الزواج المدني في العالم العربي - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الزواج المدني في العالم العربي

الزواج المدني في العالم العربي من مع و من ضد؟

  نشر في 30 نونبر 2018 .

        كثر الجدل في ويهاجم بشكل عنيف من منظور الأديان السماوية , لكنه فرض نفسه و كثير إتبعه حول العالم و بدأ يدخل الدول العربية و بعض الدول العربية طبقته وأخرى طبقته لكن في سياق محدود وغيرها حرمته و منعته و غيرها مازال يحتار في و يحتار في شروط تطبيقه.

  إنه الزواج المدني و أحيانا يطلق عليه الزواج العلماني , و هو زواج يتم توثيقه و تسجيله في المحكمة التي تطبق الدستور و القانون بين شخصين مسجلين في السجلات المدنية لدى الدولة أو من المقيمين فيها. و يعتبر أساسه إلغاء الفروقات الدينية , و المذهبية , و العرقية بين طرفي الزواج. فلا مانع من إرتباط الدين الإسلامي بأتباع الدين المسيحي أو اليهودي أو العكس. و يتم بقبول الطرفين الزوج و الزوجة و بحضور الشهود و كاتب العقد و يحصل المتزوجون مدنيا بكامل حقوقهم المدنية و الإجتماعية و السياسية و الخدمية و لا يجوز لأحد مخالفة ذلك ,لإنه يعتبر مخالفة لقانون الدولة التي أتاحت هذا النوع من الزواج.

  إنتشاره في أوروبا و أمريكا واضح و غالبا أصبح هو الشائع في قرار الزواج عند الطرفين سواء من ذات الديانة أو أحد الأطراف من ديانة أخرى, أو ذات الديانة و لكن أختلاف الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها كل فرد , فغالبا بيكون الزواج المدني مفصولا عن الكنيسة لتسهيل الزواج و توثيقه في المحكمة و الطرفين يكونوا متزوجين امام الدولة و المجتمع.

     أما عن العالم العربي , فقضية الزواج المدني فيه ليست محبذة و تثير الجدل و الشكوك في شرعيتها في الإسلام و المسيحية . لأننا في الوطن العربي شعب متدين بطبعه و أدياننا السماوية هي التي تحكم قرراتنا المصيرية و تتدخل في شتى شئون حياتنا و كيفية التعامل معها. إذن الزواج المدني في منظور الأديان السماوية هو يخالف شرعيتها و ما هو ممنوع في الأديان السماوية الثلاثة : اليهودية و المسيحية و الإسلامية هو مشروع في الزواج المدني . إذن من الطبيعي أن نجد كل تلك الجدل و الإنتهكات حول قانون الزواج المدني و الهجوم على كل من تزوجوا على نهجه في الوطن العربي.

 الزواج المدني تحكمه كل دولة حسب قوانينها الخاصة , فلزواج المدني في كل دولة عربية له طبيعة مختلفة عن البلد الأخرى من حيث التنفيذ و الشروط و الأحكام . ففي مصر طبيعة الزواج المدني مرتبطة بلأقباط في مصر , إذ إنها تصدر بشكل أساسي عن الأقباط الذين يعانون في ما يخص الطلاق و الزواج مرة ثانية . و كانت وزارة العدالة الإنتقالية قد وضعت مسودة لمشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين تضمن فقرة تتعلق بلزواج المدني و هذا ما أثار جدلا كبيرا بين الكنائس توصلت بموجبه إلى إجماع على رفضه. علما أن الكنيسة الإنجيلية لم تعترض عليه في السابق. و ترفض الجمعيات و الحركات الوصاية التي تمارسها الكنيسة على الأقباط مصادرة بذلك حريتهم في تقرير مصائرهم . فلقد دعت إحدى الحركات رابطة "صرخة" إلى تفويض الرئيس عبد الفتاح السيسي للعمل على و ضع قانون مدني للأحوال الشخصية خاص بلأقباط و إبعادهم عن سطوة الكنيسة. في المقابل اعترضت رابطة "حماة الإيمان" على الزواج المدني و صرح الناطق بإسمها مينا أسعد أنه مخالف لتعاليم المسيحية , مؤكدا على التعديلات التي قدمتها الكنائس لمسودة قانون الأحوال الشخصية للأقباط و التي حذفت البند المتعلق بلزواج المدني , بلإضافة إلى إنه تم إلغاء تلك اللائحة عام 1938 من قبل البابا شنودة التي كانت تضم نحو ثمانية أسباب للطلاق و لكن رفضت بإعتبارها أنها مخالفة لتعاليم الإنجيل و أن من وضعها هم "العلمانيون"و أشترط البابا شنودة للتصريح بلزواج الثاني بسببين إما في حالة الزنا أم تغيير الديانة. أما المسلمين فلا يجوز الزواج المدني في مصر للمسلمين لأن القانون المصري ينص على أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع و الزواج بين المسلمين يتم من خلال المأذون ويتم تسجيل وثيقة الزواج في الأحوال الشخصية. و مثل ما ذكرت فيما سبق فالزواج المدني يخضع لقانون البلد الذي تم فيه ,فإذا كان مصري متزوج من أجنبية بيطبق الزواج حسب القانون المصري و القانون المصري يشترط من الزوجة الأجنبية أن تأتي بجواب موافقة من سفارة دولتها في مصر بلموافقة على إتمام هذا الزواج . أما إذا كان متزوج أجنبية في بلدها خارج مصر أثنائها بيتم الزواج مدنيا حسب قوانين بلدها.

  أما في لبنان فلوضع معقد أكثر بسبب كثرة الطوائف و المذاهب الدينية و غياب قانون مدني للأحوال الشخصية. فالزواج و الطلاق بلبنان يحكمه الأديان و المذاهب الدينية و الطوائف المتعددة التي تبلغ ثمانية عشر طائفة. و مطالبات اللبنانيون بلزواج المدني وصلت حد المظاهرات بالشارع. شروط و أحكام الزواج المدني حسب القانون اللبناني إنه لا يتم في لبنان ,إلا ان الدولة تعترف بلزواج المدني المنعقد في البلاد المجاورة , فمن الممكن ان يتقابل اللبنانيون في مكتب الأحوال الشخصية في قبرص, وهي أشهر مدينة تم فيها عقود زواج مدنية لبلاد ترفض قانونها الزواج المدني و لا تعترف به إلا إذا كان في الخارج .فلبنان و سوريا و الأردن و حتى إسرائيل يرفضوا الإعتراف بلزواج المدني على أراضيهم و لا يوجد قانون يسمح لهم بلزواج المدني على أراضي بلادهم , لأن الزواج المدني بيكون تحت موافقة قانون الأحوال الشخصية لكل دولة . و في القانون اللبناني الزواج المدني الغير شرعي (مسلمة مع مسيحي) يتم عبر عقد مدني و لكن وجودهما معا يعتبر "مساكنة" بلإضافة إلا لا المذاهب المسيحية تعترف بهذا الزواج و لا المسلمين يعترفوا بهذا الزواج و في حالة الخلاف سيلجأ الثنائي إلى المحكمة المدنية لكنها لا يمكن أن تقول أن ما يجمعهما "زواج".

   الأستثناء يرجع إلى تونس ,و هي الدولة العربية الوحيدة التي تعترف بلزواج المدني , و أول الدول العربية التي خطت على خطى أوروبا في الزواج مثلها مثل تركية و غيرها من الدول الأوروبية التي فصلت الدين عن القانون و الأحوال الشخصية لدى المواطنين. ففي عام 1956 أقر الرئيس حبيب بورقيبة إصلاحات في قانون الأحوال الشخصية الذي نص على منع تعدد الزوجات ,ومنع أي صيغة خارج الزواج المدني , وحاولت كثير من الحركات مثل حركة النهضة لإلغاء الزواج المدني و لكنها فشلت. و يستبعد الدستور التونسي الشريعة الإسلامية من الحكم ,إذ تنص المادة الثانية على أن تونس دولة مدنية تقوم على المواطنة و إرادة الشعب و علوية القانون. و تنص المادة الواحد والعشرون أن "المواطنين و المواطنات متساوون أمام القانون دون التمييز ,وحق المرأة الراشدة في تزويج نفسها من دون الحاجة إلى وصي عليها. الجدل في تونس حول الزواج المدني يختلف عن بقية الدول العربية فهو بلطبع قائم , ولكن بعد "الربيع العربي" و تعاظم قوة التيارات الإسلامية إنقسمت الأراء بين من يريد المضي بما هو معمول به من دون المساس به و الرأي الأخر و هو المطالبة بتعدد الزوجات . و أيدها البعض إذا أعلنت أول مرشحة منتقبة في تاريخ الأنتخابات البرلمانية التونسية عن "جبهة الإصلاح التونسي السلفية ¸ربيعة السماعي أنها لا تستطيع تحريم الحلال و أن مسألة تعدد الزوجات تدخل ضمن قسم المباح. و لكن التحايل على إصلاحات بورقيبة في تونس أخذ أبعادا إجتماعية و حفظ حقوق المرأة التونسية , و جاء الرد الحكومي حاسما عندما أعلن وزير الشئون الدينية التونسي "منير التليلي" أن لا عودة إلى الوراء , مشددا على احترام ما ينص عليه قانون الأحوال الشخصية.

      الزواج المدني في الجزائر يأخذ شكل مختلف , إذ في الجزائر فلوضع مختلط الحقوق المدنية مع الزواج الشرعي. فلزواج المدني في الجزائر معترف به طالما هو شرعي و لا يخالف الشريعة الإسلامية , فهو ليس مسموح فقط إذا كانت الزوجة مسلمة و الزوج مسيحي. و لكن إذا هما نفس الملة و الدين فلا مانع من الزواج المدني. و لقد أصدرت وزارة الشئون الدينية و الأوقاف الجزائرية قرارا قضى بتسجيل عقد الزواج المدني قبل العقد الشرعي , وذلك للحد من مشكلات الزواج العرفي و لحفظ حقوق المرأة فلا مانع للمرأة أن تضع شروط تحفظ بها حقوقها في النفقة و عدم الزواج عليها أو حرمانها من العمل . فقد عدته جمعية علماء المسلمين الجزائريين أمرا منكرا في حين عده الناشطون في مجال حقوق الإنسان ضمانة لحقوق المرأة . ولأن الجزائر كانت متجهة على خطى تونس حتى جاء تعديل عام 2005 للتوفيق بين بعض الطروحات المتباينة.

         لماذا كثير من الأزواج يرغبون و يفضلون الزواج المدني عن الزواج الشرعي أو الديني سواء زواج مسلم أم كنسي أم يهودي أم من نفس الدين و لكن مع إختلاف المذاهب و الطوائف الدينية؟ أولا يرى البعض أن الزواج الديني يضمن حقوق المرأة فهو لا يسمح للرجل متزوج بلزواج بلثانية. ثانيا الزواج المدني يساوي بين الزوجين في الإنفاق ,إذ هو ليس نصير للمرأة فقط بل هو ينصف الرجل أيضا في حقوق الإنفاق أو يجعل النفقة على الزوج بشرط مساعدة المرأة في النفقة.ثالثا الزواج المدني يعطي حق الطلاق للزوج و الزوجة معا , فالزوجة قادرة على تطليق نفسها. كما أنه جعل الطلاق لأسباب محددة ,بينما الطلاق في الإسلام لأي سبب دون تحديد. بلإضافة إنه يسهل الزواج من الأجانب و أيا كان إختلاف الأديان السماوية أو المذاهب الدينية فهو لا يمنع زواج مسلمة ثنى من شيعة و لا يمنع زواج أرثوذكسية من كاسوليكي و العكس و لا يمنع زواج مسيحي من يهودية و العكس و مسلمة و مسيحي و في أوروبا الزواج المدني منفتح أكثر حيث المسيحية ممكن تتزوج من ملحد أو بوذي أو هيندوسي الأديان الدنيوية الأسيوية حتى إنه درج زواج المثليين في أوروبا و أمريكا تحت مسمى الزواج المدني و لهم كافة الحقوق المدنية و الإجتماعية و الخدمية و يعترف به في المجتمعات الأوروبية و أصبح هو السائد إذا لا يوجد حكم سلبي عليه من المجتمع بلخارج. و عندما أخذت رأي ثنائي مسيحين مصرين قلوا لي : أنهم يتمنوا أن تعترف الكنيسة بهذا الزواج في مصر , و لكن الكنيسة هي الأساس في مصر . و لكن في حالة اختيار الطرفين لهذا الزواج بينفصلوا عن الكنيسة و لا يشكل مشاكل دينية معهما , هو فقط ليس معترف به. و الزواج عادة يتبع قوانين الدولة. في مصر إذا تزوج رجل زواج كنسي ثم تطلق مدني لا يعترف بطلاقه و مازال في منظور الكنيسة متزوج لأن المسيحية ليس فيها طلاق فهم لديهم إيمان بأن "ما جمعه الرب لا يفرقه إنسان". و في لبنان قام عروسين بلزواج المدني و هم من طائفتان مختلفتان و لكن نفس الدين ,اضطروا لشطب الطائفة من سجل النفوس , وعلى الثنائي إصدار اخراج قيد فردي و عائلي جديد يبرز شطب المذهب حتى يتمكنوا من الزواج مدنيا. و يحدد الزوجان موعد الزفاف لدى كاتب العدل بعد اصدار و ثيقة اعلان زواج من المختار بعد اتمام الزواج المدني وفق هذه الطريقة لصيقا بلحرية الشخصية و أختيارا أيضا للطرفين . لذلك كثيرون أصبحوا يستسهلوا الزواج المدني و مصريون كثيرين سافروا إلى أوروبا و تزوجوا زواج مدني بأجنبيات بدون عبء تكاليف الزواج المصري و العربي بشكل عام . فلزواج المدني ميسر أيضا ماديا و لا يحمل عبء تكاليف الزواج العربي و لا يتبع أعراف و تقاليد الزواج العربي . العرب غالبا يختارون قبرص لأنها الأقرب و الزواج المدني يقتصر فقط على العروسين و أهل الطرفين و من ثم شهر عسل بسيط و إنتهى الأمر . و تعرفت على أكثر من إمرأة عربية متزوجة زواج مدني من مصري أو مصري متزوج أجنبية مدنيا و غالبا زواج المصري من أجنبية تم بالخارج و لكن السيدات العربيات من دول العربية الشقيقة سواء الإمارات أو المغرب أو سوريا أو لبنان تم الزواج بمصر و حسب قوانين الأحوال الشخصية المصرية. و كثير من مشاهير الوطن العربي تزوج مدنيا مثل الفنانة اللبنانية كارول سماحة ,وهي تزوجت مصري مسلم بقبرص بعيدا عن الأضواء و الشهرة و من ثم أعلنت زواجها بإحدى البرامج العربية و أقرت أن الزواج المدني مضمون أكثر للمرأة عن الزواج الديني كما ذكرت في البرنامج.

   في النهاية لا إجماع على شيء و سيبقى الزواج المدني حرية شخصية لدى الطرفين , من يريد الزواج على نهجه فاليسافر خارج حدود بلده إذا كان لا يسمح قانون بلده بلزواج المدني داخل حدوده , و إذا كان في دولة مثل تونس أو الجزائر فلا يوجد عراقيل تمنعه من الزواج . لديك حرية إختيار البلد التي ستيسر عليك إتخاذ إجراء الزواج المدني بها . و كل المعلومات حول الزواج المدني رصدتها إليكم بمنتهى الشفافية و الوضوح و الموضوعية بدون أي إنحياز و لكم حرية الإختيار.



  • Menna Elrefay
    انا صحفية مصرية درست في كلية لغة و إعلام بلأكاديمية العربية للعلوم و التكنولوجيا .الكتابة الصحفية و التحقيق و البحث هم شغفي . لدي شغف بتصليح الأفكار السلبية الموروثة و إعادة النظر في كل الأشياء التي أصبحت جزء كبير من حيات ...
   نشر في 30 نونبر 2018 .

التعليقات

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا