للنقد علمٌ واسعٌ وكبير له أسسه وقواعده التي انبنى عليها، ومن الضرورة جدًا تعلمه خصوصًا في عصرنا هذا المليئ بالأفكار والمعتقدات الخاطئة والمنحرفة التي تُلقي بحياة معتنقها إلى التهلكة بل وتتعدى ذلك لتصل لهدم المجتمعات، وهناك نقدٌ بنّاء ونقدٌ هدّام ويجب علينا التفريق بينهما، لذلك من الضروري على كل فرد أن يعي خطورة هذا الموضوع، ولهذا أود ذكر بعض علامات النقد الهادم لتستطيع التمييز بين النقد الهدّام من النقد البنّاء.
العلامة الأولى هي بأن الناقد السلبي والهدّام لا توجد لديه أي أعمال وإنجازات تذكر سواءً على الصعيد الشخصي أو على الصعيد المجتمعي فضلًا عن الصعيد العالمي، فهو لا يقدم حلولًا ومقتراحاتٍ وأفكار تفيده وتفيد محيطه بل على العكس فهو يغذي المشاكل لتكبر، والأسوء من ذلك وأعني بذلك الذي يبتكر ويوجِد المشاكل من العدم.
العلامة الثانية هي أن الشخص صاحب النقد الهدّام لا يتسلّم أي منصب وأي عضوية رسمية ليقوم من خلالها إصلاح الأخطاء، فهو متخصص في النقد فقط بدون تحمل المسؤولية، فتراه يجرّح هذا ويطعن في ذاك ويشكك في هؤلاء، ولأنه شخص غير مسؤول وغير جاد في الإصلاح فهو بعيد كل البعد عن تسلم المناصب التي يمكنه من خلالها تعديل الأوضاع والعمل على تحسينها وتطويرها.
العلامة الثالثة هي أن يتوسع النقد الهدّام ليشمل الكثير من المجالات، ستلاحظ أن هذا الشخص ينتقد في مجال الرياضة وفي الإقتصاد والسياسة وفي عمله بل ويصل لأسرته وعائلته، فكلما توسعت وتعددت دائرة إنتقاداته لتشمل الكثير من المجالات اعلم بأنه شخص لا يُسمع لنقده، وبالعكس كلما قلت مجالات نقده وتقننت كلما كان النقد بنّاءً، فقد ينتقد المعلم إدارة مدرسته وهذا شيء طبيعي كونه في مجال عمله أو تخصصه، على أن يكون هذا النقد في محله وبآدابه وأسسه العلمية.
العلامة الرابعة هي عدم الإهتمام بالمصلحة العامة، وهذه علامة تدل كذلك على مستوى وعي الفرد، فأحيانًا يكون النقد صحيحًا وفي محله لكن صاحب هذا النقد يوقف نقده أو يؤجله لأنه يعلم بأن نقده قد يتسبب في فتنه في محيطه كعائلته أو مجتمعه، ومثله مثل الأب الذي يؤجل انتقاد ابنه المخطئ لحين حل المشكلة، بل ويساعد الأب ابنه في العثور على حل لانهاء المشكلة، ومن ثم يقوم بانتقاد ابنه بالطريقة السليمة أي من دون إهانته مثلًا، فالمصلحة العامة هنا تقتضي إيجاد حلٍ للمشكلة وليس لوم الإبن أو ضربه.
العلامة الأخيرة التي سأذكرها هي أن الناقد الهدّام لا يغير رأيه، فهو مستمسك برأيه فلا يناقش من يخالفه، وإذا حدث وأن قام بمحاورة مخالفه في الرأي ستجده غالبًا بأنه يحاور ليرد لا ليفهم وجهة النظر المختلفة، وفي الحقيقة جلست شخصيًا مع بعض المثقفين الكبار ورأيت أنهم بالرغم من علمهم الغزير إلا أنهم عندما يحاورون مخالفيهم الأقل علمًا منهم يضعون احتمالية أن يكونوا هم على باطل ومخالفهم على حق!
و في الختام أريد أن أبين فكرتين رئيسيتين، الأولى وهي الأقل أهمية وهي أن هناك الكثير من العلامات الأخرى التي لا يسع المقام لذكرها فابحثوا عنها، والفكرة الأخرى والأكثر أهمية هي أنك عزيزي القارئ في الغالب ستجد نفسك في بعض هذه العلامات لكن لا تقلق فجميعنا نشأنا على هذه العادة السيئة بدايةً من الأسرة فالمدرسة وصولًا للمجتمع، وقلت لا تقلق لان قرار التغيير بيدك الآن وتستطيع تغيير انتقاداتك من الهدم إلى البناء.
عمار العود
05/01/2020
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم