ردالاعتبار في الجزائر بين تسويف البشر ووعد الله الحق - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ردالاعتبار في الجزائر بين تسويف البشر ووعد الله الحق

سميرة بيطام

  نشر في 06 مارس 2023  وآخر تعديل بتاريخ 19 يناير 2024 .

لاتزال بعض الأمور مبهمة في الجزائر فيما يخص رد الاعتبار لمن تم تهميشهم أو ظلمهم بأي شكل من الأشكال ، وفي ذلك رافع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أنه مهتم بكرامة المواطن ويدافع عنها ، والكرامة كلمة شاملة لكل ما يمت للحق من صلة ثم حرص الرجل الأول في البلاد على وضع اللبنات الأساسية لحماية هذه الكرامة انما هو إقرار أن سلوكات الماضي البائد لن يكون لها وجود في ظل بناء دولة تؤمن بالانصاف لرد الحقوق ، عبر مسار الجزائر الجديدة التي تريد تطليق كل المظاهر السلبية التي لم تسعد المتطلعين لها فتمنوا ولا يزالون يمتنون أن يروا بلدهم تواكب التطور مع دول أخرى ويستبشرون خيرا بالخطوات التي قام بها شرفاء الوطن نحو تحقيق ما تم رسمه ،بالرغم من بقاء بعض الأمور التي تسيل بعضا من المداد ، مثل قضية تهميش النخبة تحت أي طائلة من الأسباب الملفقة ، فلا نعلم في ذلك السر الحقيقي وراء تأجيل رد الاعتبار رغم قيام الأعذار الإيجابية المدافعة عن الحق أوربما هي أقدار ربانية لم تأذن بعد لتحقيق المراد.

الكل يعلم أن العدل هو أساس قيام الدول القوية التي تتطلع لتثبيت الحقوق باسم القانون وباسم القيم والتقاليد أو لنقل باسم العرف ، فلا تجد في مناحي الحياة لدى الغرب أو الدول الإسلامية الا وتبحث في ملفات قضاياها عن ثقل العدل لديها ،اذا ما كانت تستند في الانصاف للقانون الوضعي أو أنها تباشر الانصاف وفق مبادئ الشريعة الإسلامية ، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم" أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه" ،ولو أن هذا الحديث هناك من يرآه ضعيفا لكنه يغني عن حديث آخر صحيح بقول النبي صلى الله عليه وسلم" ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ، ومن كنت خصمه خصمته ،رجل أعطي بي ثم غدر ،ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" ، الواجب يعطى أجره ولكن كونه يبادر قبل أن يجف عرقه هو حديث ضعيف مثل ما ورد في إجابة عن سؤال مدى صحة هذا الحديث في موقع الامام بن باز .

لكن ما يهمنا نحن في هذا المقال المتواضع هو مسألة رد الاعتبار والذي قسمه البعض الى رد اعتبار قانوني وقضائي وهو مجموعة الإجراءات المتبعة أمام جهة قضائية للمطالبة بحكم يتضمن رد الاعتبار أي إيلاء الحق مع الاعتراف بأحقيته لصاحبه لما فيه تلطيف لنزعة الشعور بانتقاص هذا الحق بلا وجه حق بل في الأحقية في امتلاكه ، ومسألة أحاديث رسول الله فيما يخص إعطاء الحق لأهله هي حجة دامغة لقيمة هذا الحق الذي هو لصيق بالشخصية ولا يمكن الفصل عنها تحت أي ظرف كان ،هذا من جهة ومن جهة أخرى كما سبق وقلت في تصريح رئيس الجمهورية باعتباره المسؤول الأول في البلاد هم إقرار لقيمة كرامة المواطن أو الفرد الجزائري معترفا في ذات الوقت ان تفاصيل الأمور تهمه و هذا للوقوف على ملابسات الانقاص من هذه الكرامة التي صانها الدين و الدستور معا ، مما يجعل مسألة رد الاعتبار يُنظر اليها من جوانب عدة الا أن المسؤول في منصب وزارته والعامل البسيط في مهنته لم يستوعبا معنى رد الاعتبار حين يتم الاخلال به أو حين يمرر الوقت في رده في أوانه تحت طائلة مسمى التسويف وهذا السلوك غالبا هو لصيق بالمسؤول الذي تؤول اليه عمليات حل النزاعات من خلال مختلف الطرق والمستويات، فمن كانت مهمته استقبال شكاوي المواطنين ورسائلهم فحد المسؤولية يقف عند وجوب الرد على الاهتمام أو الانشغال وعدم اهمال مضمون الارسالية حتى لو كان سلبيا خاليا من دعوى الحق المرفوعة باسم تظلم أو شكوى والمرفوقة بوثائق هي بمثابة أدلة وتوضيحات أن الضرر قائم وانتقاص الحق تم بايعاز، هنا نقف وقفة متساءل :

لماذا في الجزائر وفي الدول العربية يترنح رد الاعتبار بين التسويف لكنه يثبت بوعد حق مصداقا لقوله تعالى " ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون " سورة النمل الآية 48 بمعنى ثبت الحكم عليهم لكنهم لا يعترفون لما فيه من مضرة الخوف من العقاب أو المتابعة لمعرفة ملابسات سلب الحق أو انتهاك العرض بتلفيق التهم والفتن سعيا ومحاولة لانقاص قيمة من هو قائم عليه الاتهام أو محاولة لصرف النظر من أنه ذات قيمة معنوية في مجتمعه أو أنه أهل لمكانة ورتبة وقيمة ،ليأتي الظلم فيغطي كل هذه الأحقية بدواعي عدم الأحقية أو عدم الأهلية أو غيره من الأسباب التي تنفى عن من هم غير مؤهلين الامتناع فيصبحون مخولون بلا وجه حق ومرتقون بلا زاد أخلاقي كاف ، فتختلط أمور التقييم فيصبح من لا مؤهلات له هو المثبت في منصبه ومن لا كفاءة له هو المترقي في رتبه ومن لا صفات أخلاقية في سيرته الذاتية والعملية هو من يأخذ مكان هذا ويسكت عن الاعتراف أنه غير كفأ، لذلك تأتي مسألة رد الاعتبار عند انتهاك الحقوق واقعة بين تسويف العباد ولكنها تبقى قائمة الاقرار وبيقين بوعد حق مصداقا لقوله تعالى " واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يُظلمون "سورة البقرة الآية 281، كذلك قوله تعالى " فاصبر ان وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور" سورة فاطر الآية 5، وفي نفس السياق من وعد الله المتكرر قوله تعالى " فاصبر ان وعد الله فلا يستخفنك الذين لا يوقنون" سورة الروم الآية 6 ،والتشابه في أن وعد الله قائم بتأكيد الهي لمن لم يأخذ حقه في الدنيا أن هناك حساب وجزاء، والصبر مطية الظفر بهما، لذلك ستظل مسألة رد الاعتبار التي تتعرض للتسويف والتماطل في بعض القضايا هي بمثابة الفصل الحق عند الله والله لا ولن يخلف وعده لعباده لأن فيه تجاوز والله حرم ومنع الظلم والتجاوزات ولأن فيه طرف متضرر والله حفظ له كرامته فلا يجوز للمسلم أن يتعدى على أخيه المسلم بغير وجه حق..أما التسويف فهو عادة في بعض سلوكات البشر الذين ألفوا وتعودوا أن لا رقيب عليهم ربما ليحاسبهم على عدم آدائهم لمهامهم المنوطة بهم أو ربما لشعورهم أو لمعرفتهم أن الإقرار بضرورة رد الاعتبار ستفتح أبوابا للمحاسبة والمكاشفة ويفضل هذا النوع من المسؤولين أن تبقى عالقة بلا فصل ولا مباحثة ولا تقدير لقيمة الضرر فيها ،لنتحول بنظرة الباحث المتفحص لكلام الله أن ثمة جد بوعد حق أن الصابرين سيوفون أجرهم بغير حساب و لن تستفيد البشرية من مسألة التسويف سوى الخزي والملامة والندم ودفع ضريبة التسويف عاجلا أو آجلا.



   نشر في 06 مارس 2023  وآخر تعديل بتاريخ 19 يناير 2024 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا