عملت لأكثر من عشرين سنة مناضلة حقوق إنسان و بمقتضي ذلك من بين الإنتهاكات التي تذكر في بعض التقارير، إغتصاب الزوج المسلم لزوجته المسلمة و قناعة مني أن ديننا الإسلام دين عدل و رحمة، إرتأيت أن أكتب هذه المقالة للتعرض لظاهرة مقلقة كثيرا ما تبتزنا عليها منظمات حقوق الإنسان الغربية :
أولا يعيش عالمنا العربي الإسلامي حالة إنحطاط عامة طالت كل شيء و خاصة العلاقة الزوجية و طبعا أمر الجماع و لا بد لنا من توضيح مفاهيم و وضع خطوط حمراء بإسم الله الواحد الأحد بإسم أجمل و أروع دين كرم منذ آدم عليه السلام إلي يوم القيامة أجمل و ألطف مخلوق و هي المرأة.
عقد الزواج بين الزوج و الزوجة يبيح لكلاهما أن يجامع كل واحد منهما متي يرغب في ذلك لكن ضمن ضوابط، ضمن آداب، ضمن مشاعر المودة و السكينة و التراحم و تفهم نفسية لكلا من الزوج و الزوجة.
الإسلام دين حفظ للمرأة جمالها، رقتها، و عذوبتها. في خلق الله تعالي للمرأة خلق الجمال مجسدا فيها. و قد خلقها تعالي ضعيفة البنية، فهي في حاجة دائمة لقوة الرجل ليحميها و أحد أجمل الأوصاف التي وصف بها تعالي العلاقة بين الزوج و الزوجة الآية 187 من سورة البقرة [هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ] (البقرة: 187)
الذكر المسلم للأسف في زماننا هو ذكر لكنه ليس بالرجل لأن من صفات الرجولة، أن يكون عادلا، مالكا لأعصابه، أن يأنف عن إستعمال القوة العضلية و الإكراه مع من ؟
مع أجمل و أضعف مخلوق ألا و هو المرأة.
و قد حث الإسلام علي حسن معاملة الزوجة و هذا مقطع من فتوي للدكتور سامي بن عبد العزيز الماجد من موقع "الإسلام اليوم" يشرح جيدا مرادنا :
"أما فإن كانت الزوجة معذورة بعذر شرعي كحيض أو صوم قضاءٍ ضاق وقته، أو بعذر حسي كمرضٍ ونحوه، أو معنوي كشدة غم وحزن، أو مرض نفسي، وما إلى ذلك من الأعذار التي تمنعها من أن يستمتع بها زوجها – فلا يجوز له أن يكرهها عليه بالقوة؛ لما في ذلك من الإضرار بها، وفي الحديث:"لا ضرر ولا ضرار" ابن ماجة (2340) وأحمد (2862) ومالك (1461) وصححه الألباني وقال – تعالى -:"ولا تضاروهن" [الطلاق:6] وقال أيضاً:"و عاشروهن بالمعروف" [النساء:19]
و ليس من المعاشرة بالمعروف أن يكرهها على حاجته إذا كانت تضرها."
سأذكر للقراء الكرام بعض ما سمعته من الشهادات من نساء لا تتحدثن في العلن عن إمتناع أزواجهن عن الجماع، لأبين لكم حجم الحيف الذي يلحق بالمرأة المسلمة، يحق للذكر في إعتقاده الخاطيء أن يكرهها علي الجماع و يعتبر ذلك أن ما يفعله من جرم من صميم الحقوق التي أباحها له الشارع الحكيم أما أن يستجيب لطلب زوجته في الجماع فلا ...
قالت لي جدة :"عندما كنت أطلب زوجي للجماع، كان يرفض ببساطة."
سيدة جزائرية وقفت أمام القاضي لتجيب عن سؤاله :
-ما هو سبب طلب زوجك للطلاق منك ؟
-سيدي طلبته للجماع فرفض و أعتبرني فاجرة و بناءا علي هذا قرر الطلاق.
إستدار القاضي للزوج الجزائري ليتأكد من صحة إدعاء الزوجة :
-هل صحيح ما تقوله السيدة زوجتك ؟
رد الزوج :
-نعم سيدي القاضي إنها فاجرة. كيف ترغب في الجماع معي، لا حياء لها و هي طالق.
تصوروا قرائي الكرام موقف القاضي الذي كاد أن يغمي عليه من شدة الصدمة.
قالت لي سيدة متزوجة و لها منصب عمل رفيع :
-زوجي هجرني في الفراش منذ العام الثاني من زواجنا و الذي يدوم من عشرين سنة و قد عرض علي بعض الرجال الزنا و رفضت خوفا من غضب الله.
و إذا ما تعرضنا لإمتناع الزوجة عن فراش الزوجية، فهناك أسباب موضوعية و طبعا لا أتحدث عن الزوجة الناشز و إنما عن الزوجة المسلمة المطيعة لزوجها و التي أحيانا تري في طلبه للجماع امرا غير مرغوب فيه في حينها.
سبق و أن أكدنا علي علاقة التراحم و المودة بين الزوج و الزوجة في الإسلام و كيف أن إستمتاع كل واحد من الآخر حق مكفول لكليهما بل يعد الإستمتاع الجنسي أحد ركائز عقد الزواج التي تقي الرجل و المرأة من الوقوع في فاحشة الزنا.
يهمنا أن ننظر بهدوء و تجرد للأسباب التي تجعل أحيانا زوجات تمتنعن عن تلبية حاجة الزوج الجنسية، أولا هناك من الزوجات المسلمات من يعانين في العلاقة الزوجية، فنري الزوج غليظ الطبع يعامل بخشونة الزوجة، لا يقدم لها يد المساعدة في البيت، لا ينفق و لا يشارك الزوجة مهمة تربية الأبناء و هناك من الزوجات من يفرض عليها الزوج الإسترزاق، فتجد نفسها مضغوطة طوال اليوم ممزقة بين مطالب الزوج البيت، الأبناء و محيطها المهني، و هي في خضم هذه الأوضاع تسجل لامبالاة زوجها ناحية ما تكابده و لا تجد طريقة للتعبير عن تذمرها أحيانا سوي أن ترفض الجماع عندما يطلبها.
فهلا راجع نفسه الزوج ؟ هذا و عليه أن يدرك بوجوب مراعاة ظروف الزوجة الصحية و النفسية، عادة ما تتوتر اعصاب الزوجة قبل دورتها الشهرية هذا مع كم المسؤوليات الملقاة علي عاتقها، فتصاب بإحباط حينما يقابلها زوجها بمطلب الجماع.
فالزوج العادل الذي لا يحتكم إلي الأهواء في معاملته لزوجته لن يجد منها إلا القبول و الرضي و الطاعة، الزوج الذي يحرص علي إنصاف زوجته، فيكون لها نعم الصديق و نعم الأخ الذي يقدر تضحياتها و يثمن دورها إلي جنبه، سوف تكافأه زوجته خير مكافأة و لن تمتنع عنه لحظة ما يطلبها.
هذا و مثل هذا الزوج و بهذه الصفات الفاضلة قلما نعثر عليه في مجتمع مسلم يفتقر إلي التربية الصالحة، فلا يغرس في الذكور معاني الرجولة و الصلاح بل ينشأ هذا الذكر و هو ينظر إلي نصفه الثاني نظرة دونية، فلا يعبأ بتوصية رسول الحق عليه أفضل الصلاة و السلام :“خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.”
إن وضع الزوجة المسلمة بصفة عامة مرتبط بشكل عضوي بوضع الزوج المسلم، فحالة الإنحطاط الأخلاقي و فقداننا للبوصلة القيمية دمر نسيج العلاقات و أولها العلاقة الزوجية التي تعاني من حالة موت سريري مستدامة و لا حل و لا مخرج سوي بالعودة إلي روح الإسلام السامية في الإرتقاء أخلاقيا بالفرد المسلم.
www.natharatmouchrika.net
-
نظرات مشرقةروائية و قاصة باللغة الفرنسية مناضلة حقوق إنسان باحثة و مفكرة حرة
التعليقات
سامحينى اختى على المداخلة ولكنه مجرد راى.