ان ما تعيه المجتمعات اليوم من صراعات لضمان قوت العيش وكفاية الملبس والأمان في البيوت والأوطان لهو أسمى غايات اهتمام الانسان الذي يكابد الظروف حتى يعيش حياة كريمة لا تخلو كلية من منغصات الحياة ولكن على الأقل بأقل متاعب وجهد وعمق تفكير..

ان المسلم اليوم يسمو بنفسه فوق ما يحيط به من قضايا ومظاهر دخيلة على أخلاقه وعقيدته التي نمت وتطورت وزكاها بمعاني القرآن الكريم التي تحث على الأخلاق الفاضلة والرزينة بعيدا عن كل ما يشوه ملامحها الجميلة والثابتة والرائعة.

وعلى المؤمن اليوم مسؤولية كبرى في أن يحافظ على قوامة ايمانه التي نمى وترعرع على فصول التدرج في حب الله وأنبياء ودينه الحنيف الذي جاء شاملا وافيا كافيا لما سعت اليه الأمم في فهم موجودات الحياة وطريقة عمل الكون كله وفق منظومة لا تتوقف عن التفاعل في الأرض والسماء ..وبهذا التميز الرباني في خلقه يزداد المؤمن ثباتا وحبا وتضحية حتى يبقى متألقا بنقاوة وصفاء سريرته.

لكن ما نلاحظه اليوم ويلاحظه من هو مهتم بأحداث آخر الزمان سيسجل تحرك قوى شريرة تريد اختراق النظام المتزن لقوامة المسلم عبر العالم كله ،وهنا على عقلاء الأمة البحث لايجاد مكانة راقية ومرموقة للتحصين الأخلاقي لكيان المسلم بآليات فطرية حتى لا يتأذى من أعداء الإسلام ،من يسعون ليل نهار لتقويض شعاع هذا الدين المكتمل الركائز والشروط من أجل وقف نهضة الأمم السائرة نحو التحول الإيجابي.

فالتحصين الأخلاقي بات اليوم هو الخلاص والحل والملاذ وسط فوضى الرداءة وتغول العادات الفاسدة التي لا تمت بصلة لديننا الحنيف وقد حذرنا الله تعالى من الانسياق خلف هذه المطبات التي تعادي أمر الله وحدوده ، ووجب الحذر من الخروقات وعبدة الشيطان الذين يتسللون وسط جماهير الشباب خاصة لنفث سمومهم و هو ما ترجمته حركاتهم الغريبة التي لا تمت لديننا الحنيف بأية علاقة ، ثم الجهود موجهة للنهوض حضاريا واقتصاديا واجتماعيا ولكن محاولات تعطيل حركة الانبعاث الحضاري موجودة وبأمر آمر.

لذلك وجب التحصين الأخلاقي الذي هو دعامة ووقاء للمسلم من أي انحراف بقاطرة تدينه وهو المطلوب اليوم بين حرية اختيار هذا التحصين التي يراها البعض حرية دخيلة ويمكن الأخذ بها في أوقات بغير أوقات أخرى ، وهناك من يراها أكثر من ضرورة في عصر يعج بالفتن والأكاذيب والنفاق وغياب القدوات المتزنة التي توكل لها مهمة القيادة والأخذ بأيدي الناس نحو بر الأمان لكيلا يتأثروا بهذا الطوفان المخيف لضرب القيم و المبادئ ، والحصن الوحيد هو القرآن الكريم وسنة نبيه ، فهما مرجعان لا يخلوان من تصحيح وجهات النظر والآراء والأقوال والفتاوي التي أحيانا تزيغ عن جادة الصواب.

ان التحصين الأخلاقي للمجتمع ينطلق من ذاتية كل فرد وخاصته في الالتزام بأن ينمي ملكاته الفكرية والايمانية بما يخدم عقيدته ويقوي التزامه الديني واعتصامه بحبل الله .

ففي هذا العصر بالذات سيكون التحصين الأخلاقي ضرورة حتمية ومجال الاختيار في ابداء الوعي والتحصن ضد أعداء الاستقامة سينتقل حتما من عتبة الاختيار الى عتبة التفاعل اللحظي في كل وقت ومكان ضد من يريدون تشويه سمعة الإسلام وابداله بأهواء وآراء ومواقف وقناعات دحضها القرآن الكريم في أكثر من موضع مصداقا لقوله تعالى :

" فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون" سورة الأعراف الآية 30.

باختصار شديد حين ، تكون هويتك وقيمك مهددة بالاختراق والمسخ واجب أن يتحصن المجتمع بلا خيار أو انتضار للوقت وللفرصة ،فكلما زاد التحصين بالقرآن والذكر والتسبيح و الاستغفار على مدار الوقت في اليوم كلما انطفأت جمرات الخبث والكيد والشر ...وعاد مُولعوها أدراجهم بخيبات ونكسات حين ارتطموا بجدار صلابة الايمان والوعي.