دور الأخصائي الاجتماعي في مكافحة فيروس covid-19

إن الظرفية التي يعيشها العالم اليوم تعطي صورة HD لما تمثله الأبعاد الاجتماعية و السلوك الإنساني من حيث الإصابة بالمرض ليس ذلك فقط بل و انتقاله من شخص لآخر و تفشيه.

من كان يعتقد يوما أن مجرد المصافحة أو الأحضان أو جلوس الناس على المقاعد في المقاهي و المطاعم و المنتزهات أو تبادلهم لكؤوس الشاي الأخضر و السجائر أو جلوسهم في مدرجات الملاعب لمشاهدة المباريات و الأحداث الرياضية يعتبر سلوكا يهدد البشرية بالانقراض لدرجة فرض حظر تجول في دول العالم و طفو مفاهيم على السطح مثل "التباعد الاجتماعي" و "نمط العيش" و "الحجر الصحي"...الخ.

ربما لو حدثتك في الماضي عن أهمية البعد الاجتماعي للصحة و المرض لأخذ ذلك مني وقتا أكبر كي أوضح لك وجهة نظري كسوسيولوجي لكن مع ما تعيشه اليوم فلن تحتاج لكثير من الوقت للتفكير في الظواهر المرتبطة بالجسد لإدراك البعد الاجتماعي للمرض داخل المجتمعات الإنسانية بأكملها.

و رغم كل ذلك لم تكن المقاربات الطبية تهتم بتلك الظواهر و ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺎﺕ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺧﻼﻝ ﺧﻤﺴﻴﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺳﻴﺘﻢ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﺑﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﺃﻓﻖ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺍﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻲ ﻭ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ، ﻣﻤﺎ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻧﺘﻘﺎﻻ ﻣﻠﺤﻮﻇﺎ ﻣﻦ ﺗﺸﺨﻴﺺ ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻭ ﻣﻘﺎﺭﺑﺘﻪ ﺑﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﻭ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯ ﺳﻴﻌﻮﺩ ﻋﻤﻮﻣﺎ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﻲ ﺗﺎﻟﻜﻮﺕ ﺑﺎﺭﺳﻮﻧﺰ (1902-1979) ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﻴﻦ ﺍﻷﻭﺍﺋﻞ ﻟﺴﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻮﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺗﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻄﺮﺡ ﺍﻟﻄﺒﻲ ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺮﺽ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ " الصادر في ﺳﻨﺔ 1950 و خاصة فصل "الممارسة الطبية".

اليوم يعد الاهتمام بالسلوك الإنساني أحد أقوى الدفاعات للوقاية من covid-19 و دراسة السلوك و تغييره من صلب تخصص الأخصائي الاجتماعي أو "منظم المجتمع" الذي من بين اهتماماته دراسة نمط حياة الفرد في المجتمع,تلك الحياة التي تختلف من مجتمع لآخر و التي عبرت عنها السوسيولوجية الفرنسية "كلودين هيزليتش" في أبحاثها بمصطلح "نمط العيش" و الذي يعني الإطار الز-مجالي للفرد و خصائص هذا الإطار.

بالإضافة إلى مجموعة السلوكيات اليومية التي تدور في فلكها (التغذية - التنقل - العمل - المناسبات الاجتماعية...)

معنى ذلك أن الحياة داخل هذا المجال,و خاصة في فترة تفشي فيروس كورونا تقرب من المرض و الابتعاد عنه مع التقيد بإجراءات الوقاية من نظافة و غيرها يرفع نسب السلامة.

ولاشك أن الثقافة ونقصد بها العادات والأعراف والتقاليد والقوانين، تشكل وتحدد نمط السلوك تجاه المرض وكيفية الوقاية منه.

إن دفاعنا عن البعد الاجتماعي للمرض و الدور الكبير الذي يجب أن يمنح للأخصائيين الاجتماعيين في مواجهة هذه الحالة الطارئة ليس استجابة لإكراهات البراديغم السوسيولوجي بل من إفرازات الواقع .

و من باب الخدمة الاجتماعية بشكل عام و الطبية بشكل خاص يمكن للأخصائي الاجتماعي أن يقوم بوظائف عديدة في ظل هذه الظروف الراهنة مثل دوره في التوعية و التثقيف و حث الناس على الالتزام بنصائح الجهات الصحية و مساعدة الأفراد على التأقلم و التكيف مع الواقع الجديد سلوكيا و صحيا,و أن يكون له حضور بارز في وسائل الإعلام التقليدية و وسائط التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى عليه جمع معلومات عن الحالة التي يعيشها العالم و دراسة المتغيرات التي ستحدث بسبب فيروس covid-19 و تداعياتها مستقبلا على الفرد و المجتمع و النظام الاجتماعي.

المصادر :

1 - فيلو كلوب,ﺍﻟﺘﻤﺜﻼﺙ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻤﺮﺽ ﻓﻴﺮﻭﺱ ﻛﻮﺭﻭﻧﺎ ﻣﻘﺎﺭﺑﺔ ﺳﻮﺳﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ,رشيد أبعوش بتاريخ 27 مارس 2020.

2 - صحيفة المدى(العراقية),التصورات الاجتماعية عن المر,العدد 4030 بتاريخ 17 أغسطس 2017.

3 - التمثل الاجتماعي للصحة و المرض,مقاربة سوسيولوجية لأعمال كلودين هيزليتش نموذجا,د.راضية بوزنان ص 5.