حياة الامبراطور تيبريوس

( Tiberius)

المبحث الاول : سيرته الشخصية

المبحث الثاني : ولاية العرش

المبحث الأول

سيرتهُ الشخصية

1: اسمه وولادته :

هو الامبراطورتيبريوسكلوديوس نيرو الأكبر( )، كذلك كتب بالصيغة (طيباريوس)( )، كان والده قائداً لأحد اساطيل الامبراطور يوليوس قيصر(100 ق.م- 44ق.م)( ) شغل عدة مناصب في روما ( ) كما كان من كبار الديانة الاولمبية( ).

اما امه كانت تدعى ليفيا دروسيلا(Livia Drusilla) (58 ق.م-29م)، وهي ابنة دروسوسكلاوديانوس ، ولدته في الثالثة عشر من عمرها ، كانت تمتاز بتواضعها ، ومن النساء الرومانية المحافظة ، يشير ماسون( ) الى ان هذه السيدة كانت امرأة غنية تمتلك اقطاعات ، بلغ عدد عبيدها بستمائة عبد . علماً انها ابنة عم والده ( ).

ولد تيبريوس في السادس عشر من شهر نوفمبر عام (42 ق.م) ، في وقت كانت رومه تعيش احوال سياسية مضطربة ، لاسيما بعد القضاء على الامبراطور يوليوس قيصر من قبل الجمهوريين( ) وما رافق هذا من اضطرابات وفوضى سادت الامبراطورية ، لاسيما السرقة والعبث بمقدرات البلاد ، فضلاً عن عمليات السلب والنهب( ).

2: أسرته :

ينتمي تيبريوس(Tiberius) الى اسرة تدعى (Claudian) من الأسر الرومانية العريقة ، ونتيجة لمكانتها وسمعتها وسط المجتمع الروماني آنذاك ، عدها بعض المؤرخين انها تمثل تاريخ روما نفسها( ) .

وفيما يتعلق بوالدهتيبريوس ، فكان قائداً لأحد اساطيل الامبراطور يوليوس قيصر ( 100-44 ق.م) ، كذلك كان من كبار الديانة الاولمبية( ) فضلاً عن تقلده لمناصب عدة في روما ، التي اضطر الى هجرها والرحيل الى مدينة بيروجيا( ) التي تقع بالقرب من جبال الابنين ، واعلان ولائه ( لمارك انطوني)( )، والسبب في ذلك هو الخلافات التي نشبت فيها ، أثر وفاة يوليوس قيصر عام (44 ق.م)( ).

كان تبيريوس الاب يعتقد انه قد تمكن من تأمين مستقبل عائلته ، لكن ما حصل من ذلك بسبب الخلاف الذي حدث بين بين المنتصرين ، انطونيوس( )وأوكتافيوس (أوغسطس قيصر فيما بعد)( )( )اللذان تقاسما الامبراطورية فيما بينهما ، فكانت شبه الجزيرة الايطالية ، فكانت شبه الجزيرة الايطالية من نصيب اغسطس ، وبموجب ذلك أصبحت مدينة بيروجيا تحت سيطرته ، اذ سرعان ما بدأ بحملة تأديبية ضد انصار انطونيوس، وذلك ان شقيق الأخير (لوسيوسانتونيوس )( ) قد استولى على المدينة ، وقام بتحصينها وخزن المؤن فيها ، وهذا ما دفع اغسطس بمحاصرتها حتى سقطت بيده ، بعدها قام بمعاقبة انصار انطونيوس ، وممن كان يعيشفي تلك المدينة( ).

نتيجة لذلك اضطر تيبريوسالاب إلىالرحيل إلى مدينة نابولي( )، لا سيما وانه حاول قيادة ثورة ضد اغسطس ، لكنه لم يوفق فيها ، مما دفعة ذلك للهروب الى مدينة صقلية( )، التي لم يمكث فيها طويلاً لأنها كانت تحت حكم (سكيستوس بومبي)( )حليف اغسطس( )، وبذلك لم تكن صقلية بالمكان الأمن له وعائلته ، مما اضطر إلى الرحيل نحو اليونان، وعلى الرغم من المخاطر التي صادفته خلال رحلته، عاش فيها لفترة من الزمن ، ثم عاد الى روما ، اثر شموله بقرار العفو الذي صدر من قبل الامبراطور اغسطس، وحينها كان تيبريوس الابن قد بلغ من العمر ثلاث سنوات( ).

وعند الانتقال الى والدة تبيريوس الأبن فهي ( ليفيا دروسيلا) ابنة دروسوسكلاوديانوس ، كذلك هي ابنة عم تيبريوس الأب قبل ان تكون زوجته ، عُدت ليفيا من النساء الرومانيات المحافظات ، وحسبما يشير ماسون انها كانت غنية وتمتلك الاقطاعيات والعبيد الذين بلغ عددهم ستمائة عبد ، لكن على الرغم من هذه الامكانيات امتازت بتواضعها .

ولدت ليفيا تيبريوس وهي تبلغ من العمر ثلاث عشر عاماً ، وحينما عادت الى روما هي وزوجها كان تيبريوس الابن لم يتجاوز الثلاث سنوات ، وقد صادف عودتهم انتهاء اوكتافيوس مـــــن جولته التفقدية لبلاد الغال ، وكان ذلك في سبتمبر من عام (39 ) ق.م وحينها رأى اكتافيوسليفيا لأول مرة ، وكانت حينها تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، وهي حاملاً بطفلها الثاني، إذ وقع اكتافيوسبحبها ، فطلق من اجلها زوجته ( Scriponie) ، واراد أن يتزوجها على الرغم من انها امرأة متزوجة وحاملاً فعمل على طلاقها من زوجها ، وبهذا خالف اكتافيوسالقانون الروماني( )، فأجبر رجال القانون على تشريعقانوناً يسمح له بالزواج منها ، وفي ذات الوقت لم يتردد تيبريوس الأب من تطليقها بعد ان طلبت هي منه ذلك في عام (38ق.م) ، وبالتالي فُسح المجال امام اغسطسبزواجها( ).

وبذلك اصبحت (ليفيا دروسيلا) زوجة اغسطس وهي الزوجة الثالثة للإمبراطور وبعد ذلك انتقلت للعيش معه في قصره ، تاركة تيبريوس الصغير في رعاية ابيه، وبعد ثلاث اشهر من زواجها انجبت ليفيا ابنها الثاني (دروسوس) والذي ارسل ايضاً إلى ابيه ليعيش في كنفه( ).

واستطاع بفضل نصائحها وصلاتها بأشراف البلاد ، لأنها من اسرة كلوديوس النبيلة ، ان يحسن علاقته بطبقة الملاكين ، وشرع للعمل في اعادة النظام الى روما ، ويستورد القمح الى البلاد ، ونالت اعمله رضا مجلس الشيوخ واخير تربيوناً مدى الحياة( )

تمتعت ليفيا بنفوذ سياسيً كبير في روما ، ولاسيما بعد أن اصبحت مستشاراً لزوجها اغسطس ، الذي منحها صلاحيات عدة ، وجعلها تنوب عنه في الكثير من الأمور ، من اهمها إدارة الشؤون المالية في روما ، ونتيجة لنشاطها السياسي عمل لها نصباً تذكارياً تكريماً لها، ولم يقتصر نشاطها السياسي اثناء حياة اكتافيوس، اذ امتد حتى بعد وفاة الامبراطور ( ).