بين الجهل المقدس والجهل المؤسس. | يوسف الدرقاوي
بين الجهل المقدس والجهل المؤسس. | يوسف الدرقاوي
نشر في 08 أبريل 2024 .
تُنسب تسمية "الجهل المقدس" إلى الكاتب الفرنسي أوليفيه روا، الذي قام بتحديدها كظاهرة تظهر في عمليات غسيل الأدمغة، حيث يتم ترويج الخطاب الديني مباشرة دون التوسط للمعرفة والثقافة. يظهر هذا عندما يسعى الناس للوصول إلى الحقائق الدينية دون التفكير العميق أو استخدام العقل، ودون التحقق من ظواهر الأمور. هذا المفهوم يُعزى أيضًا إلى انتشار الشك والارتياب في المعرفة الدينية، والذي لا يتصل بشكل أساسي بالشك المنهجي المرتبط بالتفكير العقلاني، حيث يتيح للأفراد إصدار الأحكام والتحريمات استنادًا إلى هواياتهم، وقد تُعتبر البيئة الفكرية والاجتماعية التي يتعرض لها الإرهاب بمثابة دليل على هذا الأمر.
من جهة أخرى، يُشير الدكتور محمد أركون إلى مفهوم "الجهل المؤسس" المتعلق بالنظام التعليمي الفاسد في المدارس والجامعات العربية، حيث ساهمت المناهج والبرامج في إيجاد بيئة تحرم العقل وتنتج قيمًا مدمرة مثل التطرف والتعصب والانحراف، مما زاد من تعقيد مشاكلنا الداخلية ومنعنا من التعامل مع التحديات الخارجية بفعالية. وقد فشلت جميع محاولات الإصلاح في التعليم في التحقيق بنتائج ملموسة.
في الوقت الحالي، ومع تشويه القيم الإسلامية النبيلة وانتشار الفكر المنحرف والضرر الذي يلحق بعقيدة الأمة، أصبح الناس محاصرين بين "الجهل المقدس" و "الجهل المؤسس"، مما ينذر بزيادة الكراهية والانقسام في المجتمع.
نحن نعيش في فترة صعبة، حيث انفجرت المشاكل التي كانت مكبوتة، مما أدى إلى تحول الواقع العربي إلى ساحة صراع تحتضن أعمال العنف والقتل. السؤال الآن: ما الذي أدى بنا إلى هذا المأزق؟ وكيف يمكننا محاربة كل أشكال الجهل؟
الإجابة على هذه التساؤلات تتطلب تجديد النشاط والتصدي بشكل فعال لكل من يعترض طريق إعادة بناء الإنسان، من خلال إعادة الاعتبار للتفكير العقلاني والاستفادة من مواردنا الثقافية والتراثية والدينية بشكل صحيح. هل سنتمكن من الاستيقاظ من سباتنا؟ أم أننا محكومون بالضياع؟
-
يوسف الدرقاوييوسف الدرقاوي من مواليد ماي 2003 بقرية المعازيز نواحي الخميسات متدرب في معهد التكوين المهني حي السلام