الخير يخص، والشر يخص أيضاً.
رأي شخصي.
نشر في 17 نونبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 08 ديسمبر 2022 .
الخير يخص والشر يعم.. لا أعلم من القائل ولكنني كم أتمنى لو بالإمكان أن يمحى من دستور الأحداث اليومية ، أضحى الشر يعم الجميع والمخطئ فرد واحد ، لا أتمكن حتى من تخيل كيف يرضى من تحت يده زمام الأمور أن يعاقب وفق هذا المبدأ لأنني استشعر دوما مدى تلك الخسائر الفادحة والظلم الفادح الذي يُخلف وراء العمل به .
إذا كان الشر يخص فلا ضير هنا ، فالخير في الحقيقة يجب أن يحضى من قام به بالذكر بمفرده فهو جدير بذلك ، أما أن يعم الشر الجميع ويطوى ذاك المخطئ في سجل وسط ابرياء اتهموا أيضا فهذا خطأ عظيم بلا شك ، يسرق السارق في عمله ثم يعاقب رب العمل جميع العملاء ، يغش الطالب من زميله فيعاقب ذاك الآخر حتى ولو بالكلمات الجارحة لماذا ترك ورقته مفتوحة للعيان ،لماذا لا يخبئ إجابته عن زميله ؟ وأنا أقول هل حقا علينا أن نفقد ثقتنا بالآخرين لهذه الدرجة ! ، يلعن الشاب صديقة فيعاب والديه بأنهم أساءوا تربيته وهم قد تحملا ثقلا أرهقهم حمله لكن رفقاء السوء انتزعوه من مبادئه إلى وحل الأخلاق السيئة فيذم من صلبه صلة في تربيته ، يجتمع الأصدقاء على مائدة واحدة ثم يصرخ أحدهم بكلمات بذيئه فيعم الشر الجميع أنهم قليلي الأدب ، لقد هالني الأمر فخمنت في قرارة نفسي ما لو لم نكن نعمل بهذا المبدأ، أما كان يجب أن يعاقب المخطئ عينه فيتجنب كل من يود فعل مثلما قام به خوفا من العقاب ، ألن يكون ذاك هو العبرة والعظة ؟ لماذا إصبع الاتهام تشير إلى الجميع ، لماذا لا تشار إلى المخطئ فقط ؟
ليس الجميع سواسية وليس الجميع مخطئ ، ولن نقع جميعنا في ذلك الخطأ الذي وقع في تلك الدائرة التي نقبع فيها ، فنحن مختلفون كل منا يقوم بعمل يخصه ، لسنا جميعنا أشرار ، وإن كان الإيمان بأن الجميع كذلك إذن فلا جدوى ولا فائدة من وجود محاكم لن ينفع صوت الحق في وسط ضجيج أصوات تصرخ بالشر وتعممه على الجميع ..
معاقبة الجميع ليست حلا إطلاقا ، أن يستشعر المرء إنه تحت حكم من هو أكبر منه منزلة وأنه معاقب عند أطرف خطأ يقوم به شخصا آخر فيجعل منه محور شك رغم براءته هذا لن يأتي إلا بالعصيان والتمرد ، لن يأتي إلا بمحاولة الإنحراف عن القانون ومخالفة السير وفق ماهو معتاد المضي عليه .
القوانين كثيرة تلك التي أضحت تحيط بنا من كل جانب ، أصبح من يتلفظ بحكمة ما يشعر وكأنه أنسان مثقف وجب أن يؤتى بحُكمه دون غيره ، ولكن لما لا نفكر أن من أتى بهذه القوانين هم أناس مثلنا ، ولازلنا ولا زالوا بين صحة وخطأ ، فما قد يتفق مع موقف رب تلك الحكمة ، ربما لن يتفق مع موقف تمر به أنت ، قد يكون مبدأ الخير يخص هو الآخر خاطئ بل يجب أن يعم مثلا في الحروب فلن ينتصر القائد بمفرده على العدو بل الجنود هم من كانوا عونا له ، فإن نقرن النصر بالقائد دون سواه خطأ فادح بلا شك ، صحيح أن الأوامر تأتي منه لكن جل التعب والعمل يقوم به أولئك الجنود المضحون أيضا بأرواحهم .
من هنا يجب علينا أن نعلم أن ما تمر به يحتاج لحكمة أخرى، وعقل مفكر آخر يستوعب الموقف ويخرج من صلبه حكم لا حكمة ، وهكذا تبقى المواقف هي من تنضجنا إن وقفنا أمامها وقفةً رصينة ، الحياة كل يوم من أيامها يحمل من المواقف ما يحتاج إلى شخص واعٍ يستلهم منها الحكم ، فقد يكون الخير يخص والشر يخص أيضاً ، وقد يخص الشر والخير يعم ، وهناك مواقف تستدعي الخير يخص والشر يعم فأولئك الصالحون قد عاقبهم الله نتيجة كثرة المخطئون في العديد من الحضارات القديمة ، لكن من يعلم ربما الصالحون لم يعملوا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله أعلم ! ، فكن على استعداد لتتصرف بحكمة .
فالحياة على اختلاف جوانبها وتعددها لا اعتقد أنه يجب أن تسيرها حكمة واحدة ، ليست قرآن مرن قد استوعب اختلاف الزمن بحكمة من الله ، بل هي كلمات أناس مثلنا قابلة لتعديل والتبديل .
-
يسرى الصبيحيياريتَّا.
التعليقات
مقال جميل , بالتوفيق .