الحياة تحتاج منا طرح أسئلة جميلة
الحياة تحتاج منا طرح أسئلة جميلة
نشر في 06 غشت 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
عندما نجعل من السؤال إطار للفهم فإننا نؤسس لنوعية الجواب الذي نروم الاجابة عنه ، ﻷن طبيعة السؤال و صيغته تحدد نوعية الاجابة التي ستنتج عنه لاحقاً ، هذه مسألة معروفة و أعتقد أنني لم أقل شيئ مثيرا للاهتمام ،لكن حينما ننتقي تلك اﻷسئلة الجميلة ؛فإننا نفتح مسارا مختلف يعيد تموقعنا وجوديا أو إنسانيا أو ابستمولوجيا حسب الغرض الذي ننشده من السؤال ؛فكلما طرحنا هذا النوع الجميل من اﻷسئلة، رسمنا عالما مليء بالاكتشافات و التسامح ،بل إن حدود الذات وهوجسها الدفينة نستشفها عبر هذه اﻷسئلة ،فيصبح كل ما هو جواني داخلنا جلي وواضح حينها يصبح السؤال أدات لتواصل مع الذات و العالم بعدما كان وسيلة للفهم ،إن إزالة البعد الواحد للسؤال و إخراجه من طابعه العلمي و جعله أسلوب في الحياة أمر يستحق منا الانتباه ، صحيح أننا لن نستطيع الانفصال عن الشكل التقليدي للسؤال و هو طلب المعرفة، لكننا نستطيع أن نعي أن للسؤال جانب إنساني يقوي فينا أواصر المحبة و التأخي ويجعل الحياة أكثر سهولة يقول ربنا تبارك وتعالى مخاطباً موسى عليه السلام "وما تلك بيمينك يا موسى " فقال موسى عليه السلام "هي عصاي " هل السؤال هنا يراد به معرفة ما يحمله موسى ؟ تعالى الله علو كبير ،إنما قال له ذلك على سبيل الإيناس حتي يستأنس بهذا المقام و كذلك ،قوله صل الله عليه وسلم في فتح مكة «ما تظنون أني فاعل بكم؟» ففهم الطرف اﻵخر أن هذا السؤال مليء بالتسامح فكان الجواب «خيرًا أخٌ كريمٌ وابن أخٍ كريمٍ»،
وعندما قال الشاعر الفرنسي ريكليه "من إذا صرخت سيسمعني؟" قولبة السؤال بهذا الشكل يجذبنا أكثر إنه صراخ الذات في الخواء والفراغ وكأن ريكليه يقول ليس هناك مخرج حتى الصراخ لا ينفع ،وكافكا حين يذهب أكثر من ذلك متسائلاً كيف أصبحت الشخص الذي أنا هو؟ هل أنا نفسي فعلا، أم صنع مني الآخرون بالأحرى الشخص الذي أنا هو؟ جمالية اﻷسئلة تساعدنا على التقدم أكثر نحو اﻷفق الذي نتطلع إليه وما طرحه جوستاين غادر في روايته عالم صوفي التي تصور حياة صوفي تبدو متوترة مع بداية الكتاب، ويبدأ ذلك بأن تجد رسالتين غامضتين في صندوق بريدها فيها ("من أنتِ؟"، و"من أين جاء العالم؟") كل هذه اﻷسئلة الجميلة تعيد صياغتنا بعدما كنا نعتقد أننا نحن من يصيغها .
الخلاصة التي نسعى إليها هي؛ أن السؤال ارتبط تاريخيا في أذهننا بطلب المعرفة العلمية ،ولكن هناك جانب انساني في اﻷسئلة ،يمكن أن نتلمسه عندما نقوم بصياغة أسئلة جميلة تتجاوز ما هو علمي صرف وتنفتح على ما هو إنساني .