قال الله تعالى : إن الله يأمر بالعدل و الإحسان ". و دعم بقوله : " كونوا قوامين بالقسط ولو على أنفسكم " صدق الله العظيم.

هذا هو المنهج القرآني الحكيم في الدعوة إلى العدل .

العدل أساس العمران : لقد أصاب العلامة التونسي عبد الرحمان بن خلدون في قراءته المتميزة و الجدلية في فهم حقيقة العمران البشري فأدرك بعقله النقدي الخلاق أسباب قوة الدولة و انهيارها فكان بحق مرجعا أساسيا حين سبق أفذاذ الفكر الكوني في ربط الجدلية التاريخية ، إن العدل في فهمه مزيج بين السياسي والقضائي و بهما يتحقق الاستقرار والنمو. إنها الثوابت المتداخلة و المتشابكة إن إختل أحدهما أصيب المجتمع بالسهر و الحمى و الفوضى و ضاعت هيبة الدولة و هو ما عاشه شعبنا بعد ثورته أو انتفاضته.

هذا شاهد قطعي يدعم ما سبق و يبدو لي أن حكامنا الجدد لم يطلعوا على مرجعيات الماضي أو يتجاهلوا هدفهم : الغنيمة و لا غير . إن المتتبع لوضع البلاد الحالي و تجاذباته السياسية يدرك خطر الموقف و المستقبل المجهول الآتي مني. متى يفيق الساسة قبل كارثة لا قدر الله ؟ حبا في الوطن و خوفا من الله على هذا الشعب : الأمانة في رقابهم . إن السعي إلى الكراسي و لا غير يشكك في صدق النوايا و المحصاصات الحزبية يثير مزيدا من الخوف لعل التغيير الوزاري المفقود المنشود الموعود باعث على الصدمة آخر التصريحات التي لفتت انتباهي " وزير يهودي في الحكومة" تأرجح الخبر بين الإقرار و النفي و بالعودة إلى التاريخ السياسي التونسي المعاصر نجد أن أول حكومة بعد الاستقلال قد تشكلت بوزير يهودي للصحة و هذا تشريك للأقلية من يهود تونس أبناء الوطن و الأقدم تاريخيا.

إن إقصاء الأقلية اليهودية التونسية في ممارسة الحكم و المشاركة في صياغة القرار الوطني في نظري نوع من التطرف و العنف السياسي ، ليس من أخلاق التونسيين الذين تربوا على التسامح الديني حفاظا على النسيج المجتمعي إذ يمكن القول إن الاعتدال والتسامح أصبحا في الشخصية التونسية قيمة اجتماعية راقية و التعايش التعددي ضروري و تماسكه منهجا ثابتا يستوعب حركة التاريخ و يغلق أبواب الفتن ، إن تعيين وزير يهودي تونسي من شأنه إن يطفو بالبلاد إلى أعلى المراتب و من شأنه أن يطفو بالبلاد تزدهر بشيئين اثنين لا ثالث لهما : السياحة و الفلاحة و هما مستقبل البلاد.

أما عالم السياسة التي أجهلها فهي من سقيفة بني ساعدة مكر و خداع و تاريخنا السياسي مكر و خداع و الواجب اليوم فهمه و اخذ العبرة من ماضي قالوا عصر ذهبي تليد . أرجو أن لا يعود معاوية و الحجاج و عبد الله بن سلول .

الشاعر القيرواني : محمد الشّابي

Email : mohamedchebbi581@yahoo.com