هنا أنتيجون طريق لأوبرا مصرية حديثة - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

هنا أنتيجون طريق لأوبرا مصرية حديثة

  نشر في 16 شتنبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

   عرض هنا أنتيجون الذي يقدمه مسرح الطليعة من إخراج تامر كرم . يثير بعضا من القضايا الهامة .

أولها هي مسألة النقد سابق التجهيز أو النقد طبقا لما يود المرء أن يراه أو يتخيله / خاصة إذا كان هناك موقفا سياسيا أو اجتماعيا ما يتبناه الناقد أو المتناقد . يحاول بشتى السبل تهيئة أي عمل فني جيد لكي يتقولب مع موقفه هذا. أو المحاولة للحكم على العمل طبقا لمصادره الأولي وليس طبقا للناتج النهائي الذي ربما يختلف أو يتعارض مع مفردة من مفردات العمل الأولية.

فإذا كان تامر كرم استعان بالدراماتورج محمد الخيام . لكي يكون هناك نص عرض معتمدا على نصي سوفوكوليس وجان آنوي عن مأساة أنتيجون . وإذا كان كل عمل الخيام هو مجرد التوفيق بين النصين دون إضافة كلمة واحدة من عندياته . فمعنى هذا بكل بساطة أننا لا يمكن أن نحكم على نص العرض طبقا لمراد سوفوكوليس الأخلاقي أو طبقا لمراد آنوي الأيدلوجي . ولكن يمكننا ن نتوقع نص لعرض فيه المراد الأخلاقي والأيدلوجي معا ، ولكن لا يتحتم وجوده .

إذن فالتفسير على أن نص العرض يتناول الحقبة المصرية القريبة الماضية . ويكون كريون هو المعادل لمن وصل للحكم عن طريق بعض أخطاء ارتكبها سابقه في حق نفسه والشعب . ومهد له هذا اقتتال الوريثين الشرعيين ابنا أوديب وقتل كلا منها للآخر . ومحاولة فرض نظامه الخاص المتعارض مع الفكرة الإنسانية ذاتها. وتصوير إصرار انتيجون على دفن شقيقها بالرغم من أوامر كريون التي تمنع ذلك . ومن ثم اقتيادها للسجن . ومحولة تصوير أو استنباط أن هناك رأيا عاما قد انقسم حول فعلة انتيجون وليس مجرد أحاديث شارع . ومحاولة إلباس نص العرض بالتاريخ للفترة الماضية ! لهو تفسير جدلي يخص المفسر ذاته دون ارتكان على دال أو مدلول من نص العرض يؤيد هذا. وألا فما هو التفسير لعملية الانتحار الجماعي التي أوردها نص لعرض لابن كريون وحبيب انتيجون . ووالدته ؟ وسنقول معهما ان تامر كرم لم يصور موت انتيجون على أنه انتحارا بل قتلا . ولكن النتيجة هي الموت للجميع والدخول في اسر الضياع واندثار الدولة . واضعين في الحسبان أنه لا الخيام ولا كرم قد استعانا بالوسيط بين السماء والبشر . خاصة أن المأساة الأولية التي أفرزت هذا النزاع كانت السماء أو الآلهة نفسها هي الملومة بسوق اوديب لقدره دون معرفته أو اختياره . وهي أي السماء التي خلقت هذا الوضع الشائك المعوج.

إذن فاعتقد أن التفسير لنص العرض الذي يعتمد على العموم الإنساني للمقولة دون محاولة اقتصارها على مكان وزمن معين هو الأجدر. ونكون أمام إرادة انتقام لا تلقي بالا للمشاعر الإنسانية العامة . ومحاولة ترد بالحكم دون محاولة سماع رأى الآخر حتى لو كان قريبا منه . تجلى هذا في حوار كريون والابن . والتأكيد على أن المفهوم الإنساني العام من الممكن ن يلقى بظله على بعض الحالات التي تخص مجتمعا دون آخر ، ولكن العكس ليس صحيحا.

وإن شئت بعض التخصيص فيكون انطلاقا من هذا الحوار . وهو محاولة التركيز على الصراع بين الشباب والشيوخ في نظرة كلا منهما للأمر والحياة . وأنه ليس من حق الشيوخ منفردين تقرير كيفية الوضع الذي سيكون عليه مستقبل الشباب.

أما عن كيفية تقديم نص العرض . فقد أشار دكتور مصطفى سليم في حديث سابق أن العرض عبارة عن أوبرا مكونة من أربع حركات . وأنا أتفق معه تماما في هذا الرأي ، ولكنها أوبرا غير مكتملة أحيانا.

وأزيد في عجالة أن المؤلف الموسيقي للعرض وليد غازي وهو موهبة يجب الاهتمام بها وإتاحة أكبر مساحة من العمل أمامه حتى يستعرض كل قدراته ومواهبه. أقول أن علاء قوقة كممثل واع وموهوب ولديه حس كبير بالموسيقى قد ساعد على أن تكون التسمية وهذا النجاح في المتناول. فالجميع كانوا يغنون الكورس وأبطال العرض الآخرون ماعدا هو . وانحصر صوت الكورس تقريبا على الإيقاعات السريعة بمصاحبة ألآت النفخ والإيقاع المختلفة . والأصوات الفردية آو الجماعات الصغيرة انحصرت تقريبا بين طبقتي التينور والألتو . وبعض تداخلات للسوبرانو . وطبعا كان هذا بمصاحبة الوتريات وألان النفخ الخشبية التي استعاض عنها بمقلداتها على لوحة المفاتيح تقريبا . كان هذا هو ع وليد م ناحية الموسيقى.

وبما ان علاء قوقة واع ومتفهم كما قلت ويعرف انه كشخصية هو المقابل لكل هذه الشخصيات . فتقريبا كان هو الشخصية المتسلطة الوحيد التي ظهرت على خشبة المسرح . لذا استعمل طبقة الباس في كل أداءاته وتنوعت الطبقة في مداها الموسيقي لتحاور كل صوت على حدة . فاتخذ نبرة التشيلو في مقابلة الأصوات الصاحبة بالكمان وآلات النفخ الخشبية . ونبرة الكونتر باس في مقابلة طبقة السوبرانو ,

كما تعامل مع الأمر بحرفية شديدة لدرجة انك كنت تستطيع في معظم الأحيان أن تكتب نوتة موسيقية سليمة لكلماته التي ينطق بها . ولم يخرج هذا الأمر إلا في مشهد النهاية عندما تغلبت العاطفة والرغبة في إثارتها ، فكانت بعض التهدجات الصوتية التي خرجت عن النسق الصوتي العام للشخصية . وهذا ليس إقلالا أو تقصيرا منه . بل كان أيضا عن وعي . فحالة الانكسار التي كان عليها كريون في النهاية أخرجته من حالة التفرد التي كان عليها لكونه الملك المستبد .. الخ وألقت به في النطاق الإنساني العام الذي يحزن ويجزع لذا فكان ضروريا ان يخرج من طبقة الباس هذه لطبقة التينور المتوسطة التي يشترك بها غالبية البشر.

ثاني القضايا التي أثارها العرض أننا نملك الإمكانيات البشرية لإنتاج مسرح غنائي أو أوبرا متكاملة . فهذه المجموعة الرائعة من الممثلين / المغنيين في العرض تثبت هذا . وميزانية العرض في الطليعة تقريبا معلومة للجميع وهي ليست من ذوات التكاليف المرتفعة ؟ كل مافي الأمر أن الفرصة منحت للشباب ليثبتوا أنفسهم ويقدموها . دون أي أعذار بارتباطات مسبقة لنجوم الغناء كما يحدث في بعض الأعمال التي تحاول ان تكون موسيقية أو المغالاة في الأجور.

ثم نجاح العرض على المستوى الجماهيري يثبت أن الأقدمين من رواد الحركة المسرحية والغنائي في مصر كانوا عل حق عندما ارتبط الغناء بالمسرح او العكس. دون إقصاء للمسرحيات الصرفة التي لا يتخللها الغناء وأن كان فنادرا. فطبيعة المشاهد المصري العام مع هذا الوع من الفن المسرحي وجيناته تقريبا تعودت عليه .

ويبدو ان تامر كرم وعى لهذه النقطة جدا فلم يحاول الخروج عليها بما يفسدها . ولم يحاول أن يخلق إيهاما مع هذا الثراء الغنائي فهذا لا يمكن وجوده . لذا كانت الوسيلة التي ارتضاها مع مهندس ديكوره محمود صبري أن يكون الإحساس بأننا نقدم عملا مسرحيا هو الغالب . فكانت أقنعة المسرح الشهرة بأشكال مختلفة على جانبي الخشبة . قم حاول ان يستعين بالأسلوب التعبيري لتصوير المشاهد بما يختلف مع الواقعية ومحاولة منه أن تتعدد التاويلات مع خلق الحالة الجمالية ؟ لذا اتخذ الديكور اللون الأبيض الذي من الممكن أن يتغير لونه طبقا لمجريات الحالات النفسي للشخصيات . ولكن يبدو ان مصادر الإضاءة لم تساعده كثيرا.

عامة هو عرض يقدم جديدا لحالة المسرح المصري الآن ويقدم مجموعة من النجوم الآتيين في كل فروع الفن عامة وليس المسرح وحده . وان كنا لن ننهي الكلمات بدون الإشارة لشيء نراه غير مناسبا في العرض ز فهو يكمن في كلمة المخرج في مطبوع العرض والتي كانت عبارة عن مقولة روجر فريش:الفرق بين الواقع والحلم هو كلمة من ثلاثة حروف (عمل). وإذا كان يقصد بالعمل في عرضه هو ما قامت به انتيجون من تحدي للاستبداد .. الخ . فلم يكن عليه ان يفتلها في النهاية خاصة انه غير مطالب بأي نهاية مسبقة . نتيجة انه يقدم نصا مسرحيا جديدا نشا عن تزاوج نصين شهيرين.



   نشر في 16 شتنبر 2015  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا