توغل العولمة في بلاد الإسلام والعرب - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

توغل العولمة في بلاد الإسلام والعرب

  نشر في 29 شتنبر 2023 .

توغل العولمة في بلاد الإسلام والعرب

**هيام فؤاد ضمرة**


لدول المغاربة والأندلس إسهام كبير وظاهر للعيان عبر التاريخ في رواج الثقافة العربية الإسلامية وتأثيرها الحضاري في فروع العلوم والآداب كلها، والتاريخ والجغرافيا والفلسفة والحساب وحركة الكواكب، وأعمال البحر، وصناعة السفن والمراكب، وفنون الإبحار، والتنبؤ والطب والصيدلة، بما فيها الفنون بأنواعها وأشكالها، وفن العمارة، وفرش المنازل والنسيج ونسج السجاد الفاخر والبسط والصناعات اليدوية كالفخار والزجاج والنحاس والفضة والحياكة والصياغة والصباغة، كل هذا في زمن الأقدمين الذين فاقوا بحضارتهم حضارة الغرب.

ويمكننا الاستدلال على علماء العرب الأفذاذ من خلال أعلامهم الكبار الذي خلفوا أثرهم العظيم إلى أن باتوا رموزاً تتصدر أسماءهم المكتبات والمحافل وكتب السرد التاريخي من أمثال ابن سينا والرازي وابن خلدون وابن عاشور وغيرهم قائمتهم تطول

ومن خلال المنارات العلمية التاريخية التي عرفت في أنحاء الأندلس كقرطبة بلاد المغرب والدار البيضاء ومراكش وفاس، وفي تونس القيروان وجامع الزيتونة وبغداد والبصرة في بلاد بين النهرين، والشام ومكة والمدينة وغيرها، كان لهم الأثر العظيم باراقاء الحضارة ووضع مدامكها الأصلية، فلعبوا وما زالوا يلعبون دورهم علميّا وثقافيا بصورة طلائعيّة في زمننا الحاضر، فأصبحوا مرجعيتنا في الكثير من العلوم مما أسهم في الوعي العام والمعرفة الإسلامية واللّغة العربية وآدابها على مستوى العالم العربي من مشرقه إلى مغربه، وأيضا في حوض البحر الأبيض المتوسّط .

يبقى العنصر العربي الإسلامي بخصوصيته العنصر الجوهري في تحديد الهويّة العربية من حيث فاعليته في تحريك كلّ أبعاد هوية الدولة المسلمة وجغرافيتها على مدى قرون مضت، ودورها في تأكيد هويتها بكونها جزء هام من حدود الدولة العربية المسلمة الكبرى.

فقد لعبت عوامل كثيرة ومتعددة في انتشار العولمة، وتدخلت أصابع للشر بطبيعتها الاستعمارية في زمننا الحديث، زمن العولمة في دفع العالم العربي من مغربه إلى مشرقه للتفكك والضعف والفقر، وعلى الأخص استهدفت دول شمال إفريقيا على غنى أراضيها بالمواد الخام واتساع رقعتها الجغرافية،

فاختزنت دول الاستعمار اللا إنسانية وحشيتها العجيبة في إطالة أنيابها الشيطانية، وبث سمومها من خلال أحاييلها الشيطانية لتستخرج نظامها الرأسمالي المعولم، بحيث تتلاعب برؤوس الأموال والتجارة والصناعة العالمية والحركة التجارية عبر الحدود وعبر القارات ومن ثم وضع قوانين دولية تحكم مشاكل هذا النوع من التجارة عبر الحدود.

لعبت البنوك الدولية دورها المسخ في السيطرة على قرارات الدول الفقيرة التي تلجأ للقروض والديون وفوائدها الضخمة مقابل عدم توفير مشاريع اقتصادية مدروسة توفر رصيدا فاعلا في سداد هذه الديون واستحقاقاتها، كأنما هي تقف لتلعب على عجلة البوكر في اختيار مواقع الضربات متحكمة بالحكومات والشعوب على حد سواء.

ليأتي في نهاية المطاف رئيس أمريكي من أقاصي الأرض عرف بالهوَج ليتعامل مع الجغرافيا العربية وكأنها مزرعة خاصة ورثها عن أجداده ليمنح ملكيتها لمن شاء بغير ما قانون يحكم هوَجه الدال على فقدان الأهلية العقلية والاتزان، فالذي تعامل به هذا الأهوج بالأراضي الفلسطينية مع صمت العرب، من المؤكد أنه لن يكون هناك ما يمنعه لأن يستثني أي بقعة أرض عربية، بدلالة تلك الألاعيب الجهنمية التي افتعلها أقرانه لتدمير ثلاثة دول عربية تدميرا كاملا العراق وسوريا وليبيا وأخيرا اليمن الذي بات أبعد ما يمكن عن السعادة التي عرفها شعبه في ماضيهم التليد.

تعرض الوطن العربي بكامله لآثار العولمة، الغنية منها والفقيرة ولم يسلم من آثارها قطر أو حكومة أو شعب، انهار الاقتصاد في شتى الدول وطال ارتفاع الأسعار كل شيء من مستلزمات العيش، حتى المواد الغذائية التي يعتمد عليها الفقير بعيشه، وانتشرت البطالة انتشار الهشيم في الحطب الجاف،

فموجة العولمة المتوحشة طالت غابة حياة البشر جميعهم، خاضها أصحاب فئة من أصحاب عقول تمرسوا بالشر، وانغمسوا في أسنه الكريه، فئة المتحكمون بحركة المال والاقتصاد والعلم وملوك المعلومة والإعلام بفروعه، والقوة العسكرية، والقوة المالية، إلى أن وصل العالم أمام جحافل العولمة إلى طرق مسدودة ليس هناك من حل شافي ممكن التعلق بأهدابه، وباتت حالة الانهيار كموجة ضخمة ترتفع إلى السماء لتغطي أكبر مساحة ممكنة من اليابسة، فاتسعت مساحات الضرر واختلت التوازنات السياسية والاقتصا دية والاجتماعية وبالتالي صارت الكثير من الدول تعيد حساباتها وتبحث عن مصدات تصد بها خطر عظم الموجة.

من ضمنها بلاد العرب بجناحيه الإفريقي والآسيوي، بدأ الجميع يبحث عن وسائل مكافحة العولمة وتحسين اقتصاد الدول من خلال وضع دراسات وأبحاث متقدمة بالقدر المتوفر.

فالتنبؤات كانت تتوقع وقوع الدول الأكثر فقرا في مصيدة العولمة، وعلى رأسهم مجتمع الإسلام في الدول العربية المسلمة، على وجه الخصوص الدول العربية خاصة تلك المحيطة بفلسطين المحتلة وما يجاورها، أو من يربطها بالروابط التاريخية المعروفة من جنس ولغة ودين وتاريخ وعلوم.

فقد ترتب على دول العرب أن تشرع في إرساء أنظمة جديدة بديلة تواجه بها الهجمة المتوحشة للعولمة المدمرة للتخفيف من تبعياتها.. إنما لأنه قد سبق السيف العذل، فإن الديون تراكمت على الدول العربية الصغيرة الفقيرة بمقدراتها الاقتصادية، والتي ما زال تعدادها ينمو بشكل مطرد سريع.

والمعروف المدرك أن مفهوم العولمة تزامن حضوره مع الثورة الحضارية الصناعية المنبعثة من بلاد الغرب، التي هي في أصل طبيعتها تحمل ثقافة الاستعمار، والسيطرة الكلية على الدول الضعيفة والفقيرة وسرقة مقدراتها بأي وسيلة ممكنة إن كان بالحرب أو بالحيلة أو بالخطط والمشاريع الاقتصادية المربحة.

بدأ الوعي متأخرا جدا في بلاد العرب والمسلمين، حيث وصل إليهم مفهوم التخطيط الاستراتيجي على المدى القريب والمدى البعيد، لإحداث التنمية المستدامة التي تبدوا كعملية البناء المتراكب الذكي، الذي يعتمد توفر الأيدي العاملة والمعرفة الجيدة والخبرة العميقة والعقل العامل، إنما كلما توفرت المعرفة لهذه الدول بحلول ايجابية كانت يد الشر المستعمرة تضع في طريقهم العراقيل لتظل خطاهم في دور التأسيس، فتحبط لهم أي خطط أثبتت نجاعتها، ومثال ذلك ما حصل في دول عربية اشتغلت على الاكتفاء الذاتي ورفضت الاستدانة من البنوك الدولية كمثل العراق وسوريا وليبيا، فقد استخدمت دول الاستعمار الشريرة أحاييلها الشيطانية لتجد مبررا لتحطيمها تماما لتعود مائة عام إلى الوراء على أقل تقدير، مستغلة فئة من أهل البلاد أوقعتهم في خطة فرق تسد الجهنمية، تلك اللعبة المعتادة لدول الشر التي تتقن لعبها لتتمكن من اختراق العمق الاستراتيجي للدول.

فهل من حل اليوم وهذه الدول غرقت بديونها وفوائد ديونها حتى ما عادت تستطيع فكاكا ولا سدادا، وأصبحت دول غائصة بالقاع البعيد، ما لم يمسك زمام قيادها رجل صاحب رؤية ثاقبة وضمير حي، يضع خطة محكمة تؤودي للنجاح السريع، مثال ذلك عدة دول نفذت فعلاً من فوهة الزجاجة بحكمة حكامها وصبرهم والتزامهم مبادئ الذمة والأمانة والإخلاص.. فهل من أمل؟




  • hiyam damra
    عضو هيئة إدارية في عدد من المنظمات المحلية والدولية
   نشر في 29 شتنبر 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم

















عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا