ماذا بعد المائة..؟ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ماذا بعد المائة..؟

ماذا بعد المائة..؟

  نشر في 21 يونيو 2018 .

ماذا بعد المائة؟

هيام فؤاد ضمرة..

الحمد الله والنعم بالله ولا إله سواه، الحمدالله الذي هداني لهذا وما كنت لأهتدي لولا أن هداني وأخذ بيدي ووجهني لعملي وألهمني تطبيقه، وما توفيقي فيما نويت وسعيت واجتهدت إلا لاعتصامي بحبل الله وتوكلي عليه، فسبحانك اللهم إنك خالق كل شيء وبيدك إعمار الكون حين تبث ملهماتك في عبدك، فتجعله لوصيتك قائم بدوره ومن موقع مسؤولياته بالمشاركة ولو بالقدر الضئيل في إعمار هذا الكون.

إن الله خير داعم لمن يحبه ويرضى عنه، وهو يُحبُّ المتقين الفاعلين المدفوعين بدافعيتهم الذاتية دوماً للعمل الدؤوب المخلص، وغايتهم أنْ يوقفوا أعمالهم لوجه الله جلّ وعَلا لترك الأثر الطيب والفعل الايجابي النافع، فكتابه المنزل القرآن الكريم علمنا ما ينفعنا وينفع أمتنا وزادنا من عنده علما فأرانا من الحق ما ترتاح إليه نفوسنا وما ينفع أحوالنا ويسعد أجيالنا، ودلنا على مواقع الباطل فتجنبناه وابتعدنا عنه.

حين وقعت عيني على رقم المائة في عدد منشوراتي على منصة مكلاود تلك المنصة التي اتاحت لي عرض فكري وأدبياتي ومسيل أقلامي وهو مجرد موقع واحد لا غير من جملة المواقع التي احتضنت مقالاتي وأدبياتي ودراساتي أعتراني الكثير من الفرح وسحبت نفسا طويلاً بارتياح، فمنصة مكلاود منحتني أكثر من مكان، وأدفأ من سكن آمن، وأوسع من عرض داعم، فقد اكتشفت فيها نظام إداري ناجح مكتمل التنظيم والتسهيل المحبب للكاتب، وكوكبة من أصحاب القلم الباذخ بأدائه وأخلاقه، وقد ارتوى فيهم فكر ناضج وعقل ملهم، فأحببت منصة مكلاود وأحببت نظامها، واحترمت أنظمتها، وأحببت كل مَن لاذ بها واتخذها مسكناً آمناً لانجازاته الأدبية والفكرية، وهو ذات السبب الذي جعلني اتخذها بدوري أنا الأخرى ملاذاً لانجازاتي الأدبية ومقالاتي الفكرية والسياسية والتاريخية والاجتماعية، وأنا التي تعودت نشر مقالاتها في الجريدة الرسمية لبلدي وكل الصحف وبعض المجلات المحلية والعربية، فيما أخذتني الأنشطة العامة والمؤتمرات المحلية والدولية وورش العمل في حل القضايا الوطنية المحلية مأخذها البعيد لتوزيع مهامي في كل الأماكن والتخصصات التي وجدتني انتسب إليها برغبة جامحة من قياداتها، فابتعدت بي أنشطتي كثيرا عن قلمي الذي ظل يناديني ويلحُّ عليّ عودتي إليه بين الفينة والأخرى.

كان لا بد في عمري هذا وقبل أن تواتيني النهاية الطبيعية في الرحيل أن اهتم بإنجاز جزء من ذاتي أتركه إرثا للقراء يستفيد منه من يستفيد ويستمتع به من يستمتع، فلم يكن في نيتي البحث عن مواقع للظهور، فليست هذه غايتي لا في أمسي الماضي ولا في يومي الحاضر، فمواقع القيادة هي من كانت تطلبني إليها وتلح على تواجدي في حضرتها، ربما لتميز ما؛ أقنع من أقتنع بفكري وقدراتي، فاستشهاد رؤسائي بكفاءتي في المحافل التي تواجدوا بها وهو بحد ذاته النيشان الذي يسعدني أن أتجمل به.

لم يكن تجميدي لطموحاتي وأحلامي التي تكونت خلال مراحل نضوجي العلمي والفكري والعقلي والأدائي عقبة في طريقي، فاستدلالي في تحديد اتجاهاتي نحو العلم والمعرفة والثقافة، رفع سويتي الثقافية والعقلية والعلمية وأنطقني في المفيد المستفاد منه، لأني مؤمنة أنّ المرتبة العلمية للحاصل على الدكتوراة هو فقط ذلك الذي يفهم ضمن دائرة اختصاصة، فيما القارئ المثقف النهم يفهم في كل الاختصاصات والمجالات التي يحرص على تنويعها، فهو بالتالي أعلى قيمة علمية وأوسع ثقافة واختصاص.

صبري الطويل على بُعد مسافة الوصول لنقطة البداية في انجاز طموحاتي لم يكن مروره يسيراً وخاليا من الحنين، فلطالما كانت تأخذني اللهفة مآخذها، فأمسك بقلمي لأخط خواطري واعتصر ما اعتصر من مكنونات كنت أريد لها أن تبارحني وتغادرني إلى غير رجعة، فالغربة قاسية جدا وفقدان الأهل والأصحاب وأجواء لمتهم وجمعتهم في الأماسي الجميلة لا تعوض وحنينها جارف، فأترك ليراعي ليسكب اعتمالاتي ومناجاتي على أسطح أوراقي المستفز بياضها، ومن ثم احتفظ بها في حالة ركود لتغفو في عتمة الأدراج سنين وسنين، إلى حين استراحت نفسي إلى انتهاء مهمتي الرئيسية في القيام بمهامي ومسؤولياتي كأم وزوجة وربة بيت على خير أداء وبأمانة متناهية، فكان هاجسي الأول وهدفي الأساس هو الوصول بأبنائي إلى بر الأمان، وابتدائهم الاعتماد على أنفسهم وقد تسلحوا بالشهادات ووضعوا أقدامهم على أولى درجات الاعتماد على الذات، فطبعي امتاز بحب اتقان كل شيء أفعله أو أمارسه إن كان واجبا له التزاماته الأخلاقية أو عملا عادياً أو عملاً فنياً أو أدبيا أو فكريا،ً مستهدية بقول الرسول صلى الله عليه وسلم " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" فعملت واجتهدت وحاولت أن أكون على أفضل ما يمكن باجتهادي الذاتي وشغلي على نفسي، مما جعلني مهيأة والحمد لله للنجاح في كل عمل قمت به وتحملت قيادته وأدرت نشاطاته، فالشكر والحمد لله على ما وهبني من رضاه عني ودعم خطاي.

بدأت رحلتي نحو ذاتي متأخرة حقا، لكن الله لم يُغلق في وجهي أبواب رحمته وأمدني بالقوة الكافية لولوج عوالم حلمي لأحقق ولو اليسير من أحلامي وأترك أثرا لي يستفيد منه غيري ويتحدث عني بعد رحيلي وغيابي، لم يقلقني أبدا أولئك المهووسين بوضع العصا في الدولاب، لأني على يقين أن الله ينتصر للخير ويخيِّب فعل أهل الشر، وقد مرّ عليّ منهم الكثير، وقابلت مِن مُكر أعمالهم ما يندى له الجبين، لكن الله كان دائما كاشفهم وفاضح ألاعيب مكرهم، بل مُغلقا عليهم الله أبواب رحمته في مواقع كثيرة من شؤون حياتهم، فمن حفر حفرة لأخيه وقع فيها وختم الله على قلبه بالسواد الكالح، فاللهم احفظنا من كيد الكائدين وشر الأشرارالمؤذيين.

ها أنا اليوم أهنئ نفسي وأفرح بها ومن ثم أفرح لمنصة مكلاود أنْ مشينا معاً مشوار المائة خطوة بكل توازن واتزان وبكل مصداقية في الأداء والاحتكام إلى الأداء الأمين في اختيارالموضوعات، وعرضها بصورة عقلانية متوازنة وبصورة حكيمة لا تتجاوز حدود المسموح به أخلاقياً وأدبياً وسياسياً، هو نهجي الدائم مع موضوعاتي المعروضة إعلامياً، فعملية التخاطب الإعلامي له أخلاقياته وحدود استخدامات لغته وتعبيراته، وتجاوزها لا يعني فقط التطاول على الحدود الأخلاقية، بل يعني عدم القدرة على الممارسة الأخلاقية الإعلامية لسوء في التربية وسوء في الأخلاق، الاقناع الإعلامي لا يحتاج للطبول الجوفاء التي تصرخ بغير أصوات التأدب، بل يحتاج لفن في الخطاب لتوصيل المعلومة بمنتهى الهدوء وباستخدام وسائل الاقناع الواضحة والمعتمدة على الوقائع الحقيقية دون أي تزييف أو تهويل مبالغ به، ودون استخدام لغة الشتم والسب التي يزاولها بعض الدونيون.

أقرَّ فوكو بجدلية الأدب الملتزم في حدود التأدب بأنه منطقة التميز والبلوغ في النضج الفكري والأدبي التي تناقش الآخر وتعرض الأفكار وتستشهد لها حتى الوصول إلى درجة الإقناع، لكنها لا تتجاوز الأصول بالشتم والسباب، ويصف الكتابة الطليعية بالكتابة الأدبية المتأدبة.

فيما دانتي وهوميروس أيدا لغة الأدب المتأدبة والمتجملة بلغة معينة جمالية التشكيل خفيفة على الأذن بليغة لا تتهاون في استخدام المحسنات اللغوية في موقع حاجتها، وهنا فنحن لا نقول أن الأمر في ذلك يبلغ حد الصراع، لإنه ليس بصراع اللغة القاسي، وإنما في عرض قوة الكلام المقنع المتجرد من أيّ تشويه لفظي.

فالكتابة هي تعبير منعكس عن الذات تستخرج من العمق حقيقتها، وتكشف دواخل الكاتب بقدر ما تكشف الوجه الحقيقي لمن يقصدهم النص بالتناول، فاللغة هي مجرد حقل لنشاط تعبيري أدبي حضاري يعتمد الصدق والوضوح والتمكن، كما يعتمد لغة التخاطب المقنعة وغير المتهورة.

لطالما تمنيت لو أني تمكنت مبكرة من عبور الخيمة الفاخرة للأدب والتأليف، لكني ما كنت لأكون بهذه الأنانية وأقتطع وقت ممارستي الكتابة على حساب مسؤولياتي والتزاماتي وحفظ حق أبنائي وزوجي، لكني اليوم راضية عن نفسي وعن انتاجي البسيط، فيكفي أني أخلصت لقلمي في الوقت المناسب فاحتضنني بقدر ما احتضنته، وتركته يسكب مداده، ويسجل اعتمالات عقلي ومشاعري وخلوص فكري، فمنذ وقت مبكر عرفت ماذا اريد لنفسي وأي الطرق أرغب أن أسير عبرها نحو غايتي وهدفي النبيل من خلال الظروف المتوفرة، فلست المتمردة التي تشغل نفسها بإشهار آلات قتالها لتحقيق طموحها، فقد كنت مؤمنة أن بالصبر والسير خطوة فخطوة كفيل بأن تنقلني خطواتي لنهاية الطريق الذي اخترت، فسرت بتؤدة وحذر، وحددت مواقع أقدامي في كل خطوة أخطوها لألتمس لنفسي مواقع الأمان وأحيد عن مسالك الهلاك، وهذا ما جعلني صبورة وحذرة وانتقائية، احترم ذاتي وأقدرها وأحترم الآخرين ولا أتعدى على ممتلكات هي حقهم، وفي نفس الوقت أحرص على حدود عالمي من أي تعدي أو تجاوز لا تتقبله نفسي، وأشكر الله أن منحني العقل المتوازن والفكر الحكيم، لست أدعي هنا الحكمة فالحكمة هي مرتبة عالية وهي هبة ربانية تشاركها صفات عقلية وأخلاقية إضافة لذاكرة عامرة تجمع ولا تفلِّت، لكني أقصد حكمة اتخاذ القرار بشكله ولوجستياته وبوقته المناسب وحساباته.

اليوم يا منصة مكلاود يسعدني بل ويشرفني؛ أن أتقدم إليك وأقدم لك كل آيات التحية محاطة بمشاعر الامتنان والافتخار في آن معاً، ويسعدني أن أقول بكل الحب والانتماء للمنصة وسياستها ونظامها.. شكراً بحجم الدنيا يا منصة مكلاود، بيت الأدباء والمفكرين وبيت النخب الحضاريين، شكراً أنْ منحتنا عبق التواصل والإتصال بعالم النت المتسع وأجد عباراتي تتزاحم لتنظم عقد جوهر شكرها لؤلؤاً وألماساً ودرر، أنْ أغدقتِ علينا تلك الرعاية والعناية إلى درجة احساسنا بالمسؤولية تجاهك وتجاه قيمة وجودك.. شكرا كثيرا منصة مكلاود الشامخة شموخ حضورها ومزهرة بأريج ورودها، أن منحتينا ثقتك وأوردت لنا عبق أريجك العاطر ونسمات عطرك الفاخر، أن أهديتنا المكان وزينتيه بكل هؤلاء الأعضاء الأطايب.

مديحك خيرُ مدحِ المادحينا== وشكركَ واجبٌ ديناً ودينا

كــأنّــا والــقــوافي زاهِــرات== نـفـوقُ بــها نــظـام الأولــيـنا

وصُغنا في مديحِكَ منْ نجوم== سوائرٌ مِثلها عِقداً ثمينا

لكنا وإنْ فُقنا الأوالي== ووَصفك فاقَ وصف الواصفينا

فلم نبلغ مدىً لك في الأعالي== فإنا عن مداكِ مقصرونا


  • 5

  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 21 يونيو 2018 .

التعليقات

Salsabil Djaou منذ 6 سنة
و أشكر المنصة ايضا إذ مكنتنا من قراءة كلماتك و أظن ان تعليقي لن يوفي كلماتك حقها ، تستحقين كل الثناء والتقدير و قد حدثتنا عنك بكل تواضع فسعدنا بالتعرف أكثر على كاتبتنا القديرة ،ننتظر بشوق مقالاتك " ما بعد المئة" فنحن بدون مجاملة نستفيد و نتعلم ، احتراماتي و فائق تقديري سيدتنا الكريمة.
2
hiyam damra
أشكرك جزيل الشكر لكرم حروفك وفيض كلماتك التي ملأتها من قوارير عطر أخلاقك فكم يسعدني مرورك وتعليقك سيدتي الرائعة سلسبيل وانت صاحبة القلم الباذخ المبدع.. دام جمال روحك
أقباس فخري منذ 6 سنة
سعيد بوجودي في المنصة التي أتاحت لي شرف التعرّف على أناس أفاضل مثلك سيدتي هيام. أمدَ الله عطاءك بمددٍ من عنده حتى نتشرف بقراءة منشورك الألف إن شاء الله.
2
hiyam damra
صباحك مزهر بورد الأقاح وعطر يتناثر بفوح الأفراح.. أشكرك أستاذ أقباس وأشكر ذوقك ولطفك.. بارك الله بك ومتعك بالصحة والعافية.. فأنا الأسعد بتشرفي بمعرفتكم وزمالتكم

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا