يعرف قطاع نشر الأبحاث العلمية منافسة كبيرة بين دور النشر العالمية مثل Elsevier ، Springer Nature، Wiley Blackwells، Tailor & Francis التي تشكل ما يقارب مجموعه 40% من مبيعات دور النشر. سوق يتجاوز رقم معاملاته 7 مليار دولار سنويا، يبنى على نموذج ربحي ذكي.

نموذج الربح للمجلات الناشرة للأبحاث

ببساطة، أطلب من الباحثين إرسال الورقات البحثية، أطلب من باحثين آخرين مراجعة ماتم إرساله، ويفضل أن يكون ذلك بدون مقابل. قم باختيار الورقات البحثية الأفضل تنقيطا. إعمل بهذه الورقات البحثية مجلات حسب المجال وقم ببيعها! لمن؟ للجامعات و المعاهد التي يعمل بها الباحثون الذين قامو بإرسال أبحاثهم للنشر بدون مقابل. نموذج عمل ربحي عبقري، أليس كذلك !

في صفحات هاته المجلات، ستجد أبحاثا تخص مجالات الفيزياء، الطب، الأمراض، فيروس الإيبولا، التلوث، السرطان، إضافة إلى  الاف المواضيع المهمة.

في كل شهر تقريبا ما يقارب ال 12 مليون باحث حول العالم يستعملون قاعدة بيانات مثل Science Direct  لقراءة وتصفح الورقات العلمية، وهي بوابة النشر الخاصة بالناشر العالمي للأبحاث Elsevier، وحيث يوجد ما يقارب 13 مليون كتاب و ورقة بحثية كمراجع للباحثين عبر العالم.

منذ 20 سنة، عرف الاشتراك المدفوع في المجلات العلمية (في أمريكا كمثال) نموا ملحوظا بنسبة 7% كل سنة، مقابل انخفاض تكلفة النشر مع التطور وظهور  النشر الإلكتروني. عرفت فيها أرباح دور نشر الأبحاث مثل Elsevier ارتفاعا مهما وتضاعفت لأربع مرات.

في دولة مثل فرنسا، يتم استثمار مايقرب 10 مليون أورو في هذه الإشتراكات، في إنجلترا مثلا ارتفعت ميزانية الإنفاق إلى 50% بين 2010 و 2015. لأسباب مالية، جامعة مونتريال في كندا عملت على خفض حقوق عدد مجلات العملاق Springer Nature من 2100 إلى 150 .

معامل التأثير

معامل التأثير هو نقطة تعطى لكل مجلة كي يتم تحديد مدى قوتها وتأثيرها، كل ما تم ذكر ورقات بحثية لمجلة معينة كمرجع بحثي في ورقات بحثية أخرى من مجلات أخرى، كلما كانت المجلة ذات معامل تأثير مهم. وهو منطقي نوعا ما كمعامل !

لنأخذ كمثال مجلة Nature صاحبة أعلى معامل تأثير في مجالها، سمعة هذه المجلة و معامل تأثيرها القوي هو بالأساس راجع إلى عدد محدود من الورقات البحثية القوية التي تم نشرها منذ تم تأسيسها. يشير الباحثون في كل مرة إلى هاته الأبحاث، وهو ما جعل معامل تأثير  المجلة قويا.

مفارقة 

بالنسبة لباحث شاب يريد الحصول على سيرة ذاتية جيدة، والحصول على فرص عمل في مختبرات علمية مرموقة، فهو يحتاج للنشر في مجلة مرموقة. حقوق الحصول على أبحاث المجلة غالبا ما تشترى من الجامعة التي يعمل فيها الباحث، هذه الجامعات تختار الباحثين انطلاقا من منشوراتهم البحثية، وهنا مفارقة وحلقة مفرغة تخدم أساسا دور نشر  الأبحاث.

النشر المفتوح

مشكلة دور النشر العلمي أنها تمتلك كامل حقوق الملكية الخاصة بمقال بحثي، ولايتم إشراك الباحث في ذلك. تقترح دور النشر إمكانية أن يتم نشر البحث للحصول بشكل حر وعمومي، شريطة أن يقوم الباحث أو الجامعة بدفع مقابل مادي، قد يصل مع Elsevier إلى5000 يورو  للمقال . 

ملخص نظام عالمي جعل من النشر العلمي غاية، يقوم بالسطو على أبحاث حرة ليضعها في الجانب الخاص و المدفوع. بموازاة ذلك، تخوض العديد من الهيئات و المجتمعات معارك لتحقيق حرية و مجانية الحصول على الأبحاث العلمية عبر العالم، وتحقيق رسالته التي تتلخص في جعل حياة الناس أفضل. 

كيفية الحصول على أبحاث علمية بشكل مفتوح و مجاني

هناك منصات ومجتمعات على الانترنيت تقوم بمشاركة الأبحاث بشكل مفتوح ومجاني. موقع SciHub يمكنك من الحصول على الورقة البحثية التي ترغب بها، لكن الموقع هو في عداد المواقع المقرصنة، التي يتم متابعة مؤسسيه قضائيا وإغلاقه بشكل مستمر.  المضحك في الأمر أن المتابعين هم دور النشر Elsevier وليس الباحثون!   دول مثل الصين، إيران،  الهند، مصر، تونس، أندونيسيا هي أكثر الدول التي تستفيد من الخدمة للحصول على مايقرب 28 مليون ورقة بحثية بشكل مجاني كل عام.

بجانب ذلك عملت بعض الدول مثل ألمانيا  على سن قوانين للحد من تغول دور النشر، لحرية الحصول على الأبحاث بعد عام من نشرها. و بلا شك أن حرية الحصول على العلم و المعرفة ستظل صراعا قائما مع دور النشر المحتكرة، وهي حاجة ماسة لتكريس المعرفة في المجتمعات و مرافقة تطور ها عبر العلوم.