الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان

لم اكون نائما بالكامل و لم اكون يقيضا، كنت بين النوم و اليقضة ... المهم وكما تعلمون ليس من رأى كمن سمع كانوا ثلاثة احدهم بشوش، انيق المظهر و وسيم الملامح تحيط به هالة من قبول سحري، يتكلم بفصاحة بليغة لا يتلعتم في الكلام كمن حفظ عن ظهر قلب ... والثاني كالاول تقريبا اغلب الظن انهم ابناء عمومة تجمعهم قرابة غير بعيدة، يبدو عليه الحزم و الوقار كلامه مرتب وقريب الى الشعر، طريقة كلامه ممتعة لا تترك مجالا لمعارضته كلاهما تبدو عليه علامة الشباب والقوة... كانا بسخرية و عدوانية يعنفان رجل عجوز مظهره يثير الشفقة لا يقوى على الحركة كمن انهكه المرض يلبس اسمالا قديمة لكنها نظيفة.. استوقفني المنظر ولا استطيع تجاوزه غالبني الفضول ومالكني العطف على حال العجوز فصرخت دون أن اشعر كمن يتكلم في نومه : "ايييه حشومة عليكم اصاحبي..." قاطعني الاول مبتسما " لا تقلق نحن نمزح فقط'' ... نظر الي العجوز المسكين بوجه شاحب وعينين ناعستين كمن باغته الضوء في الظلام كاد ان يقول شيئا لكنه تراجع، بادرته بالسؤال بعد ان تمزق قلبي على حاله شفقتا : "شكون نتوما اسيدي '' اجابني بصوت خافت لا يكاد يسمع '' انا هو الحب'' .. الحب ..قلت مستغربا و امتزج شعور الدهشة والصدمة في نفسي، اضفت بصوت مسموع قريب الى الصراخ كمن منحت له الصدف فرصة اللقاء بعدو ليقتص منه '' انت هو القتال ...انت الذي من بابك دخل الكثير من الرجال فخرجوا مفلسين، مجانين أو مساجين، كثير من النساء فخرجن ضائعات او عاهرات ...؟'' صمت قليلا تم جلس ارضا وقال بهدوء وثقة و بدون تكلف يأخذ النفس و بشهيق و زفير يضع مسافة بين كلمة و أخرى... صحيح انهم يقولون ان من الحب ما قتل ولكن الحقيقة الذي يقتل هو هؤلاء اشار الى الشابين...، ومن هؤلاء... ؟؟ سألته كأني لم اصدق كلامه اجاب الاول اسمه "الكذب'' والثاني ابن عمه ''النفاق'' و إذا تحالف معهم الثالث اشار الى رجل جلس بعيدا نحيف كمن لم يذوق النعمة من زمان، يدفعوا النساء الى العهر و الضياع إنه ابن ''الجشع'' و اسمه ''الطمع''... حركت رأسي يمينا و يسار و سألته حائرا و اين هي الحقيقة هنا ما بانت لياش ؟؟؟ اجابني باختصار '' الحقيقة لا تظهر إلا بعد فوات الاوان..

احسست بإحراج لا عهد لي به و قبلت راسه طالبا منه الصفح و السماح وسالته بخجل '' شحال فعمرك و فين كتسكن..؟؟'' أجاب بعد أن طأطأ رأسه مرات كمن تذكر أمر تمنى نسيانه : '' عمرت كل الازمان و ما تضايقت بزمان كما تضايقت بزمانكم هذا و انعم بقصور في قلوب نظيفة و الان افضل النوم فوق الاحجار و تحث الاشجار على ان اتجاور مع الغدر و النفاق في قلوب البشر... من غير قلوب الاباء و الامهات ما تبقى لي مكان أؤي اليه...''

همم بالمغادرة و قبل ذلك قلت له ''الحقيقة بغيت نبقى معك على تواصل دائم.. عندك الفايسبوك مثلا...؟؟'' اجاب لا ... لا، لكني اعرف ما يكتبون عني هناك يعبتون بي سامحهم الله ... كأنهم لا يعرفون ان لا مكان لي الى جانب النفاق و الكذب ... فبلغهم ان شئت ان لا يبحثوا عني هناك...

باحفيظ.