ومَرةً أخرى يَفيقُ القلبُ من غَيبوبتهِ
فَتأخذهُ الريّح للأعالي ويهتزُّ معه شباكنا القديم، وتَتَأرجح به ألفُ ذكرى
ثم يأتي صوتُ الأمهات ولا شيء سواهُ يُبدّدُ الليلُ الكئيب
وبريقُ أعينهنَّ على الطريق بلا دموعٍ أو صراخ
يا إلهي أيّ ثقلٍ هذا الذي يغتالُ دموعي
يا إلهي مَنْ الذي أطفأ ضوءَ شموعي
رباه! أكادُ أُجنُّ من فرطِ العواصف والحروب
رباه! متى يصرخُ الموتى، فَيخرجونَ كالضبابِ في صبحِ المدينة، وَيستَفهِمونَ
عن دمائهم، وعن الجناة، وعن القاتلين..
ومَرةً أخرى يَستنجدُ القلبُ الحزين
من تحتِ أقدام الأنام
وقد تَنامى عليه غبار الدروب
لازالَ يهتفُ بالدروب الموحِشاتِ بالظلام
لازالَ يهتفُ بالدروب..
ويصنعُ من عيونِ العابرين أغنيةً ليس فيها من أنين
غير أصداءِ اليتامى..
ويستنهضُ العزم من حبيبةٍ تغني باحتراق
فلا سبيلَ لديها غير صوتٍ تشظى بالحروب
وكأنها تحملهُ منذُ ألفِ عام
فَيخطفهُ الهوى في الهجيرِ وقد تشبّع بالفراق
ثم يعود صداهُ من بعيد ينادي مطمئنًّا
عراق.. عراق.. عراق..
فَينتفضُ ما تبقى من الظلال المستديم
وأكادُ أقسمُ بأنّ حتى الهواء صار فمٌ
يلتقطُ آخر روحٍ ويوصي بالمزيدِ
-
سرى كريمالكتابة هي الحيزُ الذي أرمي فيه ذاكرتي لا أنتمي لأحد سوى ذاتي و فكرتي و مسؤولة عن كل ما أقول .