بدأت ألاحظ في الآونة الأخيرة تركيز كبير من قبل البعض على نشر ثقافة حفظ القرآن الكريم بين المسلمين على المستويين السني و الشيعي ، وذلك بإقامة المسابقات و الفعاليات لإنجاح هذا الهدف ، ولكن هل هذه الغاية من تنزيل القرآن الكريم على نبينا محمد (ص) ؟!
لا شك أن بذل الجهود من أجل تحفيظ المسلمين لكتاب الله هو أمر جيد ، لكن بوجهة نظري المتواضعة أرى أن نركز جهودنا على تدبر آيات القرآن وفهمها أولى من بذل الجهود في عملية حفظ و تحفيظ القرآن ، فالله -عز وجل- تكفل في حفظ القرآن بدليل قوله تعالى ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، فلا توجد حاجة ماسة لتركيز جهودنا في حفظ القرآن ، بل يجب علينا التدبر في آياته ، ومن ثم تطبيق تعاليمه بالشكل الصحيح الذي يرضي الله ورسوله .
عن طريق فهم القرآن الكريم ستنفتح عقولنا على أمور كثيرة منها لا نعلمه من قبل ومنها ما نحن عنها غافلين ، هذا الكنز الثمين الذي لم نحسن استغلاله حتى هذه اللحظة ، فيا للأسف نحن كالذي يبحث عن الماء و هو بالقرب منه ، دعونا ننهل من هذا الكتاب العظيم ، نتعلمه لكي نستفيد منه لا لكي نحفظه ونحن لا ندرك كنهه ، فالقرآن لم يصبح من عبث أعظم معجزة نزلت على نبينا محمد (ص) ، فضلا عن جميع الأنبياء و المرسلين ، وأنا على يقين أن نبينا محمد (ص) مستاء من الطريقة التي نتعامل بها مع القرآن الكريم ، ولو أمره الله - عز وجل - بالعودة الى الدنيا سيحاول قدر المستطاع تغيير هذه الثقافة - ثقافة التحفيظ - واستبدالها بثقافة الفهم و الإستيعاب و التدبر .
تركنا جوهر القرآن و اتجهنا الى القشر ، وهذا عامل من عوامل تأخر الأمة الإسلامية عن ركب التطور ، ولكي أدعم وجهة نظري سأضرب مثال واقعي يبرهن على صحة وجهة نظري ، أعتقد أن أغلب المسلمين إن لم يكن جميع المسلمين يحفظون الآية الكريمة ( والفتنة أشد من القتل ) ولكن إن نظرنا إلى واقعنا فسنجد أن أمتنا أكثر أمة تتواجد وتتكاثر بها الفتن من دون منافس ، والسبب أننا تركنا اللب و اتجهنا الى القشر فالمعذرة يا كتاب الله .
-
Ammarعمار محمد علي ، طالب جامعي محب للعلم