التجربة اليابانية ...وسؤال البجث العلمي بالمغرب
قراءة في كتاب "التجربة اليابانية.. دراسة في أسس النموذج النهضوي" للكاتب المغربي سلمان بونعمان
نشر في 26 أبريل 2016 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
أبرز الكاتب المغربي سلمان بونعمان و صاحب كتاب "التجربة اليابانية.. دراسة في أسس النموذج النهضوي" الذي كان يتحدث في لقاء مفتوح أول أمس الخميس 21 أبريل بكلية العلوم الاجتماعية والقانونية بالرباط أن اليابان نجحت في إحداث إصلاح لغوي، تاريخي وشامل، مضيفا كان من أهم تجلياته اعتماد اللغة القومية اليابانية (الكاتاكانا والهيراغانا) بعد تطويرها لغة رسمية لتدريس العلوم، مع الاستفادة والانفتاح المدروس على اللغات الأجنبية.
أكد الكاتب المغربي أن المغرب في حاجة ملحة إلى إعادة النظر في سياسته اللغوية، مبرزا أن الإشكال لا يكمن في تدريس اللغات التي يتفق الجميع على أهميتها، وإنما "في لغة التدريس التي تتطلب إصلاحا جذريا وتضافرا للجهود من قبل كل الفاعلين".
ويرى بونعمان أن إشكاليات البحث العلمي بالمغرب تتمثل اليوم في سياسة التخبط والتفريط الداخلي الذي سببه التخلف وضعف المنظومة التعليمية والثقافية ككل، ثم التآمر الخارجي بسبب مخلفات الاستعمار، قائلا "لأنه غالبا ما تكون هنالك علاقة تشابك بين سياسة البحث العلمي والاستراتيجيات الاستعمارية الخارجية المحروسة من طرف بعض أشباه المثقفين الذين تكمن مهمتهم بالأساس في حراسة تخلف المنظومة وبقاءها على حالها".
و قال سلمان بونعمان بان المغرب لم يعطي بعد للبحث العلمي الاهمية والأولوية التي يستحقها. مضيافا أن الميزانية المخصصة للبحث العلمي ببلادنا تبقي هزيلة، ودون التطلعات، ولا تعكس مدى مكانة هذا الجانب في سياسة الدولة. "خصوصاً وأن البحث العلمي اليوم هو المؤشر الحقيقي لنهضة كل امة، والمجال المركزي الكفيل بإنتاج المعرفة والتقنية، وتنظيم عمليات انتقالها وتطويرها في كل مجالات الحياة، والذي لا بحث علمي له اليوم لا مستقبل له غدا" يقول المتحدث.
وأردف الباحث، الى ان المدخل الأساسي الذي سيمكن من تجاوز الاشكاليات المطروحة، ووضع قاطرة البحث العلمي على سكة النجاح، يتمثل في المراجعة الجادة للمنظومة التعليمية ككل، من خلال ثلاث مستويات، لخصها المتحدث في ضرورة اعادة النظر في علاقة البحث العلمي بمحيطه المجتمعي والثقافي العام، والتحقيق المستفيض لمعرفة الأسباب الحقيقية، الكامنة وراء ظاهرة العزوف عن المطالعة، وتدني نسب مؤشرات مجتمع المعرفة في ظل ارتفاع ملحوظ في استهلاك التقنية. ثم في مستوى ثاني، في علاقة البحث العلمي بالديمقراطية والحرية والعدالة التعليمية المتمثلة في النزاهة وتكافؤ الفرص، وفي تقدير الابداع والحرية الاكاديمية، واعادة النظر في إشكالية الرقابة والأمن الفكري وهجرة الأدمغة.
أما المستوى الثالث والمهم -كما يقول الباحث - فيكمن في الحاجة الملحة لإعادة النظر في السياسة اللغوية للمملكة، مشيراً في الآن نفسه الى أن الاشكال اليوم، ليس في تدريس اللغات التي يتفق الجميع على أهميتها، وإنما في لغة التدريس التي تتطلب إصلاحا جذريا وتضافرا للجهود من قبل كل الفاعلين. مستلهما لذلك التجربة اليابانية التي نجحت في احداث اصلاح لغوي، تاريخي وشامل، كانت من اهم تجلياته اعتماد اللغة القومية اليابانية (الكاتاكانا والهيراغانا) بعد تطويرها لغة رسمية لتدريس العلوم، مع الاستفادة والانفتاح طبعا على اللغات الاجنبية.
وأشار المتحدث ذاته، الى تمسك التجربة النهضوية اليابانية باللغة القومية رغم كل محاولات التغريب التي كان هدفها فرض لغة الأجنبي وإلغاء اللغة الوطنية، انطلاقا من مرحلة "توكوغاوا الإقطاعي" وزمن الامبراطور "ميجي الإصلاحي التنويري" ومرحلة "العزلة الطوعية" وصولا إلى التبلور الكامل في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي تميزت كلها بالربط بين اللغة اليابانية والهوية والفكر والثقافة اليابانية. ويرى بونعمان، أن حرص اليابان على الترجمة الشاملة للمنتوج المعرفي الغربي في فترة مبكرة، ابتدأت مع مشروع الترجمة سنة 1811، ساعدها بشكل كبير على التعرف على ثقافة الغرب، واعادة استنبات العلوم باللغة القومية بالاعتماد على جهود البعثات والعلماء اليابانيين العائدين من أوروبا ومن ألمانيا بالخصوص، والذين ترجموا أهم الاكتشافات العلمية الألمانية إلى اليابانية. وفي المقابل تشددت اليابان في التدريس باللغة اليابانية، بالموازاة مع مضاعفة عدد المؤسسات التعليمية وتمجيد الروح الوطنية والقومية في ظل انفتاح مدروس على اللغات الأجنبية. وجدير بالذكر أن الدكتور سلمان بونعمان كان قد أصدر عددا من المؤلفات أهمها كتاب "التجربة اليابانية: دراسة في أسس النموذج النهضوي".
وفي معرض حديثها قالت بشرى بريش طالبة باحثة بكلية العلوم بالرباط وعضوة المجلس الوطني بمنظمة التجديد الطلابي أنه من المفروض على البحث العلمي بالمغرب أن يلعب دور المحرك والدينامو الرئيسي في ربط التحصيل العلمي بالواقع المعاش وفي تثبيت محصّلات الاستيعاب المعرفي بالنسبة لنا كباحثين جامعين. "ونميز هنا بين البحث العلمي الجامعي من داخل الجامعات المغربية وبين البحث العلمي الذي ترعاه المؤسسات البحثية من خارج الجامعة وفي الاوساط الصناعية". مشيرةً الى ان منظومة البحث العلمي في المغرب تعرف مجموعة من الاختلالات تعزى بالخصوص الى غياب رؤية ومنهجية تعاقدية واضحة تؤطر علاقة الدولة ومراكز البحث من جهة وبينها وبين الباحثين من جهة اخرى بالإضافة الى ضعف الموارد المادية والبشرية المخصصة وغياب حس تدبيري فعال وعقلاني لكل ما يخص الانفاق المالي والدعم اللوجستيكي للمختبرات ولمراكز البحث". تضيف المتحدثة
واكدت بريش بان المعضلة تكمن في وجود قطيعة واضحة بين الواقع المجتمعي المعاش بإشكالاته وأولوياته وببن مواضيع اغلب البحوث العلمية فجلها حسب تصريح الطالبة الباحثة تفتقر لحس "العائد المجتمعي" لينتهي بها الامر في رفوف وأقبية المكتبات الجامعية. معربة عن أملها في اصلاح الورش اللغوي أولا تم ترسيخ اسس قويمة للنهوض بالبحث العلمي بالمملكة.
-
محمد تورار || Med Tourarانسان بسيط يحب الحياة....
التعليقات
قراءة مقتضبة و ممتعة شكرا