انقطع عُقد العمر وانفلتت حباته:
أفقت من إغماءة دامت لثلاثين عامًا تقريبًا!
وجدتني شخصاً آخر غير الذي كنته.
تحسست وجهي لأتعرف على ملامحي، فقد كنت في عجلة من أمري لأعرفني، ولم انتظر أن أنظر في المرآة.. لم أجدني، صرت شابًا مقبلًا على الثلاثين! لم تكن كثرة السنين مفاجأتي، بل ماذا فعلت فيها.
جربتني.. فكيف سأعرف طباعي؟
تصادمت مع أول شخص قابلته في طريقي، تعمدت ذلك.. وجدتني وانا أعرف أنه بريء وأنا المخطئ، أتعصب لأجلي وأجل كبريائي.. لا لا، لم أعد ذاك الطفل الذي كنته أبدًا.
سلوكي هو الآخر..
سمعت آذان، لبيته مرة وتغاضيت عنه مرات.. وكذلك مع والديً.. وكذلك مع معارفي.. وكذلك مع نفسي.. بت مضطربًا وتهت عني. منغلق انطوائي تارة.. منفتح اجتماعي تارة.. تهزني مأساة أحدهم فأتألم لأجله وتزيدني أخرى ابتسام.. ابتسامة باردة كأنها الشماتة في عدو توالت عليه المصائب.
أتذكر أنني كنت حالمًا يوم ما..
لاحظت أني نسيت الكثير من أحلامي
تناسيت بعضًا من أمنياتي
تنازلت عن الكثير من طموحي
رضيت بالذي أكونه وقتما يشاء لي القدر أن أكونه! رضيت أن أكون دمية في يد الزمان.. لم يكن استسلام.. كان غباء.
بعد إفاقتي من إغماءتي.. التقطت قلمًا وورقة ودونت..
انقطع عُقد العمر وانفلتت حباته..
ووهمت نفسي أنني كنت غائبًا عن الوعي.
كذبت عليّ، ولأثبت صدق أوهامي، كتبت.
وما كانت كتابتي، وكذبتي، وأوهامي، إلّا ندم على ما يقارب الثلاثين عامًا، قضيتها، أو هي التي قضت عليّ!
كانت إغماءة غاشمة.. وياليتني أتعلم.
فمَن يدري، إن كان مقدر لي قضاء ثلاثون أخرى، سأنتبه كي لا أغيب عن الوعي، وأهدر سنواتي هباء، أم لا؟!.