الامبراطور الروماني تيبيريوس ولاية العرش - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الامبراطور الروماني تيبيريوس ولاية العرش

ولاية العرش

  نشر في 19 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 19 يوليوز 2023 .

الثـــانـــــــي

ولايـــــــة العرش

أولاً: الظروف التي سبقت توليه العرش.

عند الحديث عن الظروف التي سبقت وصول الامبراطور تيبريوس إلى عرش الامبراطورية الرومانية ، لابد من الحديث عن الفترة الزمنية التي عاشها هذا الامبراطور خلال فترة حكم الامبراطور اغسطس وسنتحدث عن الاوضاع التي مرة بها الامبراطورية الرومانية وانظمة الحكم فيه منذ نشأتها والتي كانت من العوامل المهمة في قيام الامبراطورية وديمومتها ، فلا بد من اعطاء نبذة عنها ليتسنى للقارئ أن يطلع على تاريخ ورما وكيف كانت تدار قبل قرون من الزمن.

فقد حكمت روما ثلاث انواع من انظمة الحكم السياسية وهي، نظام الحكم الملكي، ونظام الحكم الجمهوري، ونظام الحكم الديمقراطي، أما طبيعة نظام الحكم في الفترة الملكية فقد يتولى العرش (ملك) بالانتخاب( ). وبعده مجلسين هما السناتو (الشيوخ) ، وعمل هذا المجلس هو استشاري وليس له الحق التشريعي، ولكنه استحوذ على صلاحيات واسعة اكثر مما أريد له ، يختار الملك اعضاءه ، وهو يتكون من مئة عضو، أما في العصر الجمهوري فكان القناصل هم من يختاروا الاعضاء، وهم من خيرة ابناء المجتمع، وكان عملهم مدى الحياة ، ويختصر بإصدار القرارات الخاصة بالسياسة إلى تتبعها للدولة( ).

أما المجلس الاخر وهو (الجمعية العمومية) التي تمثل عموم الشعب ويهتم هذا المجلس بالأمور الدينية، ويتكون من ثلاثين عضواً، لكنه لم يحافظ على تلك الصلاحيات فقد جرده منه في العصر الملكي( ).

أما طبيعة النظام السياسي في العهد الجمهوري بدأت فترة جديدة من الحكم الروماني اذ شهدت روما تحولاً كبيراً في تقسيم السلطات إذ حل قنصلان بدلاً من الملك ويكون كل واحداً منهم يراقب الاخر، والفيت الجمعية الكورية، واقتصر النظام السياسي في روما في العهد الجمهوري على القنصلين ومجلس الشيوخ( ).

استمر هذا الوضع السياسي قائماً طوال فترة الحكم الجمهوري في روما، وظهر مجلس اخر هو مجلس المائة، مجلس استشاري أيضاً يجتمع بدعوة من القنصل ومهامه فقط قبول أو رفض الاقتراحات التي تأتي من مجلس (الشيوخ) ، وكذلك المجلس القبلي ، وسمية بهذا الاسم لأنه يضم اعضاءه حسب القبيلة، اذ زادت سلطة لاسيما بعد اعتراف مجلس الشيوخ بحقوقه الشرعية، وكان يضم اطياف مختلفة من الشعب الروماني( ).

أما في العهد الامبراطوري فقد تركزت السلطات بيد السلطة التنفيذية، وعلى رأسها الامبراطور ، فقد امتلك السلطة المطلقة في قيادة وادارة الجيش، وقد سلب سلطة من مجلس الشيوخ، المجلس الوحيد الذي بقي من المجالس ، ولم يبقى له إلا السلطة الظاهرية( ).

وتعد النظم السياسية في الحضارة الرومانية بين العهد الملكي والجمهوري والامبراطوري نوعاً من الثراء في الفكر السياسي، هذا ما ساهم في نضوج النظريات السياسية والافكار والتشريعات والقوانين ، والتي ما تزل تمثل اساساً تشير عليه اغلب دول العالم اليوم، وظهر خلال تلك الفترة كثير من المفكرين والقادة والسياسيين ، الذين كان لهم دور كبير في تاريخ الانسانية ( ).

إن استخدام مصطلح (امبراطور) في هذه الفترة التي سبقت تولي تيبريوس عرش الامبراطورية الرومانية، ما هو إلا ابراز صفات الشخص الذي يتولى رأس السلطة ،إلا أن توسع روما وحدودها المترامية الاطراف جعلت من هذا اللقب أن يأخذ سلطات واسعة ، وأن يكون الامبراطور الحاكم ذات سلطة واسعة ومطلقة ، فضلاً عن حصر جميع السلطات بيده، واصبح يمثل السلطة الدينية والدنيوية بنفس الوقت، وكانت السياسة الرومانية قائمة على حب الوطن أو حب روما وكان الرومان ينظرون إلى مدينتهم بكوها عائلة واحدة، وهذا ما وضعه الامبراطور(اغسطس) الوطنية هي الدليل الذي يمشي عليه الرومان)( ).

أما الحديث عن الظروف السياسية التي سبقت توليةتيبريوس العرش الروماني، فقد عاد إلى روما في السنة الثانية الميلادية، فقد بدأت الاخبار تفد من مرسيليا والتي تشير الى ان لوسيوس بن جوليا، هو أحد المرشحين للعرش، وقد ذهب الى روما بمهمة رسمية)( ).

إلا أن الانباء تقول بأن لوسيوس اصيب بمرض لم ينجو منه، اذ سرعان ما توفي على اثر ذلك ، لذلك بمكن القول أن الحظ كان محالفاً لتيبريوس الذي كان راغباً بولاية العرش الروماني إلا أن لوسيوس كان يمثل عقبة إمامه، وهذا لا يعني أنه لن يهتم بقتله ، اذ ظهرت اشاعات تقول بأن تيبريوس كان سبباً في وفاة لوسيوس، إلا أنه لم يبال بها( ).

إلا أن الامبراطور اغسطس بدأ يقلل من عدائه لتيبريوس وتهجمه نحوه، وذلك بسبب الاضطرابات التي بدأ تظهر في بعض الولايات واصبح بحاجة إلى قائد عسكري يسانده، إلا أنه لم يجد اكفئ من تيبريوس إلا ان اغسطس لازال يغامر بوارثة العرش، فقد أرسل (جايوس) إلى منطقة (ليشيا) ليجعل منه قائداً قادراً على تحمل المسؤوليات الامبراطورية ، وتكفل صلاحيات وراثة العرش( ). إلا أن الأمر لم يدم طويلاً حتى خاض جايوس حرباً لقمع فتنة في هذه المدينة ، اذ كانت حرباً صغيرة ، كان ضحيتها القائد جايوس نفسه ، وهذا ما دفع اغسطس إلى أن يستسلم للقدر، ولأن يكون أمامه خيار أخر، إلا أن يجعل من تيبريوس وريثاً للعرش، مادامت الالهة قد أمرت على ذلك( ).

اصبحت الأن الظروف موالية لتيبريوس كي يكون الوريث الوحيد لعرش روما، بعد ان منحه اغسطس قيادة الجيوش ، فضلاً عن مهام اخرى ، لاسيما قيادة الحملات التي لم تنجز اهدافها والتي راح ضحيتها (دروسوس، وجايوس) .

استطاع تيبريوس من اخضاع الالمان، واخماد الحركات التي ظهرة في (بانوتيا، ودالماشيا) ، وأصبح الرومان ينظرون الى القائد المنتصر ، وعادت هتافاتهم تضج في شوارع روما من جديد ، ونحتت له التماثيل ، اذ عادة ظهورها في شوارع روما ثانية( ).

إلا أن الانطوائية والانعزال لم تتغير في طبيعته، وكان اغسطس متشائماً منه ومن حكمه لروما، وفي السنة الرابعة للميلاد أصبح تيبريوس ولي العهد الشرعي بعد أن اعلن اغسطس تبنيه له( ).

ظهرة إمام اغسطس قيصر مهام اخرى اثقلت كاهله ،وهذه الهموم من ابنته (جوليا الصغيرة) التي اصبحت فضائحها على لسان أهل روما، وهي من الأسرة الامبراطورية ، وهي صغيرة الامبراطور اغسطس وابنه جوليا الأولى التي تعيش في المنفى، إلا أن الإمبراطور بدأ يصب غضبه عليها ، ولاسيما بعد أن اطلعه تيبريوس على فضائحها بكل تفاصيلها، فما كان أمام إلا أن ينفيها ، على رغم من أنها كانت حاملاً، وابعادها عن روما( ).

يبدو ان الاحزان لم تفارق الامبراطور اغسطس بعد، فقد ظهرت في المانيا الثورات من جديد، فما كان منه إلا أن يجهز جيشاً لمقاتلتهم ، اذ ارسل جيش كبير يضم ثلاث كتائب من الحرس البريتوري بقيادة بقياد احد جنرالاته يدعى (فاروس)( ).

إلا أن هذا القائد لم يحالفه الحظ في تحقيق النصر ، فقد تمكن القائد الالماني (هيرمان) أن يضلله ويحاصر جيشه ويقضي عليه عام (9 ق.م) ، وكان من الم الخسارة التي تعرض لها الجيش الروماني انتحار قائد الجيش بدلاً من العودة الى روما وبعد أن وصلت الاخبار إلى اغسطس اصابه حزن كثيرا لمصير الجيش وقائده ، يبدأ يردد عباراته ( فاروس... أعد لي كتائبي)( )، وتعد هذه المعركة خسارة كبيرة على روما، اذ يعد خسارة الكتائب الثلاث لشعارات النسر الروماني هي فضيحة ومهانة للامبراطورية بحد ذاتها.

بعد ذلك عاد اغسطس للبحث عن قائد كفوءلمعاقبة لضرب الالمان واعادة الامن والتوازن وحماية الحدود فيها ، فوقع اختياره على تيبريوس، ، الذي عُد لهذه المهمة بروح قتالية عالية، وكفاءة كبيرة، اذ شكل الكتائب الجديد ة واشرف عليها بنفسه، ثم قاده حملته استطاع خلالها اخضاع القبائل الالمانية وتأديبها ، هذا ما جعل اغسطس يتعترف بفضل تيبريوسفي إنقاذ سمعة الامبراطورية وقتها( ).

أخذ اغسطس يطمئن على سلامة الامبراطورية وإلى كفاءة قائده الجديد وامبراطور المستقبل، ولم يبق أمامه إلا أن يدون على اعماله قبل وفاته ، وسرعان ما استدعى أحد كتابه وطلب منه أن يوثق له مذكراته وأعماله الكبرى، وبعد ان تم تدوينها نسخت إلى اللغتين اللاتينية والاغريقية، ووزعت على كافة انحاء الامبراطورية( ).

وبذلك أنهى الامبراطور اغسطس أخر اعماله، وهو في العام السابع والسبعين من عمره، وفي عام (14م) تدهورت احواله الصحية ، فقد ظهرت بعض العلامات التي توحي بقرب أجله ، اذ كان الرومان يؤمنون بالتنجيم والطالع والخرافات، فقد اصاب برق احدى تماثيله فأحرق حرف (ق) فـ كلمة (قيصر) وهذا عده الامبراطور اغسطس ، فضلاً عن دلائل اخرى أنها نهايته ي عمل يقوم به سوى الموت( ).

فبعد أن انتهى اغسطس من كتابة مذكراته ، أخذ رحل إلى جزيرة (كابري) بصحبة تيبريوس، اذ قضى اغسطس اغلب وقته هناك من اجل الاستجمام والاستمتاع ومن هذه الجزيرة توجه تيبريوس الى (دالماسيا) لإخماد فتنة قامت بها احدى القبائل هناك، وتكريماً له وتأكيداً لا حقيقةبولايةالعهد، خرج معه الامبراطور اغسطس لعدة مراحل، هو متوجاً للقتال، وعند عودة اغسطس من جزيرة (كابري) وقبل وصوله مدينة (نولا) من مقاطعة كامبانيا في السنة الرابعة عشر للميلاد عقب الاحتفالات الرياضية التي اقيمت على شرفه في مدينة نابولي ، صيب بمرض الذي لم ينجو منه ، وكان سبباً في نهاية حياته( ).

وبعد وفاة الامبراطور ، أمرت ليفيا زوجته ووالدة تيبريوس بعدم اعلان خبر وفاته ، واحاطت القصر بالحراس ومنعت الدخول والخروج، وارسلت خبراً إلى تيبريوس تطلب منه العودة بأسرع وقت ممكن ، وبعد عودة الأخير دخل على اغسطس وبقي الى جانبه لفترة ليست بالقصيرة ، ثم أعلن عن ان الامبراطور اغسطس قد فارق الحياة، وأنه قد تبادل معه الحديث واوصاه بعدة نصائح وتوجيهات وأتمنه على الامبراطورية والشعب الروماني( ).

وعلى الرغم من أن تيبريوس كان الوريث الوحيد الشرعي لأغسطس في تولي العرش الروماني، إلا ان دعائم النظام الامبراطوري لم تثبت بعد هذه الشرعية ، لأن هناك تداخل بين المفاهيم الجمهورية والامبراطورية وهذا ما كان يثير قلقل ليفا وخوفها على روما وعرشها من الطامعين( ).

لم يبق أمام تيبريوس سوى اجراء مراسيم الدفن للإمبراطور اغسطس الراحل اصر اذ جرى احتفال كبير لتوديع جثمان الامبراطور ودفنه يوم التاسع عشر سنة (14م) وقد اطلق تيبريوس على هذا الشهر اسم الامبراطور، هو اسم (شهر اغسطس)( ).

أن ما تحدث به تيبريوس إمام الشعب كان يفتقد الصدق ، اذ قال أنه تحدث مع الامبراطور وتبادل معه الحديث ، إلا أن اغسطس قد فارق الحياة قبل ذلك، ولكن حرص ليفيا على تولي ابنها تيبريوس العرش الروماني قامت بهذا التدبير ، إلا أنها لاقت قبولاً في الشارع الروماني وهذا ما كانت تصبوا اليه ( ).

واشار احد رجال السناتو يدعى (نيرميريكوس أتيكيوس)بانه رأى روح اغسطس وهي تصعد إلى السماء، وحث مجلس الشيوخ على اصدار قرارا يعترف فيه بأن اغسطس اصبح أله ، ولم أخبر تيبريوس عن ذلك حتى أمر ببناء معبداً على الفور لعبادة اغسطس، وبعدها اعتلى عرش الامبراطورية الرومانية( ).


  • 1

   نشر في 19 يوليوز 2023  وآخر تعديل بتاريخ 19 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم











عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا