الآراء والمعتقدات ! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الآراء والمعتقدات !

  نشر في 02 شتنبر 2015 .

يناقش غوستاف لوبون في كتابه "الآراء والمعتقدات "

علّة إعتناق الناس للمعتقدات من ناحية نفسية ، وقد نفى أن يكون ذلك نابعاً من الدافع العاطفي كما قال البعض كما ونفى أيضاً أن يكون ذلك

بسبب دافع عقلي لأن كثير من الأمور العقديةّ تتنافى مع العقل على حد وصفه ، وعزا الإعتقاد إلى منطق ديني سماه هو بين العاطفة والعقل ، وقد تكون هناك صراعات بين هذه المبادئ لكن الإنسان يسلم بالمنطق الديني في النهاية ، كما واستغرب أن أكثر العقول "استنارةً" والعقول الجبارة التي تمتلك نظرة ناقدة لكل ما حولها تسلّم بالأديان ، وأيضاً بأن حتى الملاحدة ربما يكونوا لديهم المنطق العقدي أكثر من غيرهم من المؤمنين فهم يؤمنون ببعض المعتقدات الوضعية ويتعصبون لها جداً ، لذلك فقد جزم بأن هذا الشعور متواجد لدى كل البشر كما الشعور باللذة والألم .

وقال أيضاً في معرض حديثه أن هذا الشعور الديني يرتقي بصاحبه إلى درجات أعلى ، وضرب مثلاً لبعض البدو العرب الذين جاءهم محمد_صلى الله عليه وسلم _ الأمي بدين جعلهم يشيدون حضارة مذهلة في أعوام قلائل وضرب أمثلة غيرها ، وقد ضرب أمثلة لعقائد وأديان أخرى .

لكنه في النهاية حاول أن يستوضح نشوء ذلك الشعور على ضوء بعض الإنفعالات النفسية وبعض الطرائق التي تؤثر في نفس الإنسان رغماً عن عقله ، هذا ما استنتجه !

أرى أنه يناقض نفسه فكيف سلّم بأن هذا الشعور موجود عند كل البشر ومرده هو بعض الإنفعالات النفسية ومؤثرات تؤثر في نفسية الإنسان رغماً عنه ، وشبهه بالشعور باللذة والألم وقال بأن الجوع هو أشد الآلام وأن الحب هو الذي يطغى في اللذات ، ومعروف أن الجوع شعور فطري ووجود الجوع بالضرورة دليل على وجود الطعام

والإنسان عندما يجوع لا يوهم نفسه بأنه يأكل حيث لا وجود للغذاء حقيقةً بل لأنه موجود فطر الإنسان على الشعور بالجوع حتى يأكل ليقتات جسده على ذلك حتى يستمر في الحياة إلى أن يشاء الله ، لذلك فوجود الشعور الديني في ما جبل عليه الإنسان دليل على وجود فراغ في الإنسان لا يسده إلا الإيمان بدين وهو بالضرورة دليل على وجود خالق بديع .. حكيم .. لطيف .. وأنه أشهدنا على أنفسنا قبلاً .. هذا بالفطرة .. ومن اليسير بالتفكير المنظم الواعي وغير المضلل الوصول لذلك .

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم .

ثم أيضاً من قال بأن المنطق الديني بعيد عن العقل أو أنه نابع من العاطفة فقط ، فالإيمان هو تصديق بالقلب _ هذا شعور وربما كما أسماه منطق ديني _ ، وتصديق باللسان وعمل بالأركان .

فهو لا يكون عاطفة فقط أو منطق مستقل بذاته بل لا يكون الإيمان إيماناً إلا إذا تشبعت به كل ذرة من ذرات كياننا ، حتى يصدق القلب واللسان وتعمل الجوارح ،

وأيضاً من الغريب القول بأن الإيمان هو بعيد عن منطق العقل _ إلا إذا كان هو اطّلع على معتقدات باطلة تتضاد والمنطق_

قال تعالى :

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19) محمد

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر

فالآية الأولى واضحة بأن نعلم مقتضى كلمة التوحيد .. معناها وما يترتب عليها وما إلى ذلك ، الأمر واضح هو بالعلم والعلم ثمرة العقل ،

والآية الثانية تؤكد أن العلماء هم من يخشى اللهَ عز وجل وفي ذلك حض ضمني على التعلم وأن العلم والعقل هما وسيلتان تدلان على الله عز وجل وتزيدان من خشية الإنسان لله عز وجل .

وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات وفي السنة النبوية المطهرة الكثير مما يحرض على التفكر وعدم الإنسياق وراء الخرافات واحترام العقل وتكريمه وتبجيل العلماء والباحثين بعقولهم عن المعرفة ، وأن من يعبد الله على علم خير ممن يعبد الله على جهالة أي بالعاطفة فقط وهذا دليل بيّن على أن الدين ضروري يلزمه الإيمان بالعقل ، وقد ذكر القرآن الكريم أن سبب تكريم آدم هو علمه الذي علمه الله عز وجل له .

وإن تكلمنا بلغة علم النفس فقد رأينا كثير ممن نشأ في بيئة لا تعتقد بمعتقد أو نشاً في بيئة لها خصائصها ومعتقدها الذي ترفده بكل ما يمكن أن يجعل الإنسان يؤمن به إيماناً أعمى ثم نجد فجأة أن هذا الشخص بعقله ولإقتناعه بصحة عقيدة ما دخل بها عن اقتناع تام ، إذاً أليس للعقل سلطان في هذا ؟!

هذا المثال يدحض الإدعاء بأن العقيدة هي بسبب البيئة والمؤثرات التي تحيط بالفرد ولا سلطان للعقل عليها .

لذلك فليست العقيدة هي فقط مجموعة من العوامل التي تؤثر في اللاشعور لا سلطان للعقل عليها .

ففي قلوبنا فراغاً لا يملؤه إلا الإيمان ، وفي عقولنا فراغاً لا يملؤه إلا الإيمان ولعقولنا اضطراباً لا يسكنه إلا الإيمان ، ولأرواحنا انحطاطاً لا يرقى بها إلا الإيمان ، وفي أنفسنا تربصاً وتوجساً ووحشةً لا يذهبها إلا الإيمان ، وهو ضابط الإيقاع لكل ذرة في كياننا ، فعجباً عجباً لمن يسلّم بذلك ويثبته ثم يغض الطرف عن دلالة كل هذا !

إذاً من حيث المبدأ كما أثبتنا أن المعتقد ضرورة وفطرة وحقيقة يجب أن نتشربها وتتضمخ بها بكل مكوناتنا ، لكن لا نثبت أن من تحدث عنهم ممن يؤمن بالخرافات حتى وإن كانوا علماء بأنهم على حق بل أثبتنا أن الإيمان بالمعتقد بحد ذاته فطرة وضرورة وحقيقة ، قد يحاول البعض سدها ببعض المعتقدات الباطلة .

وقد يُعذر الكاتب إن كان قد اطّلع على معتقدات باطلة أو خرافات يؤمن بها البعض ولا تحقق كل ما تحدثنا عنه مما يحققه ويتطلبه المعتقد الصحيح .

إذاً بماذا نعتقد ؟

لو جاء شخص حر الفكر ، وبتفكير وإطلاع منهجي ، واثق الخطى ، ليرى أي المعتقدات يعتقد ،

إبتداءً ولن يجد صعوبة في التوصل إلى أن المعتقدات الوضعية واهية باطلة ولا حاجة لأن يثبت ذلك فهي نفسها من أثبتت ذلك وهي لن تحقق الهدف الأسمى من المعتقد وهو الإيمان بالله عز وجل وعبادته ، ثم أن بقايا الأديان القديمة تحولت بالمغالاة فيها وهذا من طبيعة البشر إلى خرافات وأوهام لا يليق بالعقل أن يخوض فيها حتى ، وربما كانت هي خرافات وأوهام من الأساس .

إذاً يبقى الأديان السماوية الثلاثة ،

وبعيداً عن المقارنات وتصيّد الأخطاء ومحاولة نسف أي منها إبتداءً لما به من تناقضات وأشياء لا يقبلها عقل ، بعد أن حُرّف وبُدّل ، فلنترك ذلك كله ..

نقول باختصار بأن المسيح _عليه السلام_ دعى اليهود وقد كانوا أصحاب رسالة سماوية إلى الإيمان به وقد لعنوا على لسانه لأنهم لم يؤمنوا به وحاربوه ،

لأن ما جاء به أحدث نزولاً من عند الله عز وجل وقد قامت عليهم الحجة إذ بعث الله فيهم رسول بوجوب إتباعه ،

ثم جاء الإسلام فهو خاتم الأديان وقد بعث الله عز وجل خير البشر رسول وقد قامت الحجة على الجميع بوجوب إتباعه ، وقد دعى إلى الإيمان بالرسل السابقين دون التفرقة بين أي منهم ، فأيها أحق أن يتبع ؟

بلا تردد إنه الإســـــــــــــــــــلام ،

فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة ، والصلاة والسلام على نبينا وحبيبنا وقائدنا ومخرجنا من الظلمات إلى النور ، الرحمة المهداة والنعمة المسداة و السراج المنير المرسل رحمة للعالمين ، وعلى آله وأصحابه الأخيار وسلم تسليماً كثيرا

والحمد لله رب العالمين .


  • 1

   نشر في 02 شتنبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا