مستقبل نظام الإعلانات في عصر انترنيت الأشياء و البيانات الضخمة - تقرير
عصر البيانات الضخمة - Big Data
نشر في 03 مارس 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
هذا المقال فقط للمهتمين بالمستقبل و المهووسين بالأرقام ..
كل قصة جميلة تحتاج لبطل، من منكم يذكر أول لافتة إعلانية على صفحات الإنترنيت،" هل جربت من قبل النقر هنا ".. بطلي اليوم هو هاته اللافتة الخالدة التي صنعت ثروات العديد من أصحاب الصفحات في التسعينات، لذا قررت أن أقدم تحية إجلال و احترام لهاته القطعة الأثرية الخالدة.. وتقديم بعض الأفكار حول مستقبل نظام الإعلانات، في ظل انتشار الصفحات و عصر الترافيك، والمحتوى الفيروسي الذي هدفه هو حصد نسب المشاهدة و الإعجاب..
هل تعلم أن %90 من العائدات المالية للشركات في ذلك الوقت كانت تعتمد على هذه اللافتة، كم كانت هاته الشركات محظوظة، كان بإمكانك تحقيق ثروة كبيرة فقط عبر معرفة أربعة أسطر كود HTML..!
اسمحو لي أن أشرح وأحدد مجموعة التحف بالنسبة لجيلنا و التي قد تغيب عن الجيل الحالي، لعلك تذكر حاسوب IBM، أول هاتف محمول موتورولا - Motorola، شريط الفيديو الكبير، أولى ألعاب الفيديو ... هي تحف شكلت بداية جيلنا مع التكنولوجيا، لكن دعنا نقل أننا محظوظون لنعيش في هذه الحقبة التاريخية من حياة الإنسان التي استطاع أن يحقق فيها المعجزات ويحول جزءا من حياتنا الفيزيائية إلى بيانات..
عايشنا جيدا كيف تطورت الحواسيب ، كيف غيرت الهواتف الذكية حياتنا، كيف تطورت أنظمة تخزين و معالجة البيانات و أصبحث أكثر قدرة و أقل حجما، كيف تغير نظام المعاملات المالية، كيف أصبح الإنترنيت و شبكات التواصل جزءا لا يتجزأ من حياتنا، تحية إجلال وإكبار لكل القطع الأثرية الثمينة التي صنعت جيلنا ..
و أنا أكتب هذه التجربة تذكرت مقولة ل جاك ما Jack Ma مؤسس العملاق الصيني علي بابا - Alibaba حول بدايته في الإنترنيت و استغلال هاته الفرصة الثمينة
أثناء زيارتي للولايات المتحدة في التسعينات قابلت أحد الأصدقاء، ووجدت لديه حاسوبا مرتبطا
بما يسمى الإنترنيت، فطلب مني تجربته.. في البداية كنت مترددا لأني لم أكن أرغب في تجربة الأشياء الجديدة.. لكن أول شيء قمت بكتابته هو البحث عن جعة صينية، لكن محرك البحث اقترح علي جعة ألمانية، جعة أمريكية... لكني لم أجد أية بيانات تخص الصين على الشبكة ، عندها علمت أنه توجد فرصة تاريخية يجب أن اغتنمها
نظام الإعلانات adTech
بالعودة إلى اللافتة الإعلانية الخالدة ، تغير في وقتنا الحالي كيفية التعاملو التفاعل مع الإعلانات من طرف المستعملين.. مع الوقت أصبحث ظاهرة مزعجة جعلت العديد يحترزون عند الضغط على صورة أو رابط، أو يمنعون كليا ظهور الإعلانات في المتصفح عبر استخدام بعض الأدوات .. فالمسوقون يعمدون إلى الجذب و الإغراء عبر الصورة، و الثمن، الذي يدفع المستعمل إلى زيارة صفحة المنتج، و تقرير ما إذا كان يود شرائه.. لكن مستقبل الإعلانات كما هو الان يواجه العديد من التحديات، ماذا لو تصبح الإعلانات التي نراها قطعة أثرية من التاريخ ؟
نظام تكنولوجيا الإعلانات المعروف ب adTech لعب دورا مهما في بناء أعظم منصة تخص جيلنا و الأجيال القادمة و هي الإنترنيت.. نظام رأسمالي صرف لا هوادة فيه و الدافع فيه هو الربح..
قام Terry kawaja بوضع جميع شعارات الشركات الموجودة في البيئة التكنولوجية و الربط بينها، قد لا تفهم الكثير مثلي في هاته الصورة، لكن لاحظ على اليسار: المسوقون - marketers الذين لديهم منتجات للبيع و التسويق، الناشرون - Publishers الذين يمتلكون اهتمام الناس من حولهم، و المرتبطين بهم عبر خدمة معينة كالمحتوى.. في الوسط مجموعة الشركات التي تكون بيئة نظام الإعلانات adTech .. و على اليمين المستهلكون - Consumers وهم مستعملو الإنترنيت..
لكن لماذا كل هذه الشركات؟ حسنا، نظام الإعلانات يعرف منافسة قوية بين الشركات التقنية التي تمتلك بيانات المستعملين وتحدد استهداف الإعلانات المناسبة لهم حسب الجنس و السن و الرغبات. هذا السوق هو الأقوى و الأكثر تنافسية في العالم، هذه الصورة ربما أكثر الصور رؤية في عالم ريادة الأعمال، لأنها تلخص كل شيء.. نعم هذه هي البنية التحتية التي تسمح لزوج من الأحذية لمطاردتك و الظهور لك عبر صفحات الويب.. كمسوق على الإنترنيت لا بد لك من دراسة و فهم هذه الصورة جيدا، كي تحقق الإستراتيجية المثلى لوصول منتجك للعميل أو المستهلك المناسب.. مايجعل نظام adTech قويا هو أنه مفتوح للجميع و من يقدم أفضل خدمة و نظام تكنولوجي هو من يفوز في النهاية..
كيف غير عصر البيانات الضخمة Big Data حياتنا
لنتعرف ما هي البينات الضخمة Big Data أولا
هذا المصطلح يطلق على كمية البيانات المهولة و الكبيرة جدا التي تجمعها الشركات التقنية ك جوجل و فيسبوك و مايكروسوفت حول منتجاتها، وتقوم بتخزينها في مراكز بيانات لإعادة دراستها عبر خوارزميات جد متورطوة مثل و هذا البيانات تخص العملاء و المستعملين و المنتجات.
الهدف هنا هو الخروج بنتائج من هذه البيانات الضخمة لفهم المستعمل بصفة أكبر و بالتالي تقديم خدمة أفضل أو معرفة طريقة تفا عله مع المنتج، لإظهار نتائج بحث أكثر خصوصية أو تحديد مكان ظهور الإعلانات مثلا !
لنفهم الإجابة يجب أن نعود قليلا للوراء لنتذكر أول واجهة اعتمدها الحاسوب، أقصد هنا نظام DOS أو Unix.. لنعطي أمرا للحاسوب كان من الواجب أن نتعلم لغته.. تطور الأمر ذلك عبر الواجهة التصويرية GUI و الفأرة - Mouse، فأصبح استعمال الحواسيب متاحا للجميع و لم يعد مقتصرا على الاستعمال المهني الداخلي للشركات، مما جعل المؤسسات تقوم بربط أجهزتها خارجيا مع ظهور نظام الإنترنيت و بداية مايعرف بفقاعة الويب... ظهرت بعد ذلك مجموعة من الشركات الجديدة كواجهة للمستعمل العادي للسؤال و البحث عن المعلومات و أخص بذلك عصر جوجل - Google، العملاق الذي إضحى بمثابة الفانوس السحري، فقط تسأل و جوجل يجيبك..
الرسم البياني التالي يوضح المنصات التي اعتبرت الواجهات الرئيسية في عصرها: المصدر US GOV
كانت جوجل هي بداية عصر الانتقال إلى البيانات الضخمة، التي تعالج عبر مجموعة من الأجهزة و الخوادم. الان نعيش بداية حقبة جديدة تعرف بإنتيرنت الأشياء، شبكة ضخمة من الأشياء التي تمتلك عنوان IP بمقدورها إرسال و تبادل بيانات مع جميع الأجهزة المرتبطة بها..
أنترنيت الأشياء هو مجموعة الأجهزة و الأشخاص المرتبطة بالإنترنيت أو ببعضها البعض
مؤخرا، كل فرد في هذا الكوكب يقوم بإنتاج مامعدله 600 جيجابايت من البيانات الضخمة التي يتم تخزينها، هذا العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير في السنوات القادمة.. هنا يطرح سؤال مهم في ظل تطور أنظمة معالجة البيانات الضخمة، بعد جوجل ما هي واجهة المستقبل؟ ربما فايسبوك بقاعدة بياناتها الشخصية الكبيرة .. ربما جوجل تمتلك الجواب و تعود من جديد بإستراتيجية لم تتحدث عنها بعد.. لا أحد يدري..!
الرسم البياني التالي يرسم توقعا في السنوات القادمة لتطور حجم الأشياء في أنترنيت الأشياء IOT (الأجهزة و الأشخاص) بالمليار، و القيمة السوقية بملايير الدولارات لهاته البنية التحتية : المصدر US GOV
يوجد حاليا حوالي 10 مليار جهاز مرتبط بالإنترنيت وهو أكبر من عدد مستعملي الشبكة البالغ 2,5 مليار مستعمل .. تعتقد شركة سيسكو - Cisco ١ن هذا العدد من الأجهزة لن يمثل سوى %1 من الأجهزة الموجودة في العشرين سنة قادمة..
هذا ضخم جدا وسيطرح تساؤلات كثيرة عن الواجهات المستقبلية التي ستعالج هذا الكم من البيانات
في الصورة بعض من الأجهزة التي قد تغير الكثير في حياتنا في العشرين سنة القادمة و التي ستشكل واجهات لإنترنيت الأشياء: نظارات جوجل - Glass، أنظمة الإستشعارات الصحية Sensors Fit الخاصة بالجسم التي سترسل البيانات الصحية لملايير الأشخاص ربما حول العالم، كضغط الدم، دقات القلب، نظام التغذية ... السيارات الذاتية القيادة لديها مستشعرات أيضا، طرق الدفع و العملات المستقلة ك بيتكوين - Bitcoin، أجهزة المنزل.. وغيرها من الأجهزة (ممكن اقتراح أجهزة أخرى )
لنعد إلى مستقبل الإعلانات في ظل هذا الزخم..
هل سنحتاج للافتات إعلانية بعد كل هذا ؟
من المرجح أن نظام الإعلانات كما نعرفه اليوم سيتلاشى تدريجيا ليفسح المجال لقيم منطقية و إجتماعية ستحدد كيفية تفاعل الفرد مع المنتجات و مايواجهه في حياته.. ربما قد يخبرك جهازك بما ستحتاج أكله، أو سيحذرك من أخذ وجبة خفيفة من مطعم معين، أو ربما يقترح عليك مجموعة متاجر توفر لك الألبسة التي تحبها بالثمن المناسب، ونظام الرعاية الصحية المناسب لك.. البيانات ستخبرك في الوقت المناسب و الحقيقي بما يجب عليك فعله.. يمكن للبيانات أن تحدد قيمة التفاعل في العالم ولك أن تتخيل قوة التأثير الاقتصادي و الإجتماعي الذي سيمثله ذلك.. لكن لنا أن نطرح بعض التساؤلات؟ حول هذه البنية التحتية المستقبلية .. كيف ستكون قيود معالجة هاته البيانات الضخمة؟ ماهي القيم التي ستحدد ذلك ؟ هل ستبقى مفتوحة ؟ أم أنها ستخضع لقواعد مفروضة من الشركات أو الحكومات.. مبدئيا أن تحدد البيانات الشخصية ماهيتنا و مانريده يعتبر أمرا إيجابيا يدفعنا للتفائل، لأنها ستزيد من تسهيل الحياة و ستمكننا من الفلترة و الحصول على مانريده دائما من معلومات، و التخلص من الضجيج Noise الكبير الخاص بالويب.. لكن يلزم أن نتحكم في هاته البيانات و أن يكون لدينا القدرة على تعديلها و أن لا تخضع لطرف ثالث مثل ماهو الحال اليوم بالنسبة لسياسة فايسبوك أو جوجل مثلا..
تم بحمد الله وشكرا لإتمام القراءة...
كن صاحب رؤية، لا صاحب مهمة..
ليس المهم أن تكون على حق دائما، المهم أن تنجح..!
لا تكن ضيق الأفق، الحياة طويلة
لست وحدك، هناك دائما من سيفيدك
اصنع المنتوج الذي تود استعماله، لا الذي تود بيعه ..!
-
عبد الله العبُّوس - Abdellah El Abbousشريك مؤسس لمنصة مقال كلاود، وشركة خدمات الويب ديفين ويب - مهتم بخدمة الويب، المحتوى العربي الإليكتروني، القراءة، ريادة الأعمال - أنشر بين الفينة و الأخرى بعض الخربشات
التعليقات
تحياتي على المقالة المفصلة و المبسطة