في يونيو 1967, إحتل الكيان الصهيوني مدينة القدس و دخلوا المسجد الأقصى ( أو جبل الهيكل كما يطلقون عليه ) , و رغم قيامهم بعشرات الإقتحامات لباحات المسجد الشريف و منعهم المصلين ( خاصة الشباب ) من دخوله و القيام بحفريات تحته إلا أن الإحتلال لم يجرؤ على هدم المسجد و بناء هيكلهم المزعوم ( الهيكل الثالث ) , فلماذا لم يهدموا الأقصى ؟!

• الدخول للأقصى حرام

مع أن السعي إلى بناء الهيكل مجددا يعتبر واجبا على كل يهودي، خاصة في المذاهب اليهودية الأرثودوكسية، يختلف اليهود على شرعية السعي إلى بنائه عمليا. حيث يشير الرأي الشائع لدى الحاخامين اليهود إلى واجب كل يهودي أن يصلي من أجل بناء الهيكل الثالث ولكنه من المحظور القيام بأعمال لبنائه وحتى يحظر أغلبية الحاخامين الزيارة إلى جبل الهيكل، أي الحرم القدسي، لاعتبارها خرقا لقدسية المكان .

وفي مقابلة لصحيفة معاريف الإسرائيلية مع الحاخام شموئيل ربينوفيتش عن محُاولات اليهود للدخول إلى ساحات الأقصى في ذكرى خراب الهيكل (9 أغسطس) قال من جهته: “يجب علينا العمل ضد دخول اليهود إلى منطقة جبل الهيكل – الأقصى–”، وأكد أنه لا يكفي السكوت عن هذا، بل إنه لا بُد من القيام بخطوات فعلية ضد هذا الأمر.

• مكان الهيكل غير معلوم

رغم إيمان جميع اليهود بوجود ما يسمى ( هيكل سليمان ) و أنه قد تم بناؤه مرتين و تدميره في المرتين و سيتم بناؤه مرة ثالثة في المستقبل , إلا أن الطوائف اليهودية تختلف حول مكان الهيكل .

فاليهود السامريون يعتقدون انه بني على جبل "جرزيم" في مدينة نابلس، ويستدلون على ذلك بسفر التثنية ( أحد أسفار التوراة الخمسة ) , أما اليهود المعاصرون من الحاخامات والعلماء الباحثين، وخاصة القادمين من أمريكا وبريطانيا "الإشكناز" فهم يعتقدون أن هيكل سليمان تحت الحرم القدسي، ولكنهم مختلفون فيما بينهم في تحديد مكان الهيكل، فمنهم من يزعم انه تحت المسجد الأقصى، و من يزعم أنه تحت قبة الصخرة، و من يزعم أنه خارج منطقة الحرم، و من يزعم انه على قمة الألواح وهي في منطقة الحرم بعيدا عن المسجدين.

جدير بالذكر : أن الحفريات التي أجراها العلماء اليهود تحت الحرم القدسي لم يتم العثور فيها على ما يثبت إدّعاءات اليهود بوجود الهيكل المزعوم في هذه المنطقة .

• ظهور البقرة الحمراء

يرى اليهود أنهم نجس لأنهم قد خالفوا أوامر الرب و هو ما تسبب في طرد آبائهم من بيت المقدس قديما و تدمير الهيكلين الأول و الثاني , و لذلك فهم يرون عدم جواز دخولهم الأقصى إلا بعد أن يتطهّروا من الخطيئة.

لذلك فإن من المعتقدات اليهودية الراسخة، أن هناك بقرة حمراء مقدسة منتظرة، ظهورها سيؤدى الى إعادة بناء هيكل سليمان وهدم الأقصى، وسيتم بعد ذلك حرقها والتطهر برمادها من الخطيئة. ويعد ظهور هذه البقرة الحمراء حسب المعتقدات اليهودية، على قرب ظهور المسيح المخلص.

• تعويد المسلمين على إهانة الأقصى

عندما تم حرق المسجد الأقصى عام 1969 نشبت المظاهرات الغاضبة في جميع البلاد الإسلاميه, بينما عندما إقتحمت قوات الإحتلال المسجد الأقصى خلال أسبوعنا هذا و دمروا محتوياته و إعتقلوا النساء لم تخرج سوى مظاهرات قليلة على إستحياء في عدد من العواصم الإسلاميه و إكتفى القادة المسلمون بالشجب و الإدانه كالعادة .

هذه المقارنة البسطية توضّح لنا لماذا لم يهدم الإحتلال الأقصى بعد إحتلال القدس لأنهم لو كانوا فعلوا ذلك لغضب العرب غضبة شديدة و كان من الممكن أن تنشب حربا , أما الآن فقد إعتاد المسلمون على الإقتحامات المتكررة للأقصى فلم تعد تتحرّك مشاعرهم و ضمائرهم لما يحدث في الأقصى , لقد إعتدنا إهانة الأقصى .

و إذا نظرنا للأمر نظرة عامة سنجد أن اليهود ينتظرون بقرة حمراء و ظهور علامة تحدد لهم مكان الهيكل بدقة و كيفية بنائه , لكنهم خلال إنتظارهم هذا يستمرون في الإستعداد لهذه اللحظات الفارقة فهم يخلون المدينة المقدسة من سكانها الفلسطينيين الأصليين و يقومون بتغيير أسماء المناطق من العربية للعبرية و يهدمون المناطق الفلسطينية مثل باب المغاربة و يقومون بالحفريات أسفل الأقصى لعلهم يجدون ما يثبت صحة إدّعاءاتهم و لعل الأقصى يسقط بسببها , فماذا فعلنا نحن بالمقابل حتى نحافظ على القدس العربية و الأقصى ؟!