حبائل المستقبل - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

حبائل المستقبل

  نشر في 17 ماي 2020 .

هل نخطط نحن للمستقبل؟ ام ان المستقبل لديه خططه الخاصة يوحيها الينا بهدوء، وينفثها بمكر في دواخلنا.

لا نسلك طريقا نعتقده هو الطريق، حتى تتبادى تلك الالتواءات والنتوءات التي تعلو وتشمخ وتتجلى جبالا مستعصية. أقف يائسا أتأمل ذلك الجبل الشامخ في طريقي وأتساءل من أي ثقب نما، أو من أي جحيم اتى، لم أره مطلقا سوى الان، أو أني كنت مغمض العينين طيلة الطريق.

وماهي الا برهة حتى تجد شخص آخر يدعي الحكمة يعظك بشأنه، ويغدق عليك النصائح بكيفية مراوغته أو تسلقه على الأقل بطريقة تكمل فيها مسيرتك من بعده رغم أني اراه مستحيل التسلق، ثم تنظره يغادرك فخورا يهز كتفيه تغمره السعادة ورضى النفس بعد كلماته التي القاها على مسامعك.

 ولم لا يكون سعيدا؟!

فما الذي يهمه هو، الن يعود الى طريقه السلسة المنحدرة التي لا أرى انا في نهايتها سوى قعرا من التلاشي والفناء، الا أني اجدني أتساءل بشأنه حين اتأمله يسلك طريقه السهل الذي لا يحتاج عضلة واحده ليجهدها فيه، هل كان حكيما واعظا فعلا رغم تلك النهاية وسلك مسلكا صحيحا، لقد رأى بوابات الطرق وتهجاها جيدا، رأى طريقي يكتب على بوابته (الهمة والطموح) ورأى بذكائه حواشي صغيرة ترافق العنوان تخبره انه طريق يتطلب الصبر والجهد، المثابرة والجلد. فأبتسم ابتسامة مستنكرة ونفض يداه مجتازا البوابة الى جاره، الطريق السهل، الذي يسلكه عامة الناس، والذين نراهم ينسابون بين ارصفته وكأن تيارً سلسا يقودهم الى نهاية طريقهم وليس عليهم سوا الانتظار فقط، ولكن الا تنظرون الى تلك النهاية أيها الناس، الهوة السحيقة من اللاشيء التي تتساقطون بها، مكتسية بظلام النسيان، ظلام هادئ جميل مقيت مستفز يطوف به شبح ما بعد الموت الأسود حريصا على ألا يبقى لك أي أسم او إرث بعد النهاية، يدفنها ببرجده المعتم مبررا فعلته "اولست انت من اتيت الي بقدميك هاتين".

ثم اقارنه بخيالي في ملاك الرحمة الذي لم أره، الا أني أؤمن ايمانا نقيا انه هناك ينتظرنا في نهاية طريقنا يحمل على جناحيه النجاح والهناء العامر يكسونا بها بلهفة المشتاق، وبكفيه يحمل لنا الإرث والأبدية، ينشرح صدري قليلا اثرا لتلك التأملات قبل ان يضيق حين يسقط بصري كرة أخرى على ذلك الجبل الذي يحشر نفسه بين رصيفي طريقي.

من محاسن الطريق السهل انه يستقبل المخطئين النادمين، ولربما عاملهم بالحد الأدنى من التنمر أو الشماتة، دون ان يحرمهم مزايا تياره السهل، اليس ذلك بالإضافة الى الاعتراف بالفشل أثمان سهلة ادفع بها دون هذه الجبال التي لا أعلم عددها او أوقات انبثاقها وانبعاثها بين الحين والآخر.

الا انه في غمرة ظلام الغيوم المتراكمة التي تحجب جمال حزام السماء المضيء وقمره المنير، سطع برق خاطف حين لامست الانهزامية أطراف الهمة في مهجتي، صعق حواسي وحفزها فسمعت على اثره هتافا خافتا ينبعث من أعماق صدري حيث يرقد الطموح الذي جفل في غفوته من الخذلان الذي تسرب لمضجعه يحارب ويصرخ "هيهات".

حسنا، اعتقد أني سأغفو اليوم مرتاحا واعود غدا صباحا أو بعد غد أو... لا أعلم متى ولكن فقط حين اشعر بالقوة تنضح من مسامي، وحين أرى الحزم يشتعل مبرقا في عيناي، يؤازرهما الجَلَد متفجرا في أكفي. سأعود حين أعلم أني لن احتاج الى مراوغتك أيها الجبل أو تسلقك اليائس، سأعود فقط حين أعلم أني سأخترقك، اجل سأخترقك، وإن بدت لك تلك الفكرة بكل شموخك وصلابتك مضحكة الان، سأذكرك بأن النملة كي تبني مهجعا تنخر قصرا لتساويه بالأرض، والقندس الضعيف يوقف نهرا جارفا حين يصنع بأطرافه الصغيرة سدا، ونقار الخشب اللطيف يهدي لمحبوبته منزلا في قلب شجرة عجزت حتى الفؤوس عن جرحها، والأمثلة كثيرة يا عزيزي الجبل، فإن نخرتك او جرفتك او حتى نقرتك، سأخترقك واطويك بزاوية لا يصلها الضوء في ذاكرتي، قبل ان تطوي انت همتي وطموحاتي.




   نشر في 17 ماي 2020 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا