لا شك أن البيئة الأجتماعية لها تأثير كبير على الأفراد والجماعات ، ولا يمكن لأحد انكار ذلك . نكتسب مفاهيم وعادات وانماط حياة تشكلت من واقع هذه البيئة التي تحيط بنا ونعيش فيها ، نلتزم بها في حياتنا ولا نحيد عنها لأنها أصبحت جزء منا بمرور الزمن ، لكن حين يتحصل الفرد منا على المعرفة اللازمة لكي يمتلك القدرة على النقد والتحليل لكل ما يحيط به ، فيقوم عقله بتحليل ونقد تلك المفاهيم والعادات ، هنا ينشأ الصراع الداخلي حين يتبين له الكثير من تلك المفاهيم والعادات مغلوطة ، أو يشوبها الكثير من الأخطاء .
يحتدم الصراع الداخلي حين يبدأ الفرد منا في هدم ، أو تغيير تلك الأخطاء ومحاولته تصحيحها داخل البيئة التي اكسبته اياها . ويترجم عملية التغيير والتصحيح في صورة أفعال وسلوك داخل نفس المجتمع ، وتغليب العقل الذي اكتسب المعرفة وابقائه في حضور دائم ، لكي يكون على المسار الصحيح ، فحين يغيب تطفو على السطح تلك التأثيرات العالقة والمنطبعة بداخله ، بكل ما فيها من اخطار ، سواء على الناحية الفكرية أو على السلوك وهنا يغلب على الفرد الشعور بالتناقض ، لأنه رغم امتلاكه للمعرفة يأتي بسلوك مخالف لها !.
الشعور بعدم الرضى عن النفس تصاحب أو تكون نتيجة للشعور بالتناقض . ويلح سؤال: بشكوك حول القدرة على التفريق بين السلوك الذي يحمل الموروثات القديمة والمكتسبة من عادات ومفاهيم خاطئة وبين معرفة حقيقية تحمل موروثات جديدة تعالج كل الأخطاء القديمة . فالكثير من العادات والمفاهيم قد اكتسبت قدسية من الناس ، وفي بعض الاحيان تفوق قدسيتها قدسية الدين ، ولا يشعرون بحرج من مخالفة تعاليم الدين في سبيل الحفاظ على الموروث القديم من تلك العادات ! .
وقد ينشأ صراع أخر بين الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه لرفضه مفاهيمهم وعاداتهم القديمة ، وعدم محاولاتهم الحصول على المعرفة التي تحصل عليها ، يحتدم الصراع بينهم . لكن في الحقيقة تكون المعركة الحقيقية مع النفس ، نيرانها ما تزال مشتعلة في الداخل ، لا يراها غيرك ، والمحاولات المستميتة منك في السيطرة عليها والنصر فيها . ذلك هو التحدي الحقيقي لك .