هل عجز بعواطفه المفرطة وإحساسه الدقيق وإنسانيته العالية أن يجابه الحياة بكل ما فيها من زيف وطلاء، يحول بينها وبين جمال الحقيقة والواقع، وإن كان مريراً يصفع وجوه الناس، ليُدركوا كنه الحياة التي تحيط بهم.
فهل كانت لوحاته وأغاني تذهب أدراج الرياح بكل ما فيها من سمو ونبل وعبقرية، فهو لم يستطيع أن يقف في وجه الرياح العاتية من مادة وخداع، فضاق بالحياة وأطلق على صدره المنهوك رصاصة الخلاص. رصاصة الهروب من عالم عجز عن مجابهته.
سبعة وثلاثون عاماً لابساً زي الحرب مُترساً بمشاعره وعواطف وفنه ولوحاته، فخاض الحرب أمام السطحية والقشور، لينبههم إلى الجوهر، ويوجه أنظارهم إلى المعاني الخالدة.
فقد عاد من حروبه منكس الرأس، وضاقت ريشته لإنتصار الظلام في معاركه ضد النور. وعندما ملأ اليأس قلبه المذبوح سدد إليه طلقة الخلاص، فاراً بنفسه من طغيان الجمود والبصيرة الكليلة.