هل التفسير الديني ناقص فعلاً؟!
هل التفسير الديني لخلق الإنسان متخلف وناقص وغير علميّ ولا تجريبي؟
نشر في 08 شتنبر 2018 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
ببساطة، المشكلة الحقيقيّةَ التي تواجهُ النظرة الإسلاميّة هي عدمُ تأطيرِها بما يتناسبُ مع تغيّرِ النظرة البشريّةِ في السنواتِ الأخيرة..
لم تعُد الخطابات العاطفية والملحمية تجدي نفعاً أمام التحول الهائل للدليل العلمي باتجاه المنحى التجريبيّ والرصديّ..
الفكرُ سابقاً -على بساطتهِ- كان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالروحانية والشاعرية والفلسفة والمنطق؛ كان يسهلُ مثلاً على خطيبٍ مفوّهٍ أن يقلبَ رأي المجتمع تجاهَ قضية ما بمجرد إلقاء خطبة تمس شغاف القلبِ..
ورغم أن هذا الفكرَ -بمعاييرنا الحالية- لا يصحّ كدليل منهجي لقضية ما؛ إلّا أن النظرة الإسلاميّة أحسنت استخدامه كعاملٍ محفز للدليل التجريبيّ، وساوت بين الأدلة العلمية والادلة العقلية بالتقوية والتضعيف؛ فنتج عنه نظام علمي متكامل نشأت عليه حضارة عظيمة..
في المقابل، ف قد أساءت الكنيسة المسيحية في اوروبا استغلال الدليل العقلي واكتفت بضرب الدليل العلمي بعرض الحائط كلما اختلف (ولو شكلياً) مع جزئية ما في العقيدة؛ ومن ثمّ فإنّ هذا التناقضَ أورثَ نقمةً وانعدام ثقة على النظام العلمي ككلّ؛ أدى في نهاية المطاف إلى التخلي عنه تماماً وتشكيل نظام جديدٍ مبني على الدليل التجريبي فحسب دون حساب أي قيمة للدليل العقلي والفلسفي على الاطلاق.
ولا ريبَ أن خطأ هذا النظام فادحٌ (وإن لن يكن بفداحة الذي سبقه) كونَ الدليل العقلي والفلسفيّ هو السبيل الوحيد للفصل في كثير من القضايا التي تقع خارج حدود العلم التجريبيّ تماماً..
نتج عن ذلك أن العلم اليوم وقف عند حدود الدليل التجريبي ولم يتقدم بعده؛ وكل محاولة كانت لتفسير الظواهر الميتافيزيقية كانت -باعتراف العلماء التجريبيين أنفسهم- سخيفة وسهلة الدحض لاعتمادها الاسلوب التجريبي في مجال غير تجريبي بحت.
تحكّم النظرة الغربية بالعلوم حالياً وهيمنتها العلم التجريبيّ على العالم أدى إلى تهميش الرؤية الإسلاميّة عن الواجهة العلمية، ساهم في ذلك طبعاً اتباعُ الكثير من المشايخ في العقودِ المنصرمةِ لنهجِ الكنيسة المسيحية إياه في ضرب الأدلة العلمية بعرض الحائط إذا لم تتوافق مع فهمهم الشخصي للآيات والأحاديث.
وبالتالي فإن الحلّ يبدأُ من تنقيحِ العلومِ مجدداً بالطريقة الحديثة التجريبية ومشاركة الباحثين المسلمينَ بشكلٍ فعال في العلوم التجريبية لتأسيس قاعدةٍ علمية يمكنُ الاعتماد عليها في المجتمع العلمي،
ثمّ طرحُ الفكرِ الإسلامي ونظرته تجاه القضايا الميتافيزيقية كخطوة لاحقةٍ لا سابقة..
أمّا أن نحمل السلم بالعرض، ونفرِض رؤيتنا -التي غالباً ما تختلف بين جماعاتنا المتناحرة- كتفسيرٍ للظواهر الطبيعية للعالم أجمع، ثم نستنكرَ أنّ العالمَ أجمعَ على جعلنا مادة للسخرية في وسائل التواصل الاجتماعي،
فهذا هو عين التخلف والنقص والرجعية!
-
محمد بكريأكتب لي، لنفسي، لذاتي ولروحي، ثم لكم.
التعليقات
ممتاز...رائع
مصطلح التخلف ومصطلح الرجعية اريد معناهما وتاريخهما ومبتدعهما .