دائما نتمنى منذ الصغر أن نكبر، نصير بالابتدائيه فنحلم بالثانوية، نصير بالثانوية نحلم بالجامعة وأيامها وأحلامها نصير بالجامعة فنكبر مرة واحدة في فجوة لا أعلم متى حدث هذا.
نتخرج من الجامعة نبحث عن العمل وإذا بنا في داومة الحياة نكسب خبرات وخبرات نتعلم من هذا ونبحث عن ذلك في عالم أسرع ما يمكن، في وقت العمل نحلم بالأجازة فإذا ما وصلنالنهاية الأسبوع نشعر اننا بحاجة إلى هدنة نرتاح لنواصل الحياة ولكن متى كبرنا!
كل تلك المراحل هي السلسة الطبيعة التي يحيا بها بنو الإنسان ولكن لما الاستعجال على كل مرحلة هل نحن في سباق ونتمنى أن نصل إلى النهاية أو أن من يمر بتلك المراحل الأول سيحصل على الجائزة الكبرى والتي هي في الحقيقة الفقد.
ما يؤرق نومنا حاليا هي نقطة واحدة وهي ما جعلتني أدرك أنني كبرت " أن تلك الحارة التي نسكنها منذ الصغر لم أعد أسكن بها الأن، حتى عند عودتي إليها مرة أخرى تبدلت ملامح الشارع اختلفت شكل المنازل وأصبح الكل يتنافس على العلو فاختنق الشارع، لا أنكر تلك الوحشة التي شعرت بها بداخلي ولكن اذا استعدنا الأماكن من يعيد الرفاق؟
مررت ببيت صديقتي فلم تعد هناك انتقلت إلى مكان آخر حيث زوجها والمنزل كل سكانه اختلفوا، بيت الجدة اختلف لم يعد كما كان أظلم ولم يعد بابه علي مصراعيه لأنها رحلت إلى الرفيق الأعلى فحيث تدب الحركة والنشاط ورائحة الخبز واللحم من الفرن البلدي ورائحة البطاطا المشوية التي تزغزغ كل من مر بها لم تعد موجودة فقط الرماد وبعض التراب، وجودها كان يضئ المكان ضحكتها في كل مكان ولكن كانت وكان فعل ماضي.
الجدات تركوا لنا الحياة ورحلوا ما أعرفه حاليا أن كل الكبار اما يعانين من المرض يا اما انتقلنا إلى السماء حيث النهاية نحن كبرنا بمرور الأيام التي ابتلعنها .
أتمنى أن أعود صغيرة أنعم بالهدوء ووجود الجدات، أتمنى أن تبقى أمي بصحتها ولا تكبر أتمنى ألا أكبر لاني أعلم أن القادم ما هو إلا فقد كبير وإعمار أكبر وحياة مختلفة أتمنى أن يتوقف الزمن لأني أخشى الفقد والفقد سيكون صعب واني على إدراك بالقادم لأنها سنة الله في الأرض فلا نملك سوا أن نرسل دعواتنا للسماء وندعو بالصحة والعافية لأهلنا لأنه مقدر مسبقا أننا سنلتقي مرة أخرى حيث لا فناء.