(الجزء الخامس والأخير)
وصلت إلى المستشفى ورأيت مريم ومعها ابنتي أماني تبكي وأسامة نائم بجانبها، تكلمت مع الدكتور وأخبرني متأسفا أن هدى مصابة بمرض خطير ولن تعيش طويلا، قالها وذهب وكأن خبر الموت والحياة كلاهما متشابهان عنده، وبماذا يفيد التأسف أيها الدكتور؟
تألمت كثيرا، شعرت بقيمة وجود هدى في حياتي، تمنيت لو أنني كنت مخلص في داخلي معها، هل يختلف طعم الحياة في الأيام الأخيرة؟ إذن لماذا يجب أن يكون المرء أكثر سعادة فيها؟ أم أنه أدرك للتو أنها حقا فانية..وأنه كان يجدر أن يكون حقيقيا بما فيه الكفاية ليغادر الحياة بسلام، أعتقد أن هدى سوف تغادرها بسلام أما أنا فأحترق منذ ولادتي حتى لحظة الوفاة.
ماتت هدى، لقد فقدت حياتي ثلاث مرات، مرة عند وفاة أمي والثانية عند وفاة أماني، أما الثالثة فكانت وجعي الأكبر هدى، هي لم تكن زوجة كانت جنة، فعلت كل شيء من أجل إحياء عائلة، ولكنني لم أقدم لها سوى القليل، شعرت بذنب كبير في داخلي، أن تكون مخلص مع شخص ثم تفقده تشعر بالحزن على فقده، أما عندما تكون مزيف تشعر بالحزن على فقده وعلى عدم صراحتك معه...
كنت أحاول أن أكون أبا وأما في الوقت ذاته ولكن مهما فعلت لا يعوض أحد مكان أحد آخر، الوقت فقط يضع مسكن على جروحنا بين الفترة والأخرى، كبرت جميلتي أماني وكانت أجمل طبيبة، أما أسامة فأصبح مدرس علوم متميز، وفي كل سنة نذهب إلى قبر أمي وهدى وندعي لهما، وأقول لأولادي أن يدعو لأمهم الثانية أماني، عندما صدرت أول رواية لي أهديتها لهدى وبكيت كثيرا عند قبرها وأخبرتها أنني متأسف وأن أسفي ليس كأسف الطبيب الذي أخبرني بخبر وفاتها، قلت لها أننا سوف نلتقي جميعا في مكان أفضل، أخبرتها أنني أحببتها أيضا ولكن طيف أماني منعني من أن أكون حقيقيا بما فيه الكفاية..السلام لك يا هدى ولبلادي التي ما زالت على قيد الحياة في داخلي ولروح أماني وأمي وأحلامي الضائعة..
آلاء بوبلي
-
آلاء بوبليفي داخلي تنتقل الحروف مع خلاياي فتشكل قصص و روايات و الكثير الكثير من الأغنيات ، لكن من الخارج لا يوجد شيء كهذا فكل ما يسيطر هو الهدوء.