الوهم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الوهم

الوهم المُطلق

  نشر في 11 أكتوبر 2015 .

ينخرط المُفكرون و الفلاسفة طوال حياتهم بحثاً عن معنى مفهوم لتلك الحياة .. فيقضون أعمارهم بين الشك واللايقين .. و يموتوا وهم يبحثون عن حقيقة مُطلقة .. ولكن أيوجد شئ مُطلق هُنا ؟

- قال الغزالى رحمه الله أن الحياة حُلم كبير ولم نصحوا منه بعد .. وان الحياة ليست حقيقية بالمرة ، بينما آمن ديكارت أن تلك الحياة مشكوك فى أمرها .. و انها حُلم اختلقته حواسه ! .

.. أنخرِطُ أنا فى أوهام الحياة .. تلك التى تُشقينى ..

____________________________________

الزمان : فى امتحانات منتصف العالم الدراسى ، حيث ينتقل الطلبة من درسٍ لآخر بحثاً عن كمٍ من المعلومات كى يُتِموا حفظها ليسكبوها داخل ورقة إمتحان بلهاءَ تُحدد مصيرهم ..

المكان : فى ميدان هليوبوليس ( أكثر ميادين مصر الجديدة إزدحاماً ) .

الحدث : خرجتُ من امتحان الأحياء هائمةً على وجهى .. لا أدرى ما مصير الكلمات التى كتبتها و كم فقدتُ من الدرجات بسبب إهمالى و عدم إهتمامى بالدراسة .. إنطلقتُ لحضور درس الكيمياء .. ذاك الدرس الذى يتعلق نجاحى فى الإمتحان بمدى إعارتى له من انتباه .. وبعد ثلاث ساعاتٍ مُملة لم أفهم فيها كلمةً مما قالها ذاك المُعلم ثقيل الظل ، خرجتُ مع صديقة لى واتجهنا كل واحدةٍ إلى منزلها ، كان يفصلُ بين منزلى و منزلها ميدان يُدعى " هليوبوليس " ذاك الميدان الذى يَعُجُ بالبشر .. ومع أول خطوة وطأتها قدمى داخل المنزل .. تذكرت أنى نسيت اوراق المراجعة مع زميلتى فى حقيبتها ، ذلك لأنى أكره حمل الحقائب .. تُشعرنى أنى مقيدة بها ! ، هاتفتُها سريعاً .. واتفقنا على ان نلتقى بعد خمس دقائق فى ميدان هليوبوليس ، وقفت انتظرها .. مرّت عشر دقائق ولم تأتى ، كم أكره تضييع الوقت ذاك !! ألا تعلم تلك الفتاة أن الوقت المتبقى على امتحان الغد لا يتعدى العشر ساعات .. وأنى لم افتح تلك المادة من أول العام !

وقفت انتظرها وقد زادت حِدة أشعة الشمس فوق رأسى .. وعَلَت أصوات زامور السيارات البغيضة ، شعرت ان الاصوات تداخلت ببعضها .. فقدت الشعور بالزمان و المكان وقفَزت إلى ذهنى عبارة غيرت مسار حياتى .. " كل دا مُجرد وهم ! "

أغمضت عينى بشدة .. وأخذت الأسئلة تتدافع بداخل رأسى الصغير " ماذا لو كان كل شئ مجرد وهم ؟ وماذا يعنى الوهم ؟ و ما الغاية من وجودى إذا !؟" لا أتذكر كم من الدقائق مرت وانا على تلك الحالة .. لم أنتبه و أعُد إلى الواقع – الذى لم أعد أؤمن اليوم انه حقيقة – إلا على صوت رنات هاتفى المتلاحقة ، كانت تلك الفتاة قد حاولت الإتصال بى عِدة مرات .. أجبتُها .. أخبرتنى بشئ من الغضب أنها انتظرتنى طويلا .. إعتذرت منها و عدت إلى المنزل .. و كعادة منزلى الصغير .. وجدته خاليا فى ذاك الوقت من النهار .. فكُل قد انهمك فى عمله وانا وحدى بالمنزل ككل يوم .. هاجمتنى الأفكار بشدة .. وبدأت رحلة اللايقين فى مراوغتى ..

-ماذا لو كان كل ما اراه فى حياتى ما هو إلا وهم اختلقته حواسى ؟ .. دعنى أُخبرك ماذا يعنى هذا الكلام ..

ما أعتقده الآن  هو أن كل شئ وهم .. نحن البشر نستخدم كل المعانى و المفردات و لاندرى ماهيتها ولا حقيقتها ، ثم ماهو معنى الحقيقة أصلا ؟؟؟

كمثال :-

الزمن هو أكبر الألغاز التى تُحاصر الفيزيائيين اليوم .. يقولون أن الزمن وهم ، فنحن نتعامل معه من خلال أداة اخترعناها و أطلقنا عليها " الساعة " ، قسمنا الزمن إلى ماضى و حاضر و مستقبل .. لكن الحقيقة هى أن الماضى هو الحاضر هو المستقبل ، كلهم واحد ولكن إحساسنا او إدراكنا بالزمن هو الذى يختلف ، نحنُ نتعامل هنا على كوكب الأرض مع الزمن بالساعة الأرضية ، اى ان اليوم 24 ساعة و السنة 365 يوم و ربع .. ولكن إذا كنا على كوكب آخر لاختلفت مقاييسنا طبقا لسرعة دوران هذا الكوكب .. إذا نحنُ لا نقيس الزمن .. ولكن نقيس الوقت البشرى ونحن لا ندرى ما هو الزمن أصلا ..

و كذلك هى الحقيقة .. مثل الزمن تماما .. إن سألتُك ما هى الحقيقة ؟ او ماذا تعنى الحقيقة ؟؟ .. هى مفهوم نتعامل معه ولا ندرك ماهيته .. نطلق على شئ ما "حقيقة" إذا كان إيماننا به مُطلق .. ولا يوجد شئٌ مُطلق فى هذهِ الدنيا ..

* الله هو الحقيقة الوحيدة المطلقة التى أُسَلِم بها ، وعندما ذكرتُ أنه لا شئ مُطلق .. فانا أعنى بذلك ما هو موجود فى الحياة من أشياء ، وتعالى الله الحق عن تلك الأشياء التافهة الدنيوية *

فكرتُ أن كل الأشياء أوهام .. حتى المشاعر اوهام .. الشعور بالجوع .. وهم .. الشعور بالحب.. وهم .. كل شئ .. نتوهم بأننا بحاجة إليه كى نُشبِعَ الوهم بوهمٍ آخر .

و الآن بعد كل تلك الاوهام .. أدركت أن البشر ايضا اوهام .. أى انهم جميعا مُتواجدون كى يُشعِرونى انهم حقيقة وانى أحيا فى دنيا حقيقية .. كل شئ يدور حولى .. التطور ، العلم ، العالم .. ما هو إلا وهمٌ تراه عينى كى أظن أنه حقيقة و انخرط فيه و أبذل عمرى فى سبيل رضا الأوهام .. و أنا أيضا مجرد وهم يسير كوهمٍ لشخص آخر لإقناعه بأنى حقيقة ..

مثلا فلنقل أنى صديقة لك أيها القارئ .. أنت بالنسبة لى وهمٌ وُجِدَ كى تتعامل معى بشخصيتك كى أتعلم منك ، لكنك لست بحقيقة .. انت مجرد درس فى حياتى الوهمية يجب علىّ أن اتعايش معك .. و إلا ستقول أنى غير عاقلة لإنى إذا أخبرتُك أنى أراك لست حقيقياً ستظن أنى لدىَّ خللٌ فى قواى العقلية !

كذلك أنا .. مجرد وهم فى حياتك .. تتعامل معه كى تستطيع الحياة .. لأنك لن تحيا بدون أوهام .. انا مجرد درس فى حياتك يُريد إقناعك بأنك حقيقة .. !

مُتأكدةٌ أنا أنك الآن تتساءل .. ماهو دليلى على هذا الهُراء ؟!

-دعنى اُخبِرُكَ بكل ثِقةٍ أنى لن أٌثبت لك هذا الكلام أبدا .. لأنك وهمٌ فى عالمى .. أيقتنع الوهم أنه وهم ؟؟؟ .. ثم ما هو عالمى ؟؟

عالمى هو وهمٌ كبير استطاع أن يقنع أوهام كثيرة بنفس المعتقدات .. عالمى ملئ بالحروب و فيه البشر مُهانون مثلا ولا عدل فيه ..

أما إذا نظرنا لعالم أفلاطون .. ذاك المثالى صاحب الدولة المثالية .. تُفَسّر آراءَهُ اليوم على أنه كان يتمنى أن تُصبح دولته مثالية .. فحمل قلمه و كتب مواصفات الدولة المثالية ..

أما عنّى .. فأرى أفلاطون أنه كان يحىَ فى عالم آخر .. او بمعنى أصح .. فى وهمٍ آخر .. فيه دولة مثالية فعلا ، و بصفته فيلسوف .. كتب مواصفات دولته ! .

هكذا كل شخص مِنّا يحى فى عالم خاص به ، لن يتمكن أبداً من الإفصاح عنه لغيره .. لماذا ؟

على سبيل تصغير المثال :-

أنت ترى التفاحة لونها أحمر .. انا أراها خضراء نسبةً لمقاييسك .. أقصد نسبةً لعينيك أنت ، لكنى أقول عليها حمراء مثلك .. ما دليلك على أن اللون الاحمر الذى أراه هو نفسه الأحمر الذى تراه ؟ لا يوجد شئ يُثبِت ان تفسير الدماغ للألوان او الروائح او الاطعم او اى شئ واحد !

و هكذا .. لا يوجد شخص يستطيع أن يُثبت أنه يحىَ فى عالم غير الذى يحىَ فيه شخص آخر .. لإنه و بكل بساطة : مفهومنا و نظرتنا لها نفس المصطلحات و لكن المعانى تختلف .

____________________________________________________________________________

الزمان : فى أجازة منتصف العالم الدراسى

المكان :على طريق مصر إسماعيللية الصحراوى

الحدث : خرجتُ مع أخى ليلاً للحاق بباقى العائلة ، حيثُ أنهم قد سبقونا إلى منزلنا الآخر فى مدينة الشروق .. جلسنا فى السيارة و انطلقنا .. و إذ بمؤشِّر الوقود يُنذر بأنه قد قارب على النفاذ ، توقفنا عندَ اول محطة وقود قابلتنا ، وظهر شاب فى نفس سِن أخى

قال الشاب : " تحب امسحلك العربية يا باشا ؟ "

رد أخى : " لا شكراً ربنا يخليك "

و لكن الشاب أكمل ما بدأه و كأنه لم يسمع كلمةً مما قالها أخى للتو و شرع فى مسح زجاج السيارة ..

حينها عادت أفكارى التى وصفتها ب " المعتوهة " تُهاجِمُ رأسى من جديد .. ، نظرت إلى الشاب و من ثم إلى أخى .. و تخيلت تبادُل الأدوار بينهما .. ماذا لوكان أخى مكان ذاك الشاب ؟ .. ماذا لوكان هو بحاجة ماسة لتلك الجنيهات المُلقاة فى خزانة السيارة ؟ .. حينها فكّرتُ فى ظلم الحياة و أن هذا ليس عدلاً .. الشابان فى نفس السن ولكن ذاك وُلِدَ و لديه أب له القدرة على توفير السيارة و الحالة الإجتماعية الجيدة ، أما الآخر فلا ! ..فكرتُ ماذا لو أن ذاك الشاب كان يوجد منه اثنين ؟؟

من المؤكد أن هناك فى عالم وهمى آخر يوجد نُسخة أُخرى من ذاك الشاب معه الاموال و يمتطى السيارة .. هكذا تكون الدنيا عادلة ، يجب ان يكون هناك وجهٌ آخر لذاك الشاب قد أكرمه الله و رزقه .. ولكن الوجهان من نفس الشاب لن يلتقيا ابدا .. هكذا يتحقق التكافؤ ! .

لما انخرطُ فى التفكير .. تذكرت أمر نظرية الاكوان المتعددة و العوالم المتوازية .. تذكرت أيضاً أنى قُلت أن العالِم صاحب تلك النظرية شخص مجنون !! .. لا عجبَ إذا إن اعتقدتَ انت ابدا انى شخص فقد عقله .

بدأت مشاكلى الحقيقية حينما بدأتُ أتصرف على اساس هذا التفكير .. صرت اتعامل مع البشر و مع كل شئ على انه وهم .. لم أعُد اُعير أحداً أىُ اهتمام .. أأُعير الأوهام اهتماماً؟؟!

( الأوهام تغضب ، تضحك ، تتشاجر ، تصنع ،تبنى و تهدم .. و الغبى هو من ينخرط فى افعال الاوهام و يضيع حياته تائها بين ما تفعله الاوهام .. )

-حينما أجلس انا و نفسى نتحدث تدور بيننا حوارات.. كان آخرها ذاك :-

- ماذا عن حياتِك  ؟

= تَعبت .. تُجبِرنى الأوهام على مُجاراة وهم أنهكنى ..

-فى سبيل من ؟

= فى سبيل رِضا اوهامٍ اختَلَقتها أوهامٌ جبارة .. وانا التى لا تُجبَرُ ..

-ولما رفضتِ ؟؟

= قُتِلت !! قتلتنى الاوهام !! .

الروتين و العادات و كل ما ألزمنا ال هى مُجرد اوهام صنعها مجتمع وهمّى أحيا فيه ولا أؤمن به .. وضعَ قواعد و مبادئ و علىَّ أن اتبعها كى ترضى عنى الاوهام الكبيرة ، ولكن لا .. لن تتحكم الاوهام فى .. ستكون تلك الأشياء الروتينية هى الجانب الضئيل من حياتى الوهمية .. اما الجانب الأعظم فهو الذى جُلِبتُ هُنا من أجله .. وذاك سأحتفظ به لنفسى ولن أُخبرُك إياه.. عليك ان تبحث عن غاية عُظمى تحيا من أجلها ، و إن أردت نصيحتى .. إجعل تلك الغاية هى نصرة قضية وهمية تؤرِقُكَ جداً .. انتصر على أوهامك .. انتصر على نفسك .. أتُغضِبُكَ أوهام ؟!

ستكون أحمق من الدرجة الأولى إذا سمحت لأوهامٍ باليةٍ تتحكم بك و بوقتك .. تحكم انت بها ..انتصر .. فانت إنسان مُفكِّر .. أنت حُر لا تُقيدُك أوهامٌ آمنتَ أنت بأنها حقيقة .. تحرر .. تحرر و ابحث عن روحك الضائعة .



  • 3

   نشر في 11 أكتوبر 2015 .

التعليقات

Ahmad Morad منذ 9 سنة
حضرتك تلعبين لعبة نشر الإلحاد بطريقة غير مباشرة . قرات نفس الكلام بمنتدى الملحدين من سنة تقريبا .
من ناحية الوهم و هالكلام الفاضي مثل فيلم
Matrix
هو اسلوبك للهرب من فشلك في اختباراتك . بدلا من تحمل المسؤولية عقلك يتخيل وجود واقع آخر تكونين فيه في حال افضل و مجتهدة و متفوقة . حضرتك مع احترامي تحتاجين لطبيب نفسي .
من ناحية الزمن كلامك خطا .. العلماء لا يقولون وهم بالمعنى الذي تخيتليه حضرتك . قالوا ادراكنا له وهم يعني ادراك خطا .
لان الزمن مستمر و الزمن ليس ساعة على يدك . الزمن مستمر كخط مستقيم و له بداية بدء الإنفجار العظيم و له نهاية و هي يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ..
بس نصيحة لاتحاولي تنشري هالأفكار الإلحادية امام الناس . متل ما قلت لك قراتها اكتر من مرة كيف بيحاولوا ينشروا افكارهم حتى يلعبوا بالشباب بس بطريقة غير مباشرة طبعا متل ما حضرتك بتعملي .
في صفحة على الفيس اسمها . حقيقة الملحدين و العلمانيين العرب . كاشفة كل الأمور . إن شاء الله ما تكوني منهم .
...
نصيحة اخيرة ضعي هدف لحياتك و تحركي نحوه دون خلق مبررات لفشلك . بالتوفيق و الله يهدينا جميعا .
و على فكرة هنالك عالم آخر و هو الدار الأآخرة حيث الفقير سياخذ حقه من الغني فانت محقة من هذه الناحية
,,,
و انت كذبت للأسف لما قلت تعتقدين انك تعيشين في وهم . طيب لماذا تضيعين وقتك في كتابة المقال هنا للأوهام ؟؟؟ ستقولين اريد ان اوقظكم لتدركوا انكم وهم . طيب معليش اسمحي لي اقولك اتركينا في حالنا يا اختي
و كما قلت لك دكتور نفسي و الله ليس عيب . عندنا في مشفى الدمرداش ممكن ان انصحك بأسماء بعض الاطباء النفسيين . و الله هناك الكثير من الحالات تشبه حالتك فالعلاج ممكن .
0

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا