منتصف تموز 2023
يزعجني أني بعد سنوات من التخبط في خضم اللاشيء، خيالات و أوهام حسبتها ذات يوم حقيقة وواقع سأعيشه.
عدت اليوم إلى نفس النقطة بل إلى ما قبلها بآلاف الفواصل، وقعت بنفس المأزق، نفس الإحساس يغتالني كل يوم و يسلبني ما بقي من الأعمدة التي تعبت في تثبيتها.
الأعمدة التي رفعت فوقها سقف أحلامي القرميدية، طموحات جمة و إنتظارات فقدت قداستها، و غادرها طعمها المميز مذ زمن.
ولم يعد هناك شيء لافت غير سقوطي المبهر الذي كنت الشاهد و المشاهد الوحيد له.
سقوط من القاع، و هل هناك أقسى وأبعد من القاع؟
نعم لا أحد منا إنتهت رحلته، كلنا نواصل السقوط، نحن فقط كلما تشبثنا بشيء ظننا أننا بلغنا القاع، ولكن سرعان ما نسقط نحو الأسفل لندرك أن رحلة الوصول للقاع لم تنتهي بعد، بل ربما لا يوجد قاع من الأساس؟!
سقوط لا نهاية له ..
لاقاع للمخذولين، للمنتظرين، للأغبياء، للمحبين، للأوفياء، للصادقين.
لاقاع لنا نحن الحالمين.
نواصل رحلة السقوط و حسب.
ممتليء بفراغ العالم كله هاته اللحظة.
أبحث بداخلي عما كنته قبل سنوات، عن طموحات عن آمال و تأملات، عن آثار أظافري التي كنت أنشبها بجسد كل إصرار، كل صبر، و لا أجد لها أيّ أثر اليوم.
خيبة تدفع أختها، كل ما بقي بجعبتي .
كانت مجرد جرعات زائدة، مجرد فقاعة أحلام صبيانية إنفجرت مع الوقت.
أين ذهب الفنان الكبير؟ الروائي الشهير، و الممثل القدير ربما؟ أين هو الموسيقار؟ أين هو القيثار؟والمهندس والمصمم، أين غاب اللحن، أين هي تلك السيارات التي تخيلتها ذات يوم و تلك الإطلالات والشرفات والشبابيك؟
أين هي تلك الطائرة و كيف كانت كل الرحلات، كيف كان التحليق؟
كيف تلاشى سراب كل تلك الأحلام بتلك السرعة؟
كيف فتحتُ يدي ببساطة وسمحتُ للسنوات من أن تسلبني كل شيء وتجردني من كل هدف؟
أنا الرصاصة التي قُذِّفت بالسماء، الرصاصة التي لم تصب شيئا، لم تقتل أحدا، و لم تخترق جدارا أو جسدا ، لم تفجِّر مصنعا.
رصاصة بالهواء، مثل صخرة أو أي شيء لامعنى له.
هكذا صار إبنك يا أمي.
مجرد بائع كبريت ظل بين الشوارع والثلج والظلام والوحدة، وضاعت خطواته وصوته بزحمة الحياة، ولم يجد ملجأ يقبله أو خارطة تدله أو يدا تسحبه من بين تلك الأضواء و الأرجل و الضوضاء.
أنا مجرد فاشل لم يكن يجيد إدرام النار بطرف عود كبريت، أو بأطرافه الباردة أو بأحلامه المهترئة.
لم يكن يعرف ماذا يحمل بيده من الأساس.
ذلك المتسول الذي لم يكن يجيد فعل شيئا يا أُماه.
غير مواصلة السير نحو حتفه.
كوني بخير.
صغيرك
آرثر
-
Abdelghani moussaouiأنا الذي لم يتعلم بعد الوقوف مجددا، واقع في خيبتي
التعليقات
من أتعس ما يحسه المرئ أن يكون في القاع ثم بعدها يراه رفاهية ويود العودة له .. المرارة الخيبة وسخرية الحياة منا