، كلما قلَّت كتلة السمكة المستخدمة لتوليد حركتها، كلما كان شكلها انسيابي أكثر.
لا تنسى أيضًا الأسماك التي تتحرك بتمايل ذيلها كالتونة؛ ففي هذه الأنواع يعتبر الذيل هو الزعانف، دعني أفسر لك.. يُربط ذيل سمكة التونة بواسطة أوتار إلى العديد من العضلات في جسمها، وبالتالي تحرِّك الجسم كالمحرك بقوة دفع قوية تصل إلى ٦٩ كيومتر في الساعة. بعض الأنواع أيضًا يحركها الزعانف ولكن بشكل مختلف، فهي في الأساس تعتمد على الدفع بواسطة مرور الماء بجانب زعانفها فتتحرك.
تصوَّر معي، يمكن لبعض الأسماك استخدام الزعانف بأشكال أخرى، فمثلًا الأسماك التي تعيش في القاع مثل (راي) تستطيع باستخدام زعانفها الضخمة رفع نفسها بانسيابية من قاع البحر، وهذا بالتأكيد ما يسمح لهم بالعيش في البحار قليلة العمق دون أن تلاطمها الأمواج.
بعض الأسماك هي في الأصل من المجموعتين ولكنها قد تُظهر تطرفًا، ولكن إن قرأت المقالة وركزت بهم قليلًا سترى السمات الشائعة متنكرة، فأحصنة البحر مثلًا ليس لديها مظهر الأسماك التقليدي، ومع ذلك فإنها تستخدم زعانفها كبديل، والسمكة المنفوخة رغم مظهرها العنيف، إلا أنها قد تتحول لشكل انسيابي لمواجهة المياة، ناهيك عن أولئك الذين يظهرون وكأن لهم أقدام، لكنها في الحقيقة زعانف تساعدها على السير.
في النهاية لا يسعني إلا أن أخبرك —وكأنني في الإذاعة المدرسية— أن الكائنات كلها تعمل بغرض الاستمراية، فالحركة مثلًا في الأسماك هي ما تعزز بقاءها. ودعني أختبرك بسؤالٍ هام، كم من مرة ذكرت كلمة زعانف هاهنا؟
-
فؤاد ياسر عامرطالب بكلية طب عين شمس، أهتم بالفنون والآداب، كما أؤمن بأن العلم هو الطريق الوحيد نحو التغيير.