فوارق التفكير في المجتمع المدني الخلل وافتراضية التصحيح - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

فوارق التفكير في المجتمع المدني الخلل وافتراضية التصحيح

سميرة بيطام

  نشر في 01 نونبر 2022 .

في عصر نشهد ملامحه الأخيرة بنوع من الترقب والحذر لما يحيط بنا من متغيرات بيئية وسياسية و اقتصادية بل ملحمية خفية لم تصدع بصوت الحرب القوي بعد ،نكاد يجزم أغلبيتنا أن ثمة أمر قادم لا محالة سيحدث ،لانعرف تحديدا ما هو ولا مصده ولا كيف ولكن جميع الارهاصات تقول ذلك وما نحن سوى مراقبين من مواقعنا البسيطة التي لا نملك فيها الزاد الكافي لتحليل دائرة المحيط العالمي برمته لا لأننا نفتقد لمنهجية التحليل ولا الى المعلومات الكافية ولكن لأن ضبابية تسود المشهد الآن.

دول عظمى تريد أن تسيطر وتتفوق وتنال قسطها من الريادة بحسب ما هو متاح لها من ذخيرة العلم و السلاح والطاقة والفلاحة والثروة المائية، لكن هذا ليس كافيا ولن يكون كذلك ،لأن ما هو مطلوب وبالعودة لقرآننا الكريم هو القيام بتصحيحات للمسار، نعم للمسار ،فمن رسمه يكون قد ضحى بالبعض لتصدق معه النتائج وربما اختار أصعب الخطط ليصل للهدف دون اخفاق، لكن المساعي الحقيقية في اصلاح الانسان وتقويم سلوكه هي ضئيلة يمكن القول أنها منعدمة لأنها تكلف الوقت والجهد و التضحية للظفر بنسبة معينة من النتائج ،لكن المبادرات ضئيلة وليست كافية على الاطلاق ،وعليه فالانطلاق في مواكبة صراخ الحرب للتموقع الممتاز قد يكلف ذلك الكثير والكثير في ظل بقاء العقل العربي كما هو لا يُقبل بنفسه على تحرير نفسه بأبجديات التغيير التي تناسب هويته وقوامته الإنسانية، فالتبعية باقية وهذا بحد ذاته يشكل خطرا على عملية الانعتاق من بوتقة المستعمر وفكره الهدام، لأن الإرادة المخططة ولا أقول المفكرة اختارت لها مزيدا من الوقت لتحضير الجو الملائم للتغيير الحقيقي سواء في المناصب أو في أطر البناء الصحيحة ، وكل ما هو واقع حاليا مجرد تجريب لنظريات وأفكار لا تتماشى مع طبيعة الرهان العالمي المطروح أمامنا وبأقل الخيارات..فأقلها أدومها وأنجحها.

طبعا لن نحلل الواقع العالمي بنظرة جيوسياسية، فلها روادها ولكن بنظرة ناقدة وفاحصة في آن واحد للتفكير البشري لأن أصحاب هذا التفكير سيساهمون في عملية البناء الحديثة وعليه سيعللون الغياب أن الأمر لا يعنيهم وأنهم ألفوا العيش بمحدودية الإمكانيات التي تحقق لهم اكتفاء يوميا من الغذاء والنوم و الطاقة.

لا يحق لنا في هذا المقام أن ننتقد لمجرد النقد ولا نقدم بديل، بل ما يمكن تقديمه كمساهمة بسيطة لواقع معاش هو أن نكتب ما نلاحظه بواقعية ومصداقية دون أن نخلط الحابل بالنابل ،فيكفي أن الوضع الحالي حساس لأن النتائج ليست مضمونة بعد وليس كل ما تم الرصد له مباح تحقيقه في ظل تضاربات آراء الدول العربية وتخلف بعضها الآخر على الوقوف كوقفة رجل واحد أمام تيار التغريب وتفتيت الأقطاب من أجل رصد تعددها على نحو يفتح المجال أمام دول أخرى لتنضم الى تحالفات كبرى مع الصين وروسيا وايران وغيره من الدول الكفأة، لا يمكن وصف ما يحدث الى أنه مجرد عملية تعددية للأقطاب بل هناك أمر جد هام هو أمر رباني يتماشى مع المسببات التي أودعها الخالق في ملكوته ولا يسعنا الا أن نعود لتفسير القرآن وتحليل الأحاديث النبوية الشريفة لاستلهام ما يمكن فهمه من تحورات بنيوية بعضها آيل للزوال والبعض الأخر للتجديد بصفة النمو المتناهي الأبعاد و بالإمكان بطبيعة الحال حدوث طفرات عالمية قد تسبب بعض الخلل الغير محمود العواقب، لا يمكن رده لسوء تقدير في الحسابات فقط بل لأن القدرة الإلهية ستتدخل بإرادة الله لتنصف بعض من تخلفوا عن عملية التقدم للأمام بفعل فاعل وفي الجهة الأخرى منح فرصة للراغبين في أن يتسلقوا المجد حقيقة بعد أن تم اقصاؤهم عمدا.

طبعا في هذا المقام أنا لا أمزج بين قضايا شخصية فردية قضايا عالمية لكن أعتبر أن التمازج بينهما في كل بقعة من بقاع الأرض مهم لحدوث ما يسمى التوازن العالمي البيئي خاصة أن علامات التغيير الجوي لها تأثيرات واضحة على الزرع والحيوان والانسان وعلى العارفين في الأمر ان يقدموا البدائل من الخطط و الاستراتيجيات لاحتواء الاثار من ذلك ،ولا أجد رؤية استشرافية صالحة لذلك لأن بعضا من هذه التغيرات ستكون عقوبة للبشرية نزير افسادها في الأرض و البعض الآخر سيكون فرصة للعاطلين عن الطموح أن يجددوا طموحهم مرة أخرى بعد ان تم وأده من طرف أعداء النجاح.

ان ما يحتاجه المجتمع المدني اليوم هو فكر نظيف متزن صادق شفاف لا رياء فيه ، وعدالة يفترض فيها القول الفصل للمظالم بشتى الطرق المؤدية للنصر الحقيقي والا فلن تكون هناك قيمة للتفكير الذي يريد أصحابه البناء ويرفض الهدم لأن فوارق التصحيح موجودة لدى الكل، وهذا الكل متنوع منه القيادي السياسي والطبيب والمهندس والفلاح والحارس ومنظف القمامة وغيرهم كثر.

لا يهم أن نجري اسقاط الأحداث العالمية من بحث عن تسوية في منطقة القوقاز مثلا بإنجاح القمة العربية في الجزائر ليتحقق ما يسمى التوازن العالمي ،هذه مجرد شكليات لأن البعد الحقيقي للعملية أعمق بكثير ويحتاج الى رواد حقيقيين نتوسم فيهم صفات الحنكة والحكمة والثبات والصبر وعدم تحقيق الخطط على حساب آهات الغير من هم مستضعفون بل النصر يتم بهم وبرفقتهم ولذلك ستتطور الحاجة لخلق ميكانيزمات قيادية عالمية الى نوع من التحديث الهادئ والمرن بلا دخول في صراعات و لا خلافات لأن هذا من شأنه أن يزيد في فجوة الخلاف وبالتالي تتبدد الجهود وتضيع الفرص وعلى من خطط للنجاح أن يتحمل مسؤولية الإخفاق في أحد أركان التفكير التي تمت المبالغة فيها بتحقيق النصر مهما كان الثمن.



   نشر في 01 نونبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا