تحيةُ إجلالٍ وتقدير أهديها لمن تجسدت في خطاه معاني القوة التي فقدت معناها مؤخرًا، للغرباء على هذهِ الأرض.. اطمئنوا فطوبى لكم..

كثيرًا ماشعرتُ أنّني غريبٌ بينهم، أنا مشغولٌ بتنظيم أفكاري، وتدوين أهدافي، ورؤيتها واقعًا، بينما ذلك الذي يجلس بجواري أقصى أمنياته مواكبة المستجدات الشائعة على الإنترنت، حينها أدركتُ أني كالشجرة المثمرة قويٌ بما يكفي لدرجة أن الرياح لايمكنها تحريك غصنٍ واحد فيها.

 أن تكون قويًا لا يعني استنساخ معتقدات الآخرين وأفكارهم، أن تفكر بعقلك أنت، ولا تشعر بالحرج أبدًا مهما أشعروك أنك مهمش أو غريب، فالمولى ميزك واصطفاك، القلب السليم لايخشى السير على الطريق القويم، أن تكون قوياً كفاية لا يعني أن تتجرد من ذاتك إلى شخصٍ آخر يحاول كسب رضا مجتمعه، أن لاتهتم بآرائهم ولاتفكر بما يعتقدونه عنك، أعتقد أن القوة الحقيقية تتجسد في الاعتزاز بما تملكه حقًا، لاتهتم إذا كنتَ تحمل هاتفًا يرضي ذائقتك بينما الجميع يبحث عن الإصدار الفاخر، تعتز بجمال العربية ولا تستبدل (إجازة) بـ (weekend) والقهوة بـ (coffee)، لا تجيد البقاء مع أولئك الضعفاء الذين يخشون مغادرة السرب والقيل والقال.. الذين يهمهم شكل حذائك ولونه وعلامته التجارية أكثر من شخصك وتفكيرك، إن كنت لا تبتاع احتياجاتك من العلامات التجارية الشهيرة، ولاتحمّل نفسك أكثر مما تطيق، فتشتري وجبةً فاخرة أو كوب قهوةٍ باهظ الثمن ليزيد من روعتك ويرفعك رتبةً بينهم، فلست غريباً بعد اليوم، عزيزي القوي تم حظرك؛ وصار اسمك مُصنفًا على رأس القائمة السوداء التي تضم كل بسيطٍ أنيقٍ بفكره، متأنق بمظهره، مكتوبٌ على جبينه قديم وأحمق ومتأخر لا يفقه شيئًا.

أعتقد ياصاحبي أنّ منتهى القوة والشجاعة أن تعترف بأنك لا تعطي دقائقك الثمينة لذلك المشهور ولا لتلك المغنية، لا تعرف الأغاني أساسًا، ولا تهمك المسلسلات التي خصصوا لأجلها الطقوس، وبسببها اختلت موازين العقول، عجيبٌ أمرهم؛ أنفسهم صارت أشبه بسلعة.. قيمتهم تُقدّرُ بما يرتدونه، وبكلماتٍ دخيلة ينطقونها، وبممتلكاتٍ يتباهون بها.

لا تقلق أبدًا أيها الغريب مثلي، فأنت محق وعلى الطريق الحق، تعتز بنفسك وتعاملها كأفضل مخلوق خُلقَ على هذهِ الأرض، أنت تعرف ماتحب وتختار مايليق بك، فالمرء يقاس بعقله وسعة علمهِ، أنت «أنت».. إصدار محدود وأفضل نسخة من نفسك.